23 ديسمبر، 2024 5:50 ص

دور الدول العربية في الارهاب والحروب الداخلية

دور الدول العربية في الارهاب والحروب الداخلية

لقد ادى حصول التبدلات التاريخية الكبيرة في الوطن العربي على الصعد السياسية والامنية والاجتماعية بعد دخولنا الالفية الثالثة الى صعود ما يسمى في الادبيات السياسية بـ (الاسلام السياسي) الى الواجهة بشكل كبير وسيطرته على مقاليد السلطة في عدد من الدول العربية المهمة ونشوء تنظيمات مسلحة مستندة على ( الموروث الاسلامي ) . وانجرت الدول العربية جميعها بشكل او اخر الى ان تكون ساحة للارهاب فان التنظيمات الاسلامية السياسية والمسلحة قد امتدت اليها وشكلت فيها وجودا يتلائم مع الوضع السياسي لكل بلد من جهة ومع قوة ونوع توجه هذه التنظيمات من جهة اخرى .
ويمكن ان نقسم تواجد هذه التنظيمات على وفق عملها بالشكل التالي :
1- تنظيمات العمل الحزبي السياسي العلني حكوميا او برلمانيا او اعلاميا كما في مصر والعراق وتونس والكويت السعودية
2- العمل التوعوي كما يسمونه في مساجد معروفة التوجه وتحت علم الحكومات واحيانا حتى دعمها .
3-  العمل ( الخيري ) من خلال الجمعيات التي تتخذ عناوين لاتوحي بحقيقة مضمونها المتشدد توفر الدعم المالي للتنظيمات المسلحة .
4- الخلايا النائمة التي تعمل بتوقيتات مخطط لها  وتنتظر التوجيهات لتقوم بادوارها المرسومة لها من تظاهرات او تفجيرات او اغتيالات او اعلام فتنة وما شابه.
5- تجنيد المقاتلين والانتحاريين من قبل اشخاص او تنظيمات او خلايا سرية وتصديرهم الى الدول المشتعلة بالحروب الداخلية للانتماء الى التنظيمات المسلحة العاملة فيها .
والخارطة السياسية لتوزيع الاحزاب الاسلامية على الدول العربية واضحة لان عمل هذه الاحزاب علني وميداني ومشارك بفاعلية في احداث بلدانها كما في مصر والعراق التي دخلت في حكم الاسلام السياسي الا ان الشعب المصري استطاع اسقاطه بعد عام عن طريق الجيش المصري وكذلك الشعب التونسي استطاع تغييره الى حكم مدني عن طريق الانتخابات اي ان هاتان الدولتان جربتا الحكم الاسلام السياسي ولكن شعبيهما انتفضا على الواقع الجديد وتم تغييره بينما شعبنا العراقي على العكس تماما اكد توجهه وباصرار الى احزاب الاسلام السياسي السنية والشيعية فاعادها الى السلطة من خلال الانتخابات بل انه ثبتها الى سنوات بعيدة لاحقة
ومن جهة اخرى يمكن ان نرسم خارطة للدول العربية تعتمد على نوع تواجد التنظيمات الاسلامية المتشددة مسلحة كانت او (سلمية) علنية كانت او سرية.
 فالعراق الذي اعلنت فيه داعش خلافتها الاسلامية في عام 2014 كان قد خاض قبل ذلك بسنوات قتالا داخليا طائفيا وصارت مدنه وشوارعه واسواقه ساحات مهمة لعمل تنظيم القاعدة الارهابي وحصلت تفجيرات كبرى ادت الى استشهاد وجرح الالوف ووصل الاحتقان الطائفي بين الشيعة والسنة الى اقصى مدى له ومازال الاوضاع بعيدة عن الاستقرار حيث تتواجد داعش في اكثر من محافظة عراقية وتخوض القوات العراقية العسكرية والشعبية (الحشدالشعبي) وابناء القبائل ضدها حربا شرسة . ولم تسلم مصر من الاعمال الارهابية وخاصة في سيناء ويبدو انها تسير باتجاه يجعلها ساحة للتنظيمات المسلحة حيث كثرت فيها التفجيرات والاغتيالات . بينما دخلت الصومال وسوريا واليمن وليبيا وقريب من اوضاعها وبدرجة كبيرة مملكة البحرين في نزاعات وحروب داخلية هشمتها وجعلتها دولا صورية لاتقوى على القيام بواجباتها ومسؤولياتها الداخلية والخارجية بشكل مستقل عن الارادة الدولية ولا حتى الاقليمية ولن تستقر احوالها في المدى القريب .واما لبنان والاردن فانهما على حافة الاشتعال لوجود تنظيمات اسلامية تكفيرية متشددة قوية في الاردن تقوم بين الفترة والاخرى باستعراض عضلاتها عن طريق التظاهرات الكبيرة وتمارس نشاطاتها في المساجد والجمعيات والتجمعات الشعبية وفي لبنان يوجد احتقان طائفي واضح بين السنة والشيعة يتطور الى صدامات هنا وهناك ويبدو ان الشعب اللبناني لم يستفد من الحرب الاهلية التي عصفت به بعد اشتعالها في منتصف السبعينيات من القرن الماضي وانتهت بعد اكثر من 15 عاما بتوقيع اتفاق الطائف بين المتحاربين . بينما نجد دولا كانت امنة الا ان يد التنظيمات الارهابية قد امتدت اليها كما في السعودية والكويت التي تحفل ساحتها السياسية والبرلمانية والاعلامية بوجود تمثيل ودعم لهذه التنظيمات يرافقه عمل (توعوي) داعم لها من خلال المساجد في حين تهيء السعودية الدعم الفتوائي والتبريرات الشرعية لممارسة التنظيمات المسلحة دورها في الدول العربية ويرتد الى ساحتها هذا الدعم بين فترة واخرى .وتمثل المغرب والجزائر والسودان ساحة عمل لخلايا ارهابية وتنظيمات مسلحة تقوم بعملية تجنيد المقاتلين والارهابيين وتصديرهم الى ساحات القتال في الدول العربية المشتعلة ويمكن اعتبارها مع قطر والامارات وجيبوتي وعمان وموريتانيا دولا ذات اوضاع امنية مستقرة بشكل واضح ولكن الجزائر والسودان مهيئة اكثر من الاخريات ان تتحول الى ساحة صراعات داخلية تلعب فيها التنظيمات الاسلامية المسلحة دورا رئيسيا .  ولابد من القول ان السعودية والامارات وقطر تعد الدول الداعمة ماليا الرئيسية للتنظيمات الاسلامية المسلحة التي تقاتل حكوماتها وكذلك لاحزاب الاسلام السياسي المتصارعة على السلطة في العراق ومصر وتونس كما تعد هذه الدول ساحة عمل مهمة لـ (التوعية الجهادية) التي تمارس بشكل علني في مساجدها من اجل ادامة زخم القتال في الدول العربية الاخرى كذلك تمارس فيها نشاطا واضحا الجمعيات (الخيرية ) التي فقدت كل خير فيها والتي يمكن ان تكون واجهة لدعم حكومي غير معلن لحمامات الدم العربية .
ومما يجب ذكره ان الدول العربية الداعمة للارهاب وللتنظيمات المسلحة ولاحزاب الاسلام السياسي من اجل ادامة الفتنة الداخلية في الدول العرية الاخرى لم تقدم المعونات ولو بنسبة ضئيلة الى الحركات الفلسطينية المسلحة التي تجاهد العدو الاسرائيلي المحتل بل العكس من ذلك انشات خلايا نائمة في فلسطين لتصدير المقاتلين والارهايين الى العراق من اجل ان تبقى اسرائيل في مأمن ورخاء …
فالى اين يسير دولاب الدم العربي وما المتوقع له …