على الرغم من ان التنظيمات الجهادية نفذت عدة هجمات ارهابية في مناطق مختلفة من العالم كان اكثرها دموية التي استهدفت الولايات المتحدة في 11 سبتمبر 2001 لكن للان لن يلمس المجتمع الدولي اي جهود منظمة وجادة تتناسب وخطورة انتشار وتمدد تلك الجماعات التي اصبحت مصدر تهديد للسلم العالمي.
هجمات باريس جددت ذات اللهجة والوعيد والتهديد التي اطلقتها الولايات المتحدة عقب اعتداءات سبتمبر لكن لن تزيد هذه التهديدات الاعلامية الارهاب الا قوة وانتشار في اوروبا واميركا امام مسمع ومرآى اقوى اجهزة المخابرات العالمية.
ان النظرة القاصرة التي قادة اوروبا واميركا الى التعامل مع التنظيمات الارهابية واستخدامها لضرب مايعرف بخط المقاومة الذي يبدأ من ايران باتجاه جنوب لبنان مرورا بالعراق وسوريا كما اسهمت بالسابق في دعم طلائع “القاعدة” في افغانستان لانهاء التواجد الروسي فيها ، الامر الذي جعل من تلك العصابات ان تسيطر على مناطق حيوية في سوريا والعراق وتعيد بناء تنظيماتها بشكل اقوى في المشرق والمغرب العربي في خطة لاعادة رسم خارطة جديدة لشرق اوسط برسم اميركي – اوروبي يضمن تأمين قوتهما لحماية مصالحهما الاقتصادية على حساب امن واستقرار المنطقة برمتها.
لقد ظهرت اميركا واوروبا مضطرة منذ اكثر من سنة الى شن حرب باردة ضد تنظيم “داعش” في محاولة لايهام الرأي العام لديها بانها تعمل للقضاء عليه ، لكن المعسكر الشرقي الذي اصبح اكثر المتضررين من ادامة وتوزان تلك الحرب في سوريا والعراق اضطر بالنهاية الى قلب الموازين من خلال اعلان تحالف دولي اخر تقوده روسيا بالتعاون والتنسيق مع ايران
وسوريا والعراق وكانت ضرباته الاولى اكثر وقعا وتاثيرا من الضربات التي يشنها التحالف الدولي الذي تقوده اميركا منذ اكثر من سنة مما اثار جملة من الانقسامات الدولية والخلافات السياسية بالمنطقة التي تحاول ان تستفيد التنظيمات الارهابية منه في ادمة نفوذها بالمنطقة.
بعد فشل المخطط الشرق اوسطي الجديد وعشية اعتداءات جمعة باريس الدموية اصبحت اوروبا واميركا امام مواجهة حقيقية مع شعوبهم والرأي العام الدولي التي تتطلب اجراءات جادة وعاجلة في التعامل مع خطر الارهاب سواء في بلدانهم او خارجها لاسيما في سوريا والعراق المعقل الرئيس للارهاب الدولي.
يبدو لي ان المشهد الباريسي الدموي سيدفع ألزاماً التحالف الغربي الى توافق مع التحالف الشرقي للخروج من نمطية الحرب الباردة في مواجهة الارهاب الى تعاون لوضع نهاية سريعة لسيناريو المعركة المستدامة مع الصنيعة “داعش” التي تستمد قوتها من غطاء غربي وتمويل خليجي.