المملكة العربية السعودية… دولة القبيلة… وجيل من الأمراء الطامحون بعرشها … خيراتها وفيرة … وأراضيها شاسعة لكن مشاكلها لا تحصى وخاصة في الحرب المفروضة على سورية … فبعد أن تبددت الآمال وفشلت جميع الجهود التي بذلها الأمير بندر بن سلطان في توجيه وادارة المجاميع الأرهابية في سورية استلم الملف وزير الدفاع الأمير محمد بن نايف ويبدو أن التوجيهات السياسية قد تغيرت مع تزامن استمرار قصف (عاصفة الحزم) على اليمن وزيارته الى أمريكا جائت متزامنة و مترافقة مع تصريحات المسؤولين الأمريكان وصرخت الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بضرورة وقف القصف على اليمن وكذلك ما صرح به الرئيس الأمريكي اوباما (أن الخطرعلى السعودية يأتي من داخلها وليس من أيران) كما أنه يزمع التوجه الى الرياض ولربما سيجتمع مع دول الخليج ومع مصر أيضاً ( نعتقد انه سيركز على الوضع بالمنطقة و ضرورة التفاوض بين اليمنيين) لان الخلافات بدأت تظهر الى العلن كما ان الصراع الجيوسياسي بين السعودية و قطر عميق هو الاخر و في الواقع هو يمتد الى زمن بعيد ففي عام 1992 عندما حدثت معركة الحدود التي خسرت قطر فيها بعض العسكريين و تم على اثرها تغيير الحدود فمنذ ذلك الحين و السعودية و قطر يعيشان خلافات مزمنة سببها ان السعودية ترغب بممارسة دورها في عزل قطر سياسياً و في عام 1995 عندما كان والد الامير القطري يسكن في فندق الكونتيننتال في دبي و هو ينتظر العودة لاستلام الحكم في قطر.
الحقيقة ان السعودية عانت من ارهاب القاعدة و من الاخوان المسلمين بالذات, فقد حاولت دفعهم الى العراق و سوريا و كان العقل المدبر و الممول و الموجه هو الامير بندر بن سلطان و كان الهدف ان لا يعودوا الى السعودية مرة اخرى.. اما اليوم فقد تغيرت السياسة السعودية و نهجها بعد تسلم الامير محمد بن نايف وزير الدفاع الملفات و عند عودته من امريكا اصدرت السعودية لائحة الارهاب و اعلنت بموجبها ان الاخوان المسلمين و الحوثيين و حزب الله السعودي اضافة الى داعش و النصره هي منظمات ارهابية لكنها لم تتطرق و تذكر الجبهه الاسلامية كونها الداعم الرئيسي لها, اذاً ما هي تداعيات هذا التوجهه و دوافعه؟ هل هو حقيقي ام انه جاء فضفاضاً كما يقولون للتغطية على توجهات اخرى و لناخذ على سبيل المثال الاخوان المسلمين.
فالمعروف ان قطر و تركيا ترعيان الاخوان رعاية تامة و كانت لهم قطر المقر المؤمن و الممول الداعم و كان سيدهم يوسف القرضاوي يخطب في كل جمعة بالدوحة كما ان قادتهم يتنقلون بحرية بين قطر و تركيا و لهم جذور كبيرة متاصلة و خبرة واسعة بالعمل السري و يملكون رصيداً جماهيرياً لا يستهان به في مصر و تونس و الاردن و بقية الدول العربية, كما تقوم السعودية بدعم الرئيس المصري السيسي الذي يعتبر الاخوان منظمة ارهابية محظور نشاطها في مصر… الامر الاخر المحير ان الجبهة الاسلامية و توابعها جيش الاسلام و حركة احرار الشام تدعمها السعودية بقوة اضافة الى ان هناك وجود لتنسيق و تعاون بين جبهة النصرة المصنفة ارهابياً و الجبهة الاسلامية, فكيف ستتم المجابهه اذاً و كذلك المعالجة؟ هل ستفصم العلاقة و تتفكك بين المنظمتين على ارض سوريا؟ هذا اضافة الى ان الاخوان المسلمين يحتلون مركزاً حيوياً في المجلس الوطني السوري, فماذا ستفعل السعودية؟ هل ستطلب اقصاء الاخوان المسلمين من المجلس؟ اذا من سيبقى و يقاتل؟
هذه امور امتدت تداعياتها من خلال خلافات السعودية مع قطر الى خلافات مع الاخوان المسلمين اضافة الى تواجد الاخوان الكثيف في الدول العربية كما اسلفنا, فما هو الموقف من تلك التنظيمات و الحكومات؟
لازالت قطر ترفض سياسة الاملائات و ازمة اليمن تتصاعد و احتمالات ان يصيب شررها السعودية في القلب اظهر ذلك الخلاف الكبير في المواقف ( صحيح ان القرضاوي لم يلق خطبة الجمعة منذ اسبوعين) و ان قطر اخرجت بعض قادة الاخوان و ارسلتهم الى تركيا لكنها لم تستجب لشروط السعودية (و للضغط عليها تم سحب بعض سفراء دول الخليج من قطر) تشترط السعودية على قطر:
1- سحب الدعم للاخوان المسلمين.
2- اقفال بعض من مؤسسات الفكر في قطر.
3- تقليص الدعم للحركات التي تقاتل في سوريا.
4- ايقاف انشطة الجزيرة الاعلامية.
فهل ستستجيب قطر بابعاد المروجين للارهاب و ايقاف الدعاة و مواجهة الاحداث و وضع استيراتيجية التصدي لمفاجئات المستقبل؟
و بالمناسبة نجد ان الامارات العربية عملت على اخراج التهمة الموجهة لها بحجة ان المدعو (مروان الشحي) و هو امراتي الجنس قد ساهم في هجوم 11/9/2001 و قد دفعت الامارات 15 مليار دولار ثمن الغاء التهمة كما ان احداث اليمن دفعت بعض الدول الى التحرك لتقليص فجوة الخلافات بين السعودية و قطر و كذلك عدم السماح بتوسيع الازمة بين ايران و السعودية و دول الخليج و هذا التوجه تنشط بالعمل عليه الجزائر من خلال التقريب بين السعودية و ايران و كذلك دولة عمان فلها ادوار مشهودة بكل تلك التحركات.
فهل ستقبل قطر بشروط السعودية المدرجة بلائحة الارهاب؟ ام انها ستتجاهلها و تعتبرها مجرد لائحة فضفاضة لا تعرقل توجهات قطر و لا تدفع السعودية الى فرض التفاوض تحت القصف الجنوني على اليمن.
فهل ستتراجع السعودية عن مواقفها اتجاه سوريا و تصطف مع مصر الداعية الى ايجاد حل سلمي لها او تتوقف عن تقديم المال و السلاح و هل ستتوجه قطر الى التعاون و خلق اصطفاف جديد مع ايران جديد؟ فهناك عقبة عدم ثقتهما بقطر نتيجة لمواقفها.
النار بدأت تظهر شررها على الساحة الخليجية فهل سيتحقق السلام في ربوع سوريا؟ و يتوقف القصف على اليمن بعاصفة الحرب بالوكالة على شعوب تحب الحياة و تكره الحروب؟
سنرى…