17 نوفمبر، 2024 6:28 م
Search
Close this search box.

دم كاف

تشير احداث تاريخية الى ان الحلول السياسية الجذرية لا يمكن أن تتحقق إلاّ بعد نزف الكثير من الدماء، بخاصة عندما تكون القوى المتصارعة متساوية تقريبا بالقوة، مشحونة بأفكار وتوجهات متناقضة.
السؤال عما يخص امكانية وجود حل جذري بشان ازمة الانبار هو: هل تشكلت لدى اللاعبين السياسيين العراقيين الكبار مبادئ رئيسة لصياغة برنامج سياسي يأتي بحل حاسم لازمة الانبار، وغيرها، بعد الانتخابات، بنحو يضمن عدم تكرار السيناريو ذاته في اي وقت؟ مع الاخذ بالحسبان ان في اوقات العنف والازمات التي تنطوي على مواجهات مسلحة، لا بد من العمل على ايجاد سبل لحصر او كبح العنف الدموي، بدلا من الانشغال بالتركيز على تحديد المسؤول عنه، ذلك ان الغاية في مثل هكذا وضع، تبرر الوسيلة.
وباستعراض سريع لآراء أهم الكتل السياسية نجد أن “دولة القانون” لا تملك سوى “حلين” لإنهاء الأزمة، الاول عسكري، والثاني تشكيل حكومة أغلبية.
لكن المأزق الذي يقع فيه قادة “دولة القانون” هو أن الحل العسكري لم يكن ناجحاً على الرغم من مرور أربعة أشهر منذ بداية الازمة وحتى الآن، ولا فرصة لـ”تفاوض” مع المسلحين مطلقا، والجيش لم يحسم النزاع، و “داعش” ما زالت ناشطة.
يمكن القول ان حركة “المسلحين” توسعت لتأخر الحسم العسكري. وصار المسلحون يتحكمون ببوابات سدود في الانبار، بهدف تجفيف الفرات، وبالتالي قطع الماء عن المناطق الجنوبية.
هذا الوضع على الرغم من أن التصريحات التي تتحدث عن “حسم” المعركة ظهرت منذ الخامس من شباط الماضي، كما في تصرح رئيس الوزراء في خطابه الاسبوعي، حيث قال ان “المعركة على أبواب الحسم… والفلوجة والمناطق الاخرى مطوقة من قبل قواتنا المسلحة وأبناء العشائر”.
الواقع يقول أن الحل العسكري لم يحقق النتيجة المطلوبة حتى الآن. طيب، هل ستقدم حكومة “الأغلبية السياسية” حلا أفضل؟
معارضو “إدارة الدولة” بهذه الطريقة، يقولون انها ليست ناجحة في العراق ولن تنهي الأزمة، لأسباب منها تكريس “دولة القانون” للوجوه نفسها، أو الرؤية ذاتها، فالمالكي لن يسّلم وزارتي الدفاع أو الداخلية، إلا لمن يحمل أفكار حزبه، أو يتفق معه كلياً في إدارة الدولة. ما يعني استمرار الخلاف بينه وبين معارضيه.
لكن “المجلس الأعلى” الذي يعارض فكرة حكومة “الأغلبية السياسية”، لاعتقاده أنها ستزيد المشاكل في البلد، يرى أنه ليس من الضروري اقحام الجيش، وبالذات عندما تتحول “المعركة” لحرب شوارع تستنزف طاقاته.
فزعيم المجلس الأعلى عمار الحكيم يؤمن “بأن الأزمات المركّبة لا يمكن حلّها أمنياً فقط” وإن أزمة “الرمادي” مركّبة وبالامكان حلحلتها بطرق “أمنية وسياسية واجتماعية” فضلا عن تبني “المجلس” لفكرة الفيدراليات التي يعتقدها الحل الانسب لوقف الاقتتال والشحن بين جميع الأطراف.
ويتفق التيار الصدري مع المجلس الأعلى كثيرا في رؤيته للتعامل مع أزمة الأنبار، لكنه يختلف معه في مسألة الفيدرالية، التي كانوا من أبرز معارضيها.
ووسط هذه “الخطط” في إدارة البلد، بين أهم الكتل الشيعية، علينا أن ننتظر لنرى أي إرادة ستفرض نفسها على باقي الكتل، وأي إرادة اقتنعت أن “الدم” الذي سال كاف لوقف العنف.

أحدث المقالات