ثمة فلسفة مشتركة للخطاب الاعلامي الخاص بمعظم القنوات الفضائية العراقية .
هذه الفلسفة تتمثل بالتركيز على الطرف السلبي في الثنائيات السائدة بعموم الحياة وعلى امتداد التاريخ (الخير. الشر)( البناء.التقويض) ( الجمال. القبح) …الى اخره.
وبالتأكيد فأن مبررات الدفاع عن مصالح المجتمع في صراعه مع السلطات بمختلف مسمياتها هي اللافتات التي تتشكل تحتها اساليب صياغة ذلك الخطاب وطرق تمريره . وهي مبررات اكتسبت منطقيتها من خلال فشل القوى السياسية المتحكمة باوضاع المجتمع في استغلال الظرف الذي استجد بعد سقوط نظام صدام حسين في اقامة نظام ديمقراطي حقيقي تسوده العدالة الاجتماعية والاستقرار الامني وتحسين مستوى معيشة المواطنين .
غير ان غض النظر عن الطرف الايجابي في تلك الثنائيات والتركيز على السلبي فقط بدأ يرسخ في ذات الفرد العراقي حالة من السوداوية والتشاؤم وفقدان الامل ويحوله الى شخص متذمر شاك يائس غير مقتنع على الاطلاق بالمستقبل وما يأتي به عادة من متغيرات تعيد للحياة صورتها الطبيعية كما حصل في بلدان كثيرة تعرضت لنفس المنعطفات التاريخية التي تعرض لها العراق .
هذا التركيز المقصود على كل ماهو سلبي ترك مفعوله السيء حتى على الناس الذين يعيشون ظروفا جيدة من ناحية المعيشة، حيث تأثر هؤلاء بالصورة المعتمة التي واظب الاعلام على رسمها في غالبية برامجه ونشرات اخباره وتقاريره واستطلاعاته . وماعاد لديهم أي اقتناع في الوجه الايجابي الذي تحقق بعد 2003.
لقد تحققت المرامي البعيدة لتلك القنوات الاعلامية والمتمثلة بتحطيم نفسية الفرد العراقي فاستطاعت ان تجعل منه شخصية محبطة ساخطة فقدت ثقتها بكل شيء وهذا الحال تحديدا من الممكن ملاحظته بشكل يومي وفي كل مكان داخل العراق .
ان الاشارة الى هذا الامر لايقصد منه تبرئة المشهد السياسي بعموميته من افرازاته الرديئة التي جلبت الكثير من المشاكل للمجتمع ، وانما التنبيه الى خطورة اخرى لاتقل في سلبية نتائجها عما جلبته العملية السياسية من سلبيات مدمرة جدا .