23 ديسمبر، 2024 10:43 ص

دهاليز الانتخابات .. وخبراء المناصـب

دهاليز الانتخابات .. وخبراء المناصـب

في 30 نيسان 2014 ، وبعد أن توقفت دعايات المرشـحين .. وهدأت أصواتهم ، وبعد انتهاء المعركة الانتخابية من اجل الدخول والجلوس تحت قبة البرلمان ، بدأت أحاديث الشارع العراقي تدور حول المرحلة التي تلي تلك المعركة ،  انها مرحلة المناصــب .. من سيكون رئيسـا للجمهورية ؟.. من سيكون رئيسا للوزراء ؟ ..  من سيكون رئيسا للبرلمان ؟  …الخ

هناك مثل يقول (  اذا تغير السـلطان .. تغير الزمـان ) فماذا تخبيء هذه المناصب ! ماهي الأهـواء التي سـتتبع .. وما هـي الأحـكام التي ستبتدع ؟  أقـول لا تسـتعجلوا ..  لاتغـشكم المظاهر .. المناصب فــــي العراق ليســت قضيــة مســتعجلة .. تمهلوا ، ترقبوا .. خذوا المواعظ من اصحاب التجارب .. ولنأخذ صبر الفلاح في الريف مثلا .. فانتخابات المناصــب مثل مواسم الزراعة ! وفيهـا الكثيــر من متشـابهات الزراعــة .. وفيها وعـــود .. في البداية تحـرث ارض الســياســة .. وتغرس فيهـــا بـذور الوعــود ، يتـم التعهـد بالعنايــة بهـا .. بعدها يراقــب نماؤها بصبر .. وتنتظر عطاءها بلهفـة ، وبعدها الحصاد ..ويأتي بعد ذلك الجمع في البيادر .. وتستعمل المذراة لعزل القش عن الحاصل المطلوب .. وبعدها يعرض الناتج  للبيع .. من اجل الاستهلاك  الداخلي والخارجي .

وهكذا نجد بعد الانتخابات ما يشبه تلك المراحل  ..

 هنـا تظهر البراعة الذاتيـة بيــن المتبارين واساليبهم في الوصول الى تحقيق أهدافهـم .. بعضهم ما يزال يسـخدم الوسـائل التقليديـة  والبعض الآخر يلجأ الى تقنيـات حديثـة .   قد تستغرق النتائج النهائية للانتخابات  من قبل المفوضيــة اسابيع عدة وقد تطوى في هذه الفـترة ملفـات متناثرة .. وجروح مفتوحـة ، فهذا ليس عصر المعجــزات وليس في الســياســة أنبيــاء  .

معركــة المناصب تـدور الآن خلف الكواليـس ، وستدخل مرحلة النضوج والتوقيــع ، ولأن المتزاحمين كثيرون فإن وقت الغربلة قد يأخذ بعض الوقت . العملية لم تصل بعد الى طاولة الكبــار .. انها ما تزال عند مستوى الخبراء ، وبينهم حوارات ..ومساومات ومقايضات وتنازلات متبادلة ، وابتـزازات مضـادة ومنــــاورات ..

خبراء هذه المعركة لهم صولات وجولات ولكل منهم مسـتشار في كيفية التفاهم بلغــة القوم .. أما فيما بينهم فيتفاهمون بالاشارة التي لايعرف معناها الا من انغمس في دهاليز السياسة ، ولا يعرف الغاز الاشارات إلا صاحب المفتاح السحري الذي يستطيع فك طلاسم تلك الالغاز ،  وحين يأتي الصيف ويذوب الثلج سيظهر في ربع الساعة الاخير بطل اللعبــة ..

العراقيــون بكل طوائفهم وقومياتهم .. بانتظار ما اذا كان الصيف سيأتي ببطـل  يلم الله به الصـدع ويرتق به الشــمل بين ذوي الارحام بعد العداوة الواغــرة في الصدور والضغائن القادحة في القلوب .

لا تسـتعجلوا الاستنتاج .. اسم الفائز السعيد  في هذا اليانصيب الاستثنائي  الكبير قد لا يظهر الا في الأيام الاخــيرة .. وقد يكون هو الجراح الذي سيجري العملية الناجحة للعراق .. ويستأصل الاورام السرطانية …