22 ديسمبر، 2024 7:46 م

دواعش السياسة و سياسة الدواعِش/1

دواعش السياسة و سياسة الدواعِش/1

الكل سمع و لا يزال يسمع بعض التصريحات لمسؤولين عراقيين نجباء، بان لداعش اذرعاً، تعمل في جوانب مختلفة، غير الجانب الارهابي الذي تختص به داعش. نسمع مثل هذه التصريحات الجريئة جداً، بالقياس مع تستر الأعم الأغلب من المسؤولين العراقيين، بكل تنوعاتهم المذهبية و السياسية.

فبالاضافة الى الذراع الاجرامي الارهابي لعصابات داعش، الذي فتك بالعراقيين الابرياء، و كان واحداً من اسباب هدر المال العام، و استشراء الفساد و تدمير البنى التحتية، و ايقاف تطور البلد، فان لداعش اذرع أخرى تسهم في تكامل عملها على أرض الواقع.

يجب على المسؤولين في الحكومة العراقية، النظر الى داعش على أنها منظومة متكاملة، وعدم قصر النظر، بوصفها مجموعات من الارهابيين، الذين سمَّم افكارهم التطرف و ساقهم الى تفخيخ اجسادهم، و تفجيرها وسط جموع الأبرياء. كلا الامر ليس بهذه البساطة، فالانتحاري ذو الهندام القذر، و صاحب الشعر الاشعث و الملابس الوسخة و المشاعر الميتة، هو نتاج و ثمرة جهد مدروس و موجه و مخطط له، منذ سنوات عديدة، و على يد أجهزة متخصصة في صناعة الارهاب. و هذا الجهد يكون تحت اشراف اشخاص متخصصين في المجالات التالية:

1. علم النفس و الاجتماع و التربية.

2. متخصصون في التدريب البدني العنيف.

3. و آخرون متخصصون في العلوم العسكرية و تعبئة حرب العصابات.

4. واجهزة متخصصة في مجال المخابرات الدولية و المحلية و الشؤون الأمنية.

5. و جهات متخصصة في الاستثمارات الاقتصادية لتغطية نفقات المشروع.

6. و جهاز اعلامي متمرن على تنفيذ مهامه، بمجرد تلقي اشارة الانطلاق من المصدر.

7. ثم هناك اشخاص (الخطّ الناعم)، الذين يتقلدون مهاماً ادارية كبيرة، في الجهاز الحكومي للدولة المستهدفة، لتأمين الترتيبات الادارية و الفنية، للتغطية على الانشطة التي (تسبق و تلي) استهداف مجتمع معيّن.

8. و يقع من ضمن جماعة (الخط الناعم)، جوقة من العاملين في الحقل السياسيي، الذين يقومون بمهام ارباك العمل السياسي في الدولة المستهدفة و تشتيت جهودها، عن طريق (التسويق السياسي). و التسويق السياسي يستخدم نفس اساليب عمل التسويق التجاري، لكن بوجود فرق واحد، هو أن التسويق التجاري هدفه الوصول الى المستهلك، و اقناعه باستهلاك سلعة معيّنة و تفضيلها على غيرها من نفس النوع. بينما التسويق السياسي، يهدف الوصول الى عقل الانسان العادي، لتحييده بعد خلط الامور عليه، حتى يبقَ بلا موقف على أقل تقدير، او أن يُكسَب لصالح المشروع.

فالارهاب في العراق عمل متناسق و مبرمج و مخطط له مسبقاً، بمهنية و امكانات مادية و تقنية كبيرة. و على ضوء هذه الخطوط الرئيسية، يمكن أن نجد الكثير من الاجابات على الاسئلة المتعلقة، بتدهور الوضع الامني في العراق، منذ الاحتلال الامريكي له و لحدّ الآن. و يجب ان نتذكر الصفحات الأخيرة التي وصل اليها الوضع الأمني في العراق، المتمثل بسقوط مدينتي الموصل و الانبار.

فهل يعقل ان تسقط مدن بضواحيها و عشائرها، بيد عدة مئات من المتسللين اليها من الدواعش، و تبقى هذه المدن تحت احتلال داعش، دون ان يقوم اهلها بمقاومة هذه العصابات و تحرير مدنهم منها، و لو بالحجارة و الأسلحة البيضاء على أقل تقدير؟.

و هل يعقل ان سياسيوا داعش في بغداد، يتجرؤون و يهبّون يوم 8 تموز 2015 هبة رجل واحد، مطالبين الحكومة المركزية من خلال بيان القوه امام وسائل الاعلام، بايقاف عمليات الطيران، على المناطق التي تحتلها داعش في محافظة الانبار، بدعوى ايقاف القصف العشوائي للمدن و الذي يستهدف المدنيين الابرياء؟.

كما طالب سياسيوا داعش الحكومة العراقية، بعدم المساس برواتب الموظفين الذين يعيشون تحت خيمة داعش في محافظتي الموصل و الانبار.

والسؤال:

كيف تسمح الحكومة لهذا الطرف او ذاك بتشويه صورتها امام الجمهور؟.

ألا يعد ذلك تآمراً على أمن الدولة، و محاولة لاثارة الفتن الداخلية؟.

لماذا تصمت الحومة المركزية، و كأن على رؤوس كبار مسؤوليها الطيّر، لتظهر دائماً بمظهر المتخاذل و الخائف أمام المتحدين، بدعوى احترام حريّة التعبير عن الرأي؟.

أين صوت الناطق الرسمي باسم الحكومة، ليبين للمواطن العراقي سرّ هذه الملابسات؟.

وهل الناطق الرسمي باسم الحكومة، يعجز من توجيه سؤال، الى اهالي الموصل و الانبار و توابعهما:

هل وصلت الذلة و المسكنة بأهالي مدينتي الموصل والانبار، المسترخين تحت سلطة داعش في تلك المحافظتين، بأن يعجزوا عن مقاومة داعش حتى بالحجارة و الهروات و الاسلحة الشخصية، إذا كانوا أناساً لا يحتضون داعش و لا يتشرفون باحتضانها؟.

ان منطق الوطنية، يحدد مسارين للهوية الوطنية، لا ثالث لهما:

أما سلامة الارض و العرض. أو نيل الشهادة دفاعاً عنهما.

و ما عدا ذلك فهي خيانة للدين و للوطن و للعرض. و للموضوع تكملة في الحلقة القادمة ان شاء الله تعالى.