18 ديسمبر، 2024 9:54 م

عندما دخلت عناصر داعش الى الموصل في العاشر من حزيران عام 2014 اثارت الرعب في المناطق التي يسكنها الشيعة والمسيحيون والايزيديون والشبك، حيث قامت بقتل العديد منهم وتهجير الآخرين من المدينة واقضيتها ونواحيها وقراها، بمعاونة بعض من آمن بفكرهم وباع دينه والتحق بهم من اهل المدينة واطرافها.. فكان الناس يهربون من بيوتهم ومدنهم تاركين كل شيء، حتى وثائقهم الرسمية لم يتسن لهم حملها معهم، على انهم تركوا أموالهم ومدخراتهم، وحين دخل التنظيم الى تلك المناطق استولى على بيوت الناس وأثاثهم واموالهم، واسكن فيها عناصره المجرمة التي اتى بها من شعاب الارض وجحورها، ومن ضمن المدن التي تأثرت بشكل كبيرة بتلك الهجمة البربرية، مدينة تلعفر.

حيث هجرها أهلها من الشيعة وهم يشكلون 50% من سكان المدينة خوفا من بطش التنظيم الإرهابي الذي يقتل الناس على الهوية.. بينما بقي في المدينة من يُهادن داعش ومستعد للعمل مع الارهاب، ويفضله على سلطة بغداد، هذا غير الذين انخرطوا في التنظيم بعد سيطرته على تلعفر. التركمان الشيعة الذين انتشروا في الأرض بحثا عن أماكن مستقرة يأمنون فيها على نسائهم واطفالهم، حيث لجأوا الى محافظتي النجف وكربلاء،  وقسم منهم ذهب الى المدن الجنوبية.. وتبع ذلك قصص غريبة وعجيبة، تحكي مأساة شعب كامل هُجر من ارضه ومدينته.. هذه الجريمة لم تشغل الامم المتحدة ولا منظمة العدل الدولية ولا منظمات حقوق الانسان.. مع ان هؤلاء النازحين ما زالوا بعيدين عن منطقة سكناهم مشردين يسكنون في الخيام وبعض المباني والبيوت القديمة.. لقد اسكن الدواعش عوائلهم في بيوت النازحين بعد ان استولوا عليها.. ولأنها اصحبت مأوى للإرهابيين، يحذر اليوم الوالي اردوغان من تقدم الحشد الشعبي من ابناء تلعفر لتحريرها، هؤلاء الذين قُتلت عوائلهم التي لم تستطع الهرب عند احتلال المدينة.. ولم يوافق الامريكان على اقتحامها خوفا على أولئك الدواعش من القتل والاسر.. فهم ذخيرة الى يوم اخر يفجر فيه أعداء العراق خلافات جديدة وأزمة جديدة، حتى تستمر الإبادة البشرية التي أكلت من العراقيين الكثير، كما أكلت الحرب العراقية الإيرانية التي استمرت ثمان سنوات، بدعم غير مباشر من قوى الظلام في العالم.

عندما نشب الصراع الطائفي في مدينة بغداد وبدأت عمليات التهجير على الهوية في بعض مناطقها.. كانت منطقة العامرية بؤرة للإرهاب وهي منطقة اغلب سكانها من البعثيين فقام الامريكان بإحاطتها بكتل كونكريتية، وجعل لها ابوابا وسيطرات لا يمكن الدخول اليها الا سكنتها الذين يحملون باجات خاصة او من يرافقونهم ويأوونهم.. فكانت العامرية منطقة خضراء محمية وكان المتطرفون وعناصر القاعدة والجيوش المرتبطة بها من انصار السنة وجيش عمر وجيش الراشدين يعيشون بأمان لا احد يستطيع النيل منهم.. وكانوا يخرجون لتنفيذ عملياتهم الاجرامية الطائفية وقيادة مفخخاتهم في مناطق بغداد، والعودة الى المنطقة الآمنة بحماية أمريكية.. وهكذا فعل الامريكان مع مناطق أخرى مثل منطقة راغبة خاتون في الرصافة التي شكلت أيضا بؤرة للارهاب الذي طال المناطق المجاورة، دون القدرة على ملاحقة عناصره والقاء القبض عليهم. ففي منطقة الاعظمية قتل الجنود في سيطرة ساحة عنتر واحرقت اجسادهم ولاذ  المجرمون بالفرار ولم يلق القبض عليهم.. وبقيت المناطق الشيعية مثل الشعلة والحرية ومدينة الصدر والعطيفية والشعب وأبو دشير والصدرية ومداخل الكاظمية وغيرها مفتوحة أمام الارهاب.

المهم دواعش تلعفر اليوم في أمان واستقرار، هؤلاء الذين اسهموا في تهجير جيرانهم ولم يراعوا حق الجوار، لانهم لا قيم لهم، احدى العوائل التلعفرية هربت بسرعة بعد ان اقترب داعش من المدينة وبعد ان قطعوا مسافة من الطريق انتبهوا الى ان احد أبنائهم لم يكن معهم، حيث كان نائما عندما خرجوا، وسرعان ما اتصلوا بجارهم ليأمنوا عليه عندهم لغاية انفراج الغمة، فما كان من الجار الى ان اجابهم كما يلي”ابنكم ذبحناه واذا تردون  تعالوا اخذوا راسه موزين خليناكم تطلعون ومذبحناكم”.

انا لله وانا اليه راجعون.. كيف يتم التصالح مع هؤلاء الدواعش؟ وما زال أهل تلعفر الاصلاء مشردين، وارهابيو تعلفر ينعمون بحماية الامريكان والخليفة اردوغان.