22 ديسمبر، 2024 8:21 م

دموية الصراع وحتميّة ألأنتصار

دموية الصراع وحتميّة ألأنتصار

من يدرس تاريخ دول الاستعمار العالمية وحاضرها بكل اشكالها يعرف ويرى بوضوح وبشكل جلي أبتداء من اليابان مروراً بدول أوربا على رأسها بريطانيا وأنتهائاً بأميركا وايران الحاضرتان الفاعلتان حالياً ضمن موضوع الاستعمارالحديث في المحيط العربي والاسلامي , والحقيقة مصطلح ومفهوم الاستعمار القديم والحديث واحد لكن المقصود الاساليب والذرائع والحجج التي يتذرع بها المُستَعمِرين . آخرها التي يرتكزون عليها ويطبلون ويزمرون وينظّرون لها ” الديمقراطية والحرية وحقوق الانسان ” هذه الشعارات التي يتاجرون بها بعد فضح زيفهم وكذبهم وعدم مصداقيتهم في هذا الحال , ومعرفة الصغير والكبير الجاهل والعالم بأنهم يمنعون هذه الحالات ويحاربون من يسعى للعمل بها ويحاول تحقيقها لأنها تتعارض مع طموحاتهم واهدافهم الخبيثة تجاه الآخرين . يعملون اليوم بشعارات ” محاربة الارهاب والتطرف ” ورفع شعار العولمة الاقتصادية والسوق المفتوحة . شعارات الغشاوة التي تخلق نوع من حالات العمى المؤقت وأنعدام الرؤيا الواضحة . وهذه الدول اي الدول الاستعمارية هي من يخلق الارهاب والتطرف وتعمل عليه وبه . وتتبنى الدكتاتوريات الفردية والدينية والمذهبية وتخلقها وترعاها وتساهم بتعزيز وترتيب أرضياتها ومرتكزاتها لغرض السيطرة عليها وتوجيهها لخدمة مصالحها حيث من السهل السيطرة على النوع ” القادة ” لكن من الصعب السيطرة على الكم ” الشعب ” فبقاء هؤلاء وديمومتهم على سدة الحكم يصب في صالح الدول الاستعمارية لكن تغييرهم وتبديلهم عن طريق الممارسات الديمقراطية الصحيحة , يتناقض وسهولة السيطرة على هذه القياداة , وبالتالي يتقاطع مع مصالح واهداف ونوايا الدول الباغية المستعمِرة العدوانية .
التحول الديمقراطي في مصر { بغض النظر عن طبيعة النظام الذي سيحكم } بعد سقوط نظام حسني مبارك وفوز محمد مرسي والاخوان المسلمين الى السلطة وبطريقة دمقراطية نزيهة أعترف بها الاوربيون والساسة المراقبين الاميركان أعترفوا بنزاهتها قبل غيرهم . تآمروا على هذه التجربة وبمؤازرة من يواليهم من الرجعية العربية المتمثلة بحكومات دول الخليج وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية وايران واسرائيل , فكان انقلاب عبد الفتاح السيسي , وبأعتراف السياسين المصرين انفسهم يقول أحدهم ” لقد تم توضيفنا ليستولي الجيش على السلطة ” ولا يخفى على المتابعين للصراع العربي الاستعماري الصهيوني عن ما سيتمخض من هذه ” الحركة البهلوانية ” الخارجة عن السياق الديمقراطي ورغبة وارادة الجماهير . الهدف من ذلك خلق حالتين سلبيتين تصبان في مصلحة دول الاستعمار ومن يرتبط بها , ألأولى فشل التجربة الديمقراطية وأستحالة القدرة على العمل بها , والثانية المهمة والخطيرة تأجيج الصراع الحزبي بين جماعة محمد مرسي ألاخوان المسلمين وجماعة السيسي قائد الانقلام حاكم مصر الحالي , وادخال مصر في دوامة صراع غير متناهي يحرق الاخضرواليابس في كافة المجالات الحيوية , العسكرية والاقتصادية والاجتماعية واليساسية والامنية . حدث مثل هذا وقبله في الجزائر ضد جماعة عباس مدني الذين فازوا بشكل شرعي ونزيه تدخلت فرنسا الدولة الاستعمارية التقليدية ومنعتهم من الوصول الى السلطة وأستلام زمىام الامور في الجزائر الدولة التي كانت مُستعمَرة من قبلهم نحو اكثر من مئة عام مما ادى الى حالة من الصراع الدامي راح ضحيته الآلاف من البشر والكثير من الخسائر المادية والمعنوية .
وفي العراق حدث نفس الحال عند التزوير والتلاعب بنتائج الاستفتاء الشعبي حول الدستور المرفوض من قبل الشعب . ومنع أياد علاوي رئيس ” القائمة العراقية ” من تولي زمام الامور بعد أن احتلت قائمته المركز الاول بين الكيانات المتنافسة سنة 2010م التي حصلت على 91 مقعد من اصل مقاعد البرلمان . تم مصادرة فوزه بعد إئتلاف القوائم والكتل الشيعية المدعومة والموالية لأيران بعد العملية الانتخابية وليس قبلها . لاحظوا التزوير وفرض الامر الواقع من قبل الدول الاستعمارية وكل ذلك جرى بعلم وحماية ورعاية اميركا وايران وبريطانيا الدول المهيمنة المسيطرة على الواقع العراقي
تفجيرات مطار أتاتورك في اسطنبول تدخل ضمن شعارات الارهاب والتطرف التي تتناغم بها وتعزف عليها الدول الاستعمارية فيما بينها . من الواضح والذي لا يقبل الشك أن الدول الاستعمارية الفاعلة في المنطقة واتباعها ” اميركا اسرائيل ايران وروسيا ” ومخالبهم النظام العراقي والسوري وحزب الله وراء ذلك , والمرجح بشكل قوي أيران من باب رد الجميل والمباهات في التأييد والدفاع عن المشتركات السياسية لهذه الدول , وتعليق الموضوع على شماعة داعش وكما يقول المثل ” ضاع الأبتر بين البتران ” حسناً فعل رجب طيب أوردغان بالاعتذار لروسيا عن اسقاط طائرتها الحربية ووافق على شروط روسيا ولو كان ذلك بعد ستة اشهر من الحادث لقناعته أن حساب ” المزروع غير حساب البيدر ” هذا اذا ما عرفنا أن مواقف تركيا المتأخرة من القضية الفلسطينية والوضع الشائك في سوريا والعراق وما بينهما لم يكن ” حباً لعلي ولكن بغضاً لمعاوية ” كان ذلك نتيجة عدم الموافقة الاوربية لأنظمام تركيا اليهم  ” لاتحاد الأوربي ” بعد تنفيذ كل شروطهم .
أنسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوربي ” متوقّع وغير مُستغرَب ” لم تكن بريطانيا نواة لهذا الاتحاد بل تكوّن من ثلا ث دول هي ” هولندا و بلجيكا ولوكسمبورغ ” سُمّيت  ( البينالوكس ) وكانت نواة للأتحاد الاوربي الحالي .  منذ البداية كان لها قَدَم في الاتحاد وقَدم خارجه أمتنعت عن ربط عملتها باليورو وعملت على سحب الاتحاد الى سكتها القديمة المتهالكة لكنها فَشَلت ولم تفلح فالاتحاد الاوربي لم يتلوث او يتلوّن بالصبغة البريطانية الأميركية بل عملت وتعمل هاتين الدولتين على تفكيكه وتخريبه لأنه اصبح نموذج للأ قتداء به من الكثير من دول العالم وهذا يتناقض مع فلسفة سياسة هاتين الدولتين الاستعماريتين وماضيهم وحاضرهم الغير مشرّف . موقف الاتحاد الاوربي من قضايا العالم ومشاكله يتناقض في كثير من الاحيان مع اهداف وتوجهات بريطانيا أم الاستعمار العالمي المريضة ومن ذلك المسألة الفلسطينية فللأتحاد آراء ومواقف تميل للقضية الفلسطينية وتتقاطع مع النظرة الاسرائيلية الاميركية البريطانية ومنها منظورهم للسلام وحقوق الشعب الفلسطيني و المساعدات المالية للمؤسسات الفلسطينية التي تبلغ اكثر من 600 مليون يورو أي أضعاف ما تقدمه الدول العربية  والاسلامية من دعم , وهذا غير مُرضّي لدول الاستعمار وخاصة بريطانيا واميركا واسرائيل .
بين الفينة والاخرى يخرج علينا الاعلام الاميركي الصهيوني بفتاوى الاحباط والتردي ويزمر لها وآخرها تصريح مديرجهاز المخابرات الاميركية السابق ” مايكل هايدن ” يقول أنّ عدّة دول عربية ستختفي من خارطة الشرق الاوسط قريباً على حد تعبيره . المشكلة انهم يعيشون حالة قلق شائكة لا يعرفون لها حل منذ انتهاء الحرب العالمية الاولى الى اليوم يعملون ويخططون لتدمير الاسلام والامة العربية وحجب تقدمها وتطورها والسيطرة عليها يحاربون كل شيء التيارات العلمانية والقومية والاسلامية أستطاعوأ لحال ما لكنهم عاجزين عن حسم الموضوع بشكل نهائي ولم ولن يفلحوا , لأن مكونات هذه الامة تحتم الاتلاف والتوحد , العداء وحالة الصراع الدامي التي تعيشها الامة العربية والاسلامية ستكون دافع قوي لحالة التوحد لأن لا طريق للخلاص غير ذلك والمستقبل الواعد والحاضر المزري والمشتركات الاساسية الجوهرية التي ترسم سمات الأمم تدفع بقوة الى هذا الأتجاه وهذا المصير . وهذه ليست حالة تمني بل حتميات الواقع والتاريخ والجغرافية والاقتصاد وفاسلوجية المجتمع و الديناميات الديموغرافية القائمة . وستكون هذه الحتمية ” التوحد ” قائمة مهما طال الزمن وكثرت الحواجز والموانع . ولكم عبرة في الاتحاد الاوربي الذي تنقصه المشتركات الموجودة في الامة العربية والاسلامية وتكوينها . وإن غداً لناظره قريب .