موسوعة شهداء العراق
الحلقة الرابعة والثمانون بعد المائة
الشهيدة شكرية عبد الغفور
{إستذكارا لدماء الشهداء التي ستظل تنزف الى يوم القيامة، من أجساد طرية في اللحود، تفخر بها أرواح خالدة في جنات النعيم، أنشر موسوعة “دماء لن تجف” في حلقات متتابعة، تؤرخ لسيرة مجموعة الابطال الذين واجهوا الطاغية المقبور صدام حسين، ونالوا في معتقلاته، خير الحسنيين.. الشهادة بين يدي الله، على أمل ضمها بين دفتي كتاب، في قابل الايام.. إن شاء الله}
يوم إعتقلت الشهيدة د. شكرية عبد الحميد غفوري، في العام 1984، كانت في ريعان شبابها المغدور غيلة في الأمن العامة.
طبيبة الاسنان الشابة، التي ولدت في العام 1937، أُخِذَتْ بالإيمان على أنه جريمة، سيقت بموجبها مخفورة الى دائرة امن الطاغية المقبور صدام حسين، الذي حظر على العراقيين حق الاعتقاد.. يقابله بالاعتقال، متهمين بالخيانة الوطنية العظمى، مفترضا أنه.. هو العراق، إستجابة للشعار الذي جاهر بترديده قهرا لامة كاملة، من دون خشية الرب او احترام للحريات العامة او الحياء…
أما الرادع الدولي فلا وجود له لأن صدام.. آنذاك.. كان حارسا لمصالح الإرادات العالمية العظمى، التي سقاها بدماء شعبه، يديم مكوثه على كرسي الحكم، بدليل.. مجرد توقف الحرب العراقية الايرانية إستغنوا عن خدماته وبدأوا يفتعلون المشاكل من حوله.
تتبتلت د. غفوري، منقطعة الى الله، من دون زواج؛ لانها مستخفة بمغريات الدنيا حتى المشروع منها؛ تماهيا مع روح الملاك الحارس، الذي إصطحبها من دهاليز الأمن الى جنة الخلد.
تهمة د. شكرية عبد الحميد، هي الانتماء لله، من خلال درج وعيها ضمن تنظيمات حزب الدعوة الاسلامية، ما يعني أنها عالمة طب وشخصية قدسية النور؛ لجمعها إثنين من معطيات الدنيا والآخرة.
إعدام الشهيدة د. شكرية عبد الحميد غفوري.. الطبيبة التي كان بإمكانها إستثمار مهنتها النادرة تفردا، في تحقيق ثراء يوفر لها رفاها، على العكس من خيارها بكامل الارادة الواعية، أن تموت بريح طيب يعطر القبر ويطهر الثرى الذي إحتوى جثمانها الخالد، وتحتضن السماء روحها.
إشتمالات حياة الشهيدة غفوري، تتسلسل في نوع من سيرة تقتدى من قبل بنات اليوم والغد؛ إذا أردن حرية حقيقية راسخة الدعامات برصانة توقر شخصياتهن عيشا محترما من دون قيود.
في القرار 2789 / 1 الصادر عن مديرية شهداء بغداد، مصدر ثابت يوثق تضحية د. شكرية غفوري، وهي تسمو أثيرا ماسيا.. مذهّب الاجنحة، تحلق في الفضاءات.. من الارض صاعدة نحو الجنة، على مدارج الريح اللانهائية.
للفصل بين الحرية والانفلات، أتمنى على الصبايا أن يقرأن سيرة الشهيدة كما مدونة في سجلات الامن التي أعادت المديرية صياغة مصطلحاتها من هدر قيمة الانسان، الى تسميات تصحح المعنى حقا.
فقد إعتقلت شابة.. في عنفوان صباها الوظيفي.. أمامها فصا طيبة لحياة مترفة.. بين الحرير والتجوال والسفر وأطايب الاكلات، لكنها آثرت الآخرة على الدنيا! مقدمة الإسوة الحسنة.