19 ديسمبر، 2024 7:51 ص

دماء وتضحيات العراقيين سر انتصاراتهم

دماء وتضحيات العراقيين سر انتصاراتهم

( أن من يملك التأريخ لا يمكن أن يكون جثة مجهولة على قارعة الطريق)
يبقى العراقيون عموما والموالون لأهل البيت (عليهم السلام) خصوصا يضربون للإنسانية والعالم اجمع دورسا قل نظيرها في الفداء والاقدام والاستبسال والتضحية ، بل ان سمة التحدي للصعاب والظروف المعقدة تحولت الى علامة فارقة لهذا الشعب الآبي وامتاز بها عن باقي شعوب والامم الاخرى .

في الاسبوع المنصرم كانت هناك زيارة خاصة للامامين العسكريين (ع) في سامراء لاحياء شهادة الامام الحسن العسكري (ع) والتي شهدت مشاركة عشرات الالاف من الموالين لاهل بيت النبي (صلى الله عليه واله) الذي سطروا ملحمة أخرى من ملاحم النصر والعنفوان التي عبرت عن عمق صدق انتمائهم وولائهم لدينهم ولوطنهم والتي رسم صورة من مشاهدها المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي في خطابه (النصر في عيون الزائرين) والذي عبر من خلاله سماحته عن اعتزازه وفخره بالجهود الاستثنائية التي بذلها جميع من ساهم في انجاح هذه الزيارة المليونية للامامين العسكريين(ع) في سامراء وخصوصا افراد قواتنا المسلحة والمتطوعيين الغيارى الذين أمنوا الطريق للزائرين رغم الظروف الامنية المعقدة التي تشهدها المنطقة الممتدة مدينة الكاظمية في شمال العاصمة بغداد الى مرقد الامامين العسكريين (ع) الواقع في جنوب سامراء وتخومها ، المرجع اليعقوبي لم يجد الا ان يتوج اولئك الزائرين الفدائيين بتاج الشجاعة ( يجب أن نتوج المشاركين في هذه الزيارة بتاج الفخر والشجاعة والفداء والانتصار والولاء الصادق) وهي أوسمة عز وفخر لأولئك الابطال الزائرين الذي بين المرجع اليعقوبي الاسباب التي دعت الى هذا التتويج المبارك للزائرين في يوم تتويج الامام المهدي (ع) ولعل في مقدمتها اللوحة الفنية الحسينية التي جسدتها تلك الحشود المؤمنة عبر تحديها للإرهاب التكفيري وجنده الظلاميين من خلال مسيرة على الاقدام لمسافة امتدت لحوالي (125 كم) في ذلك الطريق الذي ملئ بالألغام والمفخخات من قبل جنود الجهل التكفيري ، ويقول سماحة المرجع اليعقوبي في أسباب تتويج اولئك الزائرين ( لأنهم تحملوا الصعوبات وتحدّوا الإرهاب المتوحش الذي يرتعد من مجرد ذكر أسمه اعتى الطواغيت،وقطعوا طريقاً مليئة بالألغام ويحيطها القتل والتدمير).

الفدائية التي تميزت بها حشود الزائرين كان لها مدلولات عديدة تبين الايمان والاندفاع الكبير من قبل العراقيين الموالين من الرجال والنساء والاطفال الذين تحدوا طريق الرعب لما يتضمنه ذلك الطريق من مخاطر محفوفة طالما تعرض لها العسكريين والمدنيين من قبل وحوش التكفير ومرتزقتهم في هذا الطريق الواصل بين بغداد وسامراء ليسجل اولئك الزائرين ملحمة تضاف الى سجل الملاحم المتوالية لبطولات شعب العراق وصموده وصبره وجهاده وانتصاره والتي قدموا من خلالها للانسانية ولا زالوا دروسا في الشجاعة والاقدام والمبادئ الانسانية العليا ويصف المرجع اليعقوبي ملامح ذلك المشهد المهيب (فبينما يتحصّن المتقاتلون الاشداء من جيوش العالم بالخنادق والسواتر والآليات المدرعة او الانبطاح على الارض تفادياً للنيران وهم ثابتون في أماكنهم او يتقدمون أمتراً قليلة ، زحف المؤمنون الموالون رجالاً ونساءً واطفالاً مرفوعي الرؤوس منتصبي القامات يسيرون بسكينة ووقار مائة وخمسة وعشرين كيلومترا وترفرف بأيديهم أعلام النصر والثبات والإقدام ورايات الولاء والمودة ، وقد يرى أحدهم اطلاقات النار تصيب من يسير الى جانبه فيُستشهد أو يصاب ويمضي هو في طريقه الى الامام) .

 

وبينما تتكشف يوما بعد أخر للآخرين معادن رجال العراق النادرة من خلال مواقفهم البطولية في تلك الزيارات المليونية او صفحات جهادهم المضيئة والتي سطروا أحرفها من ذهب في ساحات المنازلة والمواجهة مع جبهة التكفير الوهابية ومن يساندها ويدعمها بالمال والسلاح واشباه الرجال ، ولقد تجاوز ابطال قواتنا المسلحة الازمة التي صُنعت لتدميرهم نفسياً من قبل اطراف داخلية وخارجية معروفة استطاعت شراء ذمم عدد من رؤوس قيادات الدفاع والداخلية بحفن من الدولارات القذرة في سبيل تحقيق حلمها المريض بانقلاب عسكري للسيطرة على محافظات الغربية والموصل مستهدفين السيطرة على بغداد لإعادة اعلان دولة (البعث الداعشي).

ولذلك كانت حشود المتطوعين الغيارى التي هبت لمساندة الجيش العراقي في تلك اللحظات التاريخية ابلغ الاثر في اعادة الروح والثقة لأفراد اجهزتنا الامنية بعد النكبة التي اعقبت سقوط الموصل وغيرها من المدن العراقية في قبضة المرتزقة الاجانب ومن يساندهم من خونة تراب العراق من البعثيين والسلفيين الغادرين ، ويوما بعد يوما تلوح في الافاق بشائر الانتصار لقواتنا الامنية والمتطوعين الغيارى ويتبين حجم الاندحار في صفوف الظلاميين والتكفيرين الدخلاء والعملاء من خلال سلسلة من الانتصارات المتتالية لقوى الخير المدافعة عن تراب العراق الطاهر من دنس الغرباء ، بشائر النصر لاحت من ديالى ونواحيها الى آمرلي وسدة الموصل وجرف الصخر وبلد وسامراء وهيت وسنجار وغيرها من المدن شاهدة على شجاعة وبسالة الانسان العراقي وهو يضحي ويجود بنفسه ويبذل روحه ويقدم دمائه الطاهرة وهو اقصى غاية الجود والكرم والسخاء .

لذلك يدعو المرجع اليعقوبي ابناء العراق اصحاب الملاحم والبطولات والتضحيات الى قطع الطريق امام من يحاول ان يصادر انتصاراتهم في منازلتهم ضد جبهة الباطل الارهابية ويحث سماحته الشعب العراقي الى قطع الطريق امام الاجنبي وعملائه المأجورين ومحاولاتهم إظهار العراقيين على أنهم متفرجين وعاجزين عن الدفاع عن بلدهم وقيادة معركتهم ضد الارهاب وذلك بقوله (ندعو الشعب العراقي الذي سطر هذه الملاحم أن لا يسمح للأجنبي وعملائه أياً كان ممن وجد شبراً على هذه الارض المباركة وشارك بشكل او بآخر في مواجهة الارهاب العاتي ان يصادر انتصاراتهم وينسبها الى نفسه )، وفي الوقت الذي تقدر فيه المرجعية الرشيدة في النجف الاشرف جهود كل الذين مدّوا يد العون الى العراقيين في هذه المحنة الكبيرة لكنها في الوقت ذاته ترفض مصادرة جهود وتضحيات ابناء العراق(لكن هذه المساهمة مهما كان حجمها لا يجوز أن تصادر حقّ العراقيين وزهو انتصاراتهم وزخم تضحياتهم وجهودهم الجبارة).

ولعل هذا التشخيص من المرجع اليعقوبي محاولة لإيقاف مصادرة دماء شهدائنا البواسل وجهود مقاتلينا الابطال والذي له ما يبرره على ضوء ما نتابعه في الاعلام وغيرها من ساحات ومواقع المعارك التي يتم فيها ابعاد الاضواء عن معالم وملامح بطولات قواتنا في الاجهزة الامنية والمتطوعين الغيارى والتركيز على الاخرين بصورة مبالغة فيها وعلى حساب الرجال الذي لا زالت دمائهم تروي تراب هذا الوطن الطاهر من أجل تخليصه من جرذان داعش التكفيرية المجرمة وتطهير كل شبر من أرض العراق الحبيب .

أحدث المقالات

أحدث المقالات