18 ديسمبر، 2024 10:12 م

موسوعة شهداء العراق
الحلقة المائة وست وثمانون
نادية كوركيس حنا
{إستذكاراً لدماء الشهداء التي ستظل تنزف الى يوم القيامة، من أجساد طرية داخل اللحود، تفخر بها أرواح خالدة في جنات النعيم، أنشر موسوعة “دماء لن تجف” في حلقات متتابعة، تؤرخ لسيرة مجموعة الابطال الذين واجهوا الطاغية المقبور صدام حسين، ونالوا في معتقلاته، خير الحسنيين.. الشهادة بين يدي الله، على أمل ضمها بين دفتي كتاب، في قابل الايام.. إن شاء الله}

 

القاضي منير حداد

تشغل شهيدة الظروف الغامضة في زمن “الطايح رايح” نادية كوركيس حنا، الرقم 124 من 176 شاباً بينهم عشرون صبية بعمر الزهور، أعدموا دفعة واحدة من دون توضيح الأسباب لأهلهم ولا حتى الجلاد الذي شنقهم او عذبهم قبل الشنق، زاعقاً:

– إعترفوا!

– بماذا؟

لا هو يعرف ولا هم يعرفون… مخلصاً لإيلامهم بجد.. من شغاف قلبه، في سبيل الشيطان وإرضاءً للذة الولوغ في الدم البريء.

كمن يعرض تراباً عتيقاً للبيع؛ إعتقلت شقيقة اللاعب الدولي باسل كوركيس، مطلع ١٩٨٠ وعمرها ثمانية عشر عاما.. طالبة في كلية الزراعة بجامعة بغداد، وإمحى أثرها.. نسياً منسياً، كما دعت جدتها مريم العذراء.. عليها السلام: “قالت ياليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا” القرآن.. سورة مريم الآية 24 فإستجاب الرب للعذراء بحفيدة بعد 1980 عاماً، إذ إصطفى نادية شهيدة بين الانبياء والصديقين والاولياء في جنات عدن يمرحون خالدين.

إختفى اثر الشهيدة نادية كوركيس حنا، سنوات طويلة.. لم تجدِ محاولات أخيها باسل.. نجم كرة القدم العراقية والخليجية والآسيوية.. في العثور او الاطمئنان عليها.

تسرب الى مسامع والدها الملهوف، من أحد منتسبي الأمن العامة.. سنة ١٩٨٥ أنها واحدة من 176 شاباً وصبية أعدموا في دهاليز وأقبية وسراديب النهاية التي لا بداية لها؛ فـ… حيثما ما وليتم وجوهكم ثمة موت محيط يحدق بالعراقيين!

بعد ٢٠٠٣ عثر على ملف نادية، وجاء في نص الوثيقة الصادرة عن مديرية امن محافظة بغداد: “العدد / ص19 / ق3 / 6453 التاريخ 1983 / 12 / 5 اشارة الى كتاب مديرية امن بغداد / س62946 / 52 في 1982 / 12 / 23 تم تنفيذ حكم الاعدام بحق المدانين المدرجة اسماؤهم ادناه كونهم من عناصر الحزب الشيوعي العراقي العميل. نرجو تبليغ ذويهم في ضوء ماورد اعلاه مع التقدير…

 

عـ/ مدير امن محافظة بغداد

اسماء الضحايا:

رقم (124) نادية كوركيس حنا ـ بغداد المدرسة الإنجليزية الجديدة…”.

نادية وأقرانها من أبرياء العراق، خلدوا في الدنيا والآخرة نجوماً وضاءةً لم تخبئها ظلمات أمن الطاغية تحت عباءة الجور وستار القمع وطوامير القسوة، إنما حلقت في فضاءات الرحمة غفراناً لعمرها الغض.. تباركت نادية كوركيس حنا، بين القدسيات في الجنة.