18 ديسمبر، 2024 8:08 م

“دم الشهيد فم”.. عام آت ومشاعر تتداعى

“دم الشهيد فم”.. عام آت ومشاعر تتداعى

اخوتي الأطباء وأصدقائي العراقيون، لن أطلق العنان لمشاعري تتداعى، بمقدم 2017، ملطخا بدم الأبرياء، في “السنك – وسط بغداد” كما لو أن العاصمة مكشوفة الجناح لا جيش يحميها ولا شرطة تنظم طابور الارهاب المتقدم من دون معوقات.. شوارع سهل قطعها من قبل المخربين، صعب مرور الابرياء من زحامها.
لن أستسلم للأمنيات؛ فالأماني رأس مال المفلسين؛ إنما أطرح رؤى عملية، تنفع المؤمنين؛ فالحديث النبوي الشريف يقول: ” كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته” ما يعطيني الحق، كطبيب اتجاوز حدود تخصصي الصحي، لملاحظات أمنية، تهم الشعب العراقي كافة.. بألوان طيفه الديني والقومي والمهني.
لذا لن أدعو لالغاء الاحتفال برأس السنة الجديدة 2017؛ حدادا على ضحايا “السنك” فهذا يعد إنتصارا لـ “داعش” التي أفلحت في تبديد فرحة عيد الفطر الماضي، بتفجير شباب الكرادة، خلال رمضان، لم يراعو صياما ولا إحتسابا مقدسا، مثلما يداهمون الطقوس الدينية للمسلمين وسواهم في الجوامع والكنائس وأضرحة الاولياء.
ضحى هذا اليوم 31 كانون الاول 2016، ونحن نستعد لدخول العام 2017، فجر الارهابيون منطقة السنك، المكتظة بالفقراء والاغنياء.. باعة و”مشترية”.. على حد سواء؛ فآلم الجرح كبد العراق؛لأنهم أبناؤه، ينفرطون مثل خرزات المسبحة، ذبحا يسفح الدم الطاهر البريء.. الخارج من داره صباحا، يحلم برزق العيد الوفير؛ كي يسر زوجته وأبناءه، بليلة إنتقالية من عام الى عام.. عيدا سعيدا عكره الارهاب بحزن مقيت.
وبدلا من عودة الاب، برزق عياله، أعيد جثمانه أشلاءً، ولسان حالها حي يستنطق المستحيل: “عيد بأية حال عدت يا عيد” كما يقول الشاعر اليمني عبد الله البردوني، فـ “دم الشهيد فم” بحسب قصيدة “أخي جعفر” لشاعر العرب الاكبر محمد مهدي الجواهري.
هذه الشقشقة التي جاشت، أسى، بدل إنثيال خواطر السعادة والسرور والرفاه؛ إبتهاجا بمقدم العيد، هي التي حذرت نفسي ووعدتكم، بألا أقع ضحيىة تداعياتها، لكن المصيبة أكبر من وعد لكم وتحذير لنفسي؛ لأن الجثث تترى من السنك الى مشارق بغداد ومغاربها، ولن ينقطع نزيف الحيوات البريئة وهي تقطف حتى غروب ليلة 1 كانون الثاني 2017، وربما أطول من هذا الوقت ألما.
فأي احتفال، والدم العراقي مستباح في كل مكان.. شهداء القوات المسلحة بمواجهة “داعش” تتضافر مع شهداء السنك، والعوائل النازحة، من دفء البيوت الى برد العراء، تتجمد ولا من مغيث،…
لكن ثمة كلام إستهلاكي لابد أن نجتره.. سواء أكان يشكل معنى للحكومة أم لا؟ الحياة يجب ان تستمر والآمال تورق، ولا ندع العدو يسحبنا الى عتمة الحزن، وحين اقول عتمة الحزن، لا أعني إهمال دم الشهداء وعدم الحداد على ارواحهم الطاهرة، التي أزهقها الإنفجار وهي تسعى لرزق عيالها وإسعادهم بالبيع والتبضع، على حد سواء.
أدعو الى منهج عملي، من دون سابق تنظيرات، بل أحث على خطط إجرائية، تحمل آليات تنفيذها ميدانيا.. في الامن والطب والتعليم والخدمات الاخرى كافة، هل هذا متعذر!؟
وإذا وقفت في منطقة إختصاصي، كطبيب، أجد المهنة الآن تتشظى توزعا بين وزارة صحة متلكئة عن القيام بمهام عملها الوطني، كجزء من حكومة غير فاعلة، وبين نقابة أطباء لا تحسن جمع كلمة أبناء المهنة، مع أن “الله يحب ان تقاتلوا صفا”.
سعة الأداء المتكاثف في مناطق الخلل.. والعراق كله خلل، بإمتداد الخريطة،… يعطي العمل الميداني وجوبا ملزما للمشرّع في مجلس النواب والمنفذ في مجلس الوزراء، و… قلت يعطيهم حق التصرف الملزم، وهي تركيبة لغوية، أتمنى ان يعي المجلسان أبعادها؛ ليشتغلا للشعب وليس لأشخاص فئويين على حساب وطن دمره الارهاب والفساد؛ علّنا نحقق في 2017 عراقا نزيها خالي من الارهاب، و… الله ولي المتوكلين، هو مولانا فعليه إذن نتكئ وإليه ننيب.
الرحمة للشهداء، وكل عام والعراقيون أحياء يرزقون الشهادة…