12 أبريل، 2024 12:24 ص
Search
Close this search box.

دوائر الإمتيازات … ديوان الرقابة المالية الإتحادي ؟!

Facebook
Twitter
LinkedIn

القسم الخامس
في ضوء كل ما تقدم ، ولأن قواعد القانون الخاص لا تصلح لحكم العلاقات الإدارية العامة ، فقد قضت محكمة التمييز بقرارها المرقم (375/ح/1965) والمؤرخ في 12/7/1965 ، بأن ( علاقة الحكومة بموظفيها ، هي علاقة تنظيمية عامة ، تحكمها القوانين والأنظمة ) ، وليس الأهواء والأمزجة ورغبات وإرادة الأحزاب الحاكمة في تحقيق مصالحها على حساب مصالح الشعب وبإسمه ، وعليه فإن العاملين في القطاع العام في مركز تنظيمي ، يخضعون لقواعد قانونية متصلة بتنظيم الوظائف العامة ، التي تحدد المركز القانوني للموظف العام ، بما يضمن أداء الواجبات وإكتساب الحقوق على وفق معايير الصالح العام ، ولما كان لكليهما حصة من المال العام ، فإن من الموجبات خضوعهما للرقابة المالية والتدقيق المحاسبي المركزي ، دون تركهما بالإعتماد على نتائج الرقابة الذاتية للموظفين ، المرافقة لممارسة أعمالهم اليومية ، المختلفة والمرتبطة عناصر قوتها بمقدار الكفاءة والخبرة والمركز القانوني ، المنبثقة من دوافع الضمير والشعور بالمسؤولية الوطنية القائمة على ثلاثية أركانها حرصا وإخلاصا ونزاهة ، المندثرة معالمها بفعل غلبة الرغبة والإرادة على جني ثمار المصالح الخاصة فقط ، مع تقادم الزمن الأغبر والتعيس ؟!. حيث لم أتوقع أن تنقلب صورة الواقع العملي لديوان الرقابة المالية ، إلى ما يخالف حقيقة الإعتقاد بجودة الإداء والتميز النوعي الوظيفي ، مع تحفظي المسبق بشأن عدم التفوق الإداري في مجال إجراءات الخدمة والوظيفة العامة ، وإن كانت من أساسيات وأصول الرقابة والتدقيق الأولي ، إلا إن عدم ممارسة موظفي الديوان لتفاصيل إجراءاتها إبتداءا ، وظهور دلائل وعلامات الفساد الإداري والمالي والتربوي فيها قبل وأكثر من غيرها بعد إحتلال العراق سنة 2003 ، كفيلة بإثبات وتأكيد ، أن الرقابة المالية كمؤسسة حكومية مستقلة ذات شخصية معنوية قد تم أنشاؤها منذ العام 1927 ، لم تخلق جيلا من الموظفين مزجت ممارسة أعمالهم مع موادها الأولية والأساسية من الناحية الإدارية ، وما كان لقواعد الخدمة المدنية أن يصيبها التدني الأسوء على مدى تأريخها ، لولا القبول بقواعد تعليق أحكامها بموجب أمر سلطة الإحتلال المؤقتة رقم (30) لسنة 2003 إعتبارا من شهر تشرين أول عام 2003 ، دون معارضة أو مقاومة وطنية تمهد لإمتلاك البديل التشريعي الأفضل ، من القوانين واللوائح التنظيمية التي جاء بها الإحتلال ، أو إعداد الملاك التنفيذي المتخصص مهنيا للقيام بمثل تلك المهام ، حيث كان بالإمكان إن كانت الغاية حقا ( ضرورة إصلاح نظام رواتب وشروط وأوضاع العمل لجميع العاملين في القطاع العام ، من أجل ضمان الإنصاف في إطار هذا النظام العام … ) ، أن تتم زيادة مقاييس رواتب الدرجات والعناوين الوظيفية المعمول بها قبل الإحتلال ، بأي قدر من الأضعاف العددية ماليا ، مع الإستمرار في تطبيق آليات العمل المعتمدة من غير تبديل ، أو إعتماد طريقة منح الموظف للإستحقاقات المقابلة للدرجة والمرتبة التي كان عليها ، بمقياس ما هي عليه في الجدول الملحق بالأمر المذكور ، لكن الأهداف غير المعلنة بقصد عدم الإستقرار الإداري والمالي المؤدي إلى الفوضى والارتباك ، بإعتماد الآليات غير القانونية في تسكين الرواتب ، الممهدة لطغيان مظاهر الفساد الاداري والمالي الذي لم يجد العلاج والاصلاح طريقهما اليه ولحد الآن ، لعدم وجود الكفاءات والخبرات المهنية المحترفة ، في درء المفاسد وجلب المصالح ، من خلال عدم التطبيق العلمي والعملي الصحيح والسليم لنصوص القوانين والأنظمة والتعليمات ، أدى إلى إستهلاك قوتها المنظمة والملزمة على يد من لا يريد الإصلاح والتغيير الفعلي والحقيقي . وقد أكون مجافيا للحقيقة إن لم أقل ، بأن السبب يكمن وراء سيطرة غير المختصين من المتطفلين على إدارة شؤون دوائر الدولة التنفيذية بعد الإحتلال ، وعدم رغبتهم في سماع رأي أصحاب الكفاءة والخبرة في ميدان العمل والتطبيق الإداري السليم .

لقد تضمن القسم (4) من أمر سلطة الإحتلال المؤقتة للعراق رقم (30) لسنة 2003 ، الخاص بتنفيذ اصلاح نظام الرواتب ( بأن يبادر جميع الوزراء ، وجميع مدراء المؤسسات المملوكة للدولة ، وكذلك جميع رؤوساء الدوائر والمصالح العامة الأخرى ، بوضع نظام وفقا للإرشادات والتوجيهات الصادرة عن وزارة المالية ، يتم بموجبها تصنيف وتحديد درجات الوظائف القائمة والمتاحة في دوائرهم ومؤسساتهم ) ، على أن تتولى وزارة المالية مراجعتها والموافقة عليها ، ويجوز لها أن ترفضها أو تقوم بتعديلها ، بدلا من الحرص على وضع نظام موحد لدوائر الدولة ، يضمن حقوق الموظفين من غير إفراط ولا تفريط ، على الرغم من التطبيقات الجارية في دوائر الدولة من دون الإستناد الى أبسط قواعد الخدمة المدنية ، في كيفية إحتساب الخدمات وتحديد الرواتب أو تسكينها تبعا للمتغيرات ، وقد رأينا حجم المأساة الوظيفية فيما وصلت إليه إدارة الموارد البشرية من نتائج الضعف والتخبط والفوضى والإرتباك ، وكأن كل وزارة أو دائرة في معزل عن أخواتها فيما يتبع من آليات ، أو أن كل منها تابع لدولة إن لم نقل أن كلا منها دولة ذات سيادة وكيان ، يحكم موظفيها وتحدد أرزاقهم توصيات لجان غير مختصة ولا متخصصة ؟!، ولكنها تحظى بمصادقة رئيس الدائرة المسخر توقيعه وختمه للنشر والإعلان ، ومنها ديوان الرقابة المالية وما أصاب موظفيها من أذى وضرر مادي ومعنوي بليغ ، وجميع تفاصيل العقبات والمعوقات والمعالجات مثبتة في كتابينا الموسومين ( الدرجات والرواتب والمخصصات ) و ( والعلاوة والترفيع والترقية ) لسنة 2009 و2010 ، ولكن مغني الحي لا يطرب ، مع وجود من أراد إثبات وفرض جهله بغباء ؟!.

لقد فشل ديوان الرقابة المالية في تسكين رواتب منتسبيه ، إلى الحد الذي أصبحت رواتب حديثي الوظيفة مساوية لرواتب القدماء منهم فيه ، ولعل شاغلي وظائف الدرجتين الخامسة والرابعة أكثرهم شوقا للإحالة إلى التقاعد ، بعد تحقق أملهم في تعديل رواتبهم أسوة بأقرانهم وأمثالهم في مدة الخدمة والتحصيل الدراسي في الدوائر الأخرى ، إلا إن تمتعهم بالإمتيازات التي يمنحها الديوان دون غيره ، حالت دون تقديم طلبات النقل إلى دوائر أخرى ، على الرغم من صور الشعور بالإحباط ، خاصة فيما يتعلق بإنخفاض مستوى ونوعية الإنجاز ؟!. الذي نترك تقديره لذوي الإختصاص فيه . وفي المقال القادم أدلة الفشل فيما نقصده ونعنيه ؟!.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب