9 أبريل، 2024 1:28 ص
Search
Close this search box.

دور ألولايات ألامريكية ألمتحدة في نشأة ألتطرف الإسلامي – 2

Facebook
Twitter
LinkedIn

ألجامعة ألأسلامية في حضن ألإستعمار:

يتناول ألمؤلف روبرت دريفوس في ألفصل ألأول من ألكتاب نشأة ألجامعة ألأسلامية ودور ألإستعمار ألبريطاني في هذا ألنشوء.

في بداية ألفصل يركّز على دور جمال ألدين ألأفغاني وتلميذه ألشيخ محمد عبدة في زرع بذور فكرة ألجامعة ألأسلامية، كما يتناول تأريخ حياة جماألدين ألأفغاني وتحركاته بين عواصم ألدول ألعديدة وعلاقاته مع بريطانيا وفرنسا وروسيا وإيران والسعودية وألهند ومصر وألدولة ألعثمانية.

يقول ألكاتب في بداية ألفصل:

” قبل مائة عام من إطلاق ألمبادرة ألسرية من جانب ألمسؤلين في حكومة ريجان ألموجهة لآية ألله ألخميني في إيران، وبألتحديد في عام 1885، وقبل قرن من إنفاق أمريكا مليارات ألدولارات لدعم ألجهاد ألأفغاني بقيادة ألمجاهدين ضد ألأتحاد ألسوفيتي ألسابق، ألتقى ناشط أفغاني إيراني في لندن مع ألمخابرات ألبريطانية وألمسؤلين في ألخارجية لوضع فكرة مثيرة للجدل.

تمثلت ألفكرة في تساؤل ألناشط عن مدى إهتمام بريطانيا بإقامة جامعة إسلامية تضم مصر وتركيا وإيران وأفغانستان ضد روسيا ألقيصرية؟

كان هذا هو عصر أللعبة ألكبرى ألذي أتسم بألصراع ألأستعماري ألطويل بين روسيا وبريطانيا للسيطرة على وسط آسيا.فقد كان ألبريطانيون قد تمكنوا من ألسيطرة على ألهند، وعلى مصر كذلك في عام 1881 (ألدقيق هو 1882).

وكانت تركيا ألعثمانية ألتي شملت أراض أخرى ضمت في ألوقت ألحاضر ألعراق وسوريا ولبنان وألأردن وفلسطين وألسعودية ودول ألخليج، في وضع مهتز أيضا وكانت أجزاء من تلك ألأراضي جاهزة للضم وألسيطرة رغم أنّ حل ألممتلكات ألتركية سوف يستغرق وقتا حتى ألحرب ألعالمية ألأولى.

وكان هناك إندفاع كبير للإستيلاء على ألأراضي في أفريقيا وجنوب شرق آسيا وكان ألبريطانيون يفكرون في تعزيز فكرة إحياء ألإسلام في ضوء حقيقة كونهم خبراء في أللعب على أوتار ألقبلية وألعرقية وألأنتماءات ألدينية والوقيعة ألشديدة بين ألأقليات من أجل مصلحة جلالة ألملكة ألمعظمة ملكة بريطانيا، خاصة إذا كانت تلك ألفكرة تخدم أغراضهم ومصلحتهم.

وكانت نفس ألفكرة تراود كلا من روسيا وفرنسا لكن ألبريطانيين هم ألذين كانت لهم ألغلبة بفعل خضوع ألملايين من ألمسلمين في ألشرق ألأوسط وجنوب آسيا لهم.

وكان من أقترح فكرة ألجامعة ألإسلامية عام 1885 هو جمال ألدين ألأفغاني. ( أعتمد ألمؤلف على كتاب إيلي خدوري في هذه ألفقرة ).

ومنذ سبعينات ألقرن ألتاسع عشر إلى تسعيناته أيدت ألمملكة ألمتحدة ألأفغاني أو كما يوضح ألتاريخ على ألأقل مرة واحدة في عام 1882 في ألهند وفق ما جاء في ألسجل ألسري لمخابرات ألحكومة ألهندية، فقد عرض ألأفغاني رسميا أن يذهب إلى مصر في صورة عميل للمخابرات ألبريطانية.

ويعتبر ألأفغاني مؤسس ألجامعة ألعربية ألجد ألأعلى لأسامة بن لادن، ليس من ألناحية ألفعلية وإنما من ألناحية الإيديولوجية.

وكانت ترجمة تساؤلات ألبريطانيين حول إنشاء أليمين ألإسلامي تسير غلى هذا ألمنوال:

ألأفغاني (1838- 1897) يلهم محمد عبدة (1849- 1905) وهو ناشط مصري يؤيد ألجامعة ألإسلامية وكان تلميذ ألأفغاني ألأول وساهم في نشر رسالته. وعبدة يلهم محمد رشيد رضا (1865 – 1935) وهو تلميذه ألسوري ألنجيب ألذي أنتقل إلى مصر وأسس مجلة (ألمنار) للدفاع عن أفكار محمد عبدة في إنشاء ألجامعة ألإسلامية.

وألهم رشيد رضا تلميذه حسن ألبنا (1906 – 1949) ألذي تبنّى ألسلفية ألإسلامية من خلال مجلة ألمنار وأسس ألأخوان ألمسلمين في مصر عام 1928.

وتتلمذ ألعديدون على يد ألبنا ومن بينهم زوج أبنته سعيد رمضان ألمنسق ألعام ألدولي للإخوان ألمسلمين ألذي كان مقره في سويسرا، وأبو ألأعلى ألمودودي مؤسس ألجماعة ألإسلامية في باكستان وهي أول حزب سياسي إسلامي قام بناء على أفكار ألبنا.

وأنشأ تلاميذ ألبنا ألآخرون فروعا للإخوان ألمسلمين في مختلف ألدول ألعربية وألأوربية وألولايات ألمتحدة ذاتها.

ومن تلاميذ ألبنا ألنجباء كان رجل سعودي شارك في ألجهاد ألافغاني ألذي قادته أمريكا وهو أسامة بن لادن مؤسس ألقاعدة ألمنبوذ من عائلته.

وخلال ألفترة ألتي أمتدت لنصف قرن من 1875 وحتى 1925 تراصت لبنات بناء أليمين ألإسلامي بمساعدة ألأميراطورية ألبريطانية.

وأنشأ ألأفغاني ألبناء ألفكري للجامعة ألأسلامية تحت رعاية بريطانية ودعم من ألمستشرقين ألبريطانيين أمثال أي جي براون ومحمد عبدة تلميذ ألأفغاني ألنجيب، أللذين أسسا الحركة السلفية أو اليمين ألمتشدد ألقائم حتى ألآن بمساعدة ألقنصل ألمصري في لندن ولورد ايفيلين بارينج وأللورد كرومر.

ولكي نتفهم ألدور ألحقيقي لكل من ألأفغاني ومحمد عبدة من ألمهم أن ننظر إليهما على أنّهما تجارب في الجهود البريطانية ألتي استمرت قرنا من الزمان لأنشاء الجامعة الإسلامية ألمؤيدة من بريطانيا.

بعد سنوات من وفاة ألأفغاني كتب عشرات من رواة سيرته ألذاتية إنّه من ألمؤمنين ويدافع بضراوة عن نهضة ألإسلام ومناهض للإستعمار ويقاوم ألقوى ألعظمى ومصلح ليبرالي يسعى إلى ألمزج بين إسلام ألعصور ألوسطى وألعقلانية ألعالمية ألتنويرية.

ولكن من جانب آخر قال ألقنصل ألبريطاني ألعام في مصر في تقرير مخابراتي أنّ ألأفغاني أقصي من ألمحفل ألماسوني في ألقاهرة مؤخرا وكان عضوا في ألمحفل ألاسكتلندي ألعام ألذي تكوّن حول ألخرافات ألمزعومة للأهرام ألمصرية وما يسمّى(ألمعماري ألعظيم) وهو ألمفهوم ألماسوني للإله.

أيّد ألبريطانيون محمد عبدة رغم أنّهم أطلقوا برنامجين آخرين قبيل ألحرب ألعالمية ألأولى لحشد ألقوى ألإسلامية وتعبئتها.

وفي ألجزيرة ألعربية ساعد ألبريطانيون حفنة من سكان ألصحراء من أشد ألمتشددين ألعرب بقيادة عائلة أبن سعود وأقاموا أول دولة إسلامية متشددة في ألسعودية.

وفي ألوقت ذاته شجع ألبريطانيون ألهاشميين حكام مكة، ثاني عائلة عربية تدّعي ألأنحدار من نسل ألرسول محمّد، ونصبت لندن أبنائهم ليكونوا ملوكا في ألعراق وألأردن.

وكان يفترض أن يتولى ألهاشميون في ألأصل، بوصفهم حماة مكّة وألمدينة، قيادة ألعالم ألإسلامي تحت مظلّة فكرة إنشاء خلافة موالية لبريطانيا تحل مكان ألخلافة ألتركية ألمترنحة غير أنّ تلك ألفكرة لم تفلح على ألإطلاق وإن نجحت ألخطة ألموازية.

ومنذ عشرينات ألقرن ألعشرين صعد نجم ألدولة ألسعودية بمذهبها ألوهابي ألمتشدد ذو ألطابع ألسلفي وألذي أنخرط تنظيميا مع ألأخوان ألمسلمين على نحو عزز من عملية ألإحياء ألإسلامي.

في ألنهاية أنتشرت أفكار ألأفغاني ووجدت لها تربة خصبة على يد ألصحفي رشيد رضا مؤسس ألمنار ألتي قدمت أفكار ألأفغاني وعبدة للسلفيين ألمصريين وألاخوان ألمسلمين.

وفي ألوقت ذاته سيتوجه تركيز ألبريطانيين إلى صورة أقل غموضا من ألتشدد ألإسلامي في ألمرحلة ألتالية من سياستهم ألأستعمارية في ألشرق ألاوسط وهي صورة ألوهابية ألسعودية”.

يتبع….

المصادر:

لعبة ألشيطان – دور ألولايات ألامريكية ألمتحدة في نشأة ألتطرف ألإسلامي- ألمؤلف: روبرت دريفوس – 2005

ألناشر: مركز دراسات ألإسلام – تقديم ومراجعة: مصطفى عبدألرزاق – ترجمة: أشرف رفيق- ألطبعة ألأولى – سبتمبر 2010.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب