ان دمار العر اق من كل الجوانب بات مشهداً واضحاً للقاصي و الداني حيث طال الدمار البنية الاقتصادية و السياسية و الثقافية و التاريخية و حتى الانسان العراقي لم يسلم من هذا التخريب بل كان هو الاداة و الهدف لاسباب و دوافع متعددة تحت مسميات مختلفة لان اصل هذه الدولة اسست على انقاض الحرب العالمية الاولى وفقاً لمصالح دولية و انها كانت القنبلة الموقوتة على مر التاريخ و ان تأثير المحيط الخارجي في أدارة دفة الحكم في العراق كان واضح المعالم و الاكثر دهاءً ان كل مشروع للانقلاب او التغير في حكم الدولة كان يمنى بالفشل اذا لم تكن تمر باحدى سفارات الدول العظمى و توافق عليها , كل هذا جعل الحكم في العراق مركزياً بل دكتاتورياً يشعر بكل صوت معارض (مخالف لتوجهاته) تهديداً لوجوده لذا كان تعامله بالحديد و النار و لكى لا نخوض في اعماق التاريخ فالحرب العراقية الايرانية التي دامت ثمانية سنوات خلفت وراءها دماراً كبيراً بالاضافة الى آلاف القتلى و الايتام و الارامل و ان الشعب العراقي كان ضحية لسياسات نظامه السياسي و مباركة الدول الخارجية التي كانت تدعم هذا النظام في حربه بالمال و السلاح لاهدافهم حتى وصلت حد الغرور و ما ان انتهت الحرب و بدأ بعمليات الانفال السيئة الصيت و ضرب مدينة حلبجة بالاسلحة الكيمياوية المحرمة دولياً فكان دماراً شاملاً لكوردستان العراق ذهب ضحيتها الالاف من الكوردستانيين و تم دفنهم في مقابر جماعية امام انظار هذا العالم الخارجي و خاصة الدول العظمى مثل امريكا و دول اوروبية التي كانت تدعمه و تساعده و لم يكتف بل بدأ بغزو دولة الكويت و قيام حرب الخليج الاولى في عام (1990) و كانت نتائجه معلوماً من الدمار و انهيار المؤسسة العسكرية و التي انتهت بفرض الحصار الاقتصادي الذي لم يؤثر قيد النملة على نظام الحكم بل كان الشعب هو الضحية فأدى الى انتشار الفساد الاقتصادي و الاداري و حتى الاخلاقي و استمرت لسنوات حتى عام (2003)
بدأت عملية تحرير العراق من قبل الولايات المتحدة املاً في بناء عراق ديمقراطي مبنى على اسس سيادة القانون و العدالة الاجتماعية و لكن ازداد الطين بلة حيث قرر سلطة التحالف حل وزارة الدفاع و الاعلام و كل الاجهزة الامنية في وقت كان الشعب بأمس الحاجة الى الدعم المادي و المعنوي من اجل بناء الانسان العراقي فأدت الى الهجرة و النزوح و تفشي الفقر و الامراض و ظهور جماعات ارهابية التي كانت متنفساً لفئات من المجتمع العراقي في سبيل العيش او الانتقام بعد الاقصاء و يوماً بعد أخر تزداد المعتقلات و السجون التي كانت تضم الالاف و كانت تمارس فيها ابشع انواع التعذيب و الاهانات الجسدية و التي زرعت في نفوسهم الحقد و الكراهية .
و ما ان تم اطلاق سراح احدهم إلا ويبدأ بالانتقام سواء من قوات الاحتلال او من ابناء الطائفة الاخرى فأشتعلت لهيب الحرب الاهلية التي اختلط الحابل بالنابل و ان الجماعات الارهابية استغلت الوضع السياسي و النفسي للشعب و خاصة المكون السني و لعبت على الطائفية المقيتة بشكل مبرمج و كان رد الفعل طائفياً بامتياز حتى الان و معركة الفلوجة خير دليل على
ذلك فأصوات المكون السني ترتفع مطالباً بعدم مشاركة الحشد الشعبي الشيعي المدعوم ايرانياً في المعركة خوفاً من الانتقام و التدمير و الحشد جعل منها هدفاً للثأر و ما تسرب من صور و مقاطع تظهر بشكل جلي ما نذهب اليه .
بعد هذا السرد القصير للاحداث يظهر بان دمار العراق مسؤولية مشتركة بين النظام السياسي العراقي (الشيعي او السني) و دول خارجية (امريكا و اوروبا و ايران) و هذا ما يعني بان هذه الدول هي التي تريد من العراق هكذا تنفيذاً لمصالحهم و اجنداتهم و من جانب اخر تدل بان الشعب العراقي هي البيئة الملائمة ليكون ادوات لتنفيذ مثل هذه السياسات التي يكون هو وحده الضحية و الخاسر و الدمار يشمل كل مرافق للحياة بل بات العراق دولة على ورق و لكن على ارض الواقع لم يعد هناك دولة باسم العراق .