من الواضح والمعروف لدى الجميع ان وسائل الاتصال الحديثة لم تكن متوفرة في الازمان الماضية، فكانت الناس تستعيض عنها باساليب كثيرة، يعني عندما تنبح الكلاب فهذا يعني ان غريبا دخل الى القرية، لان الكلاب عادة لاتنبح ابناء القرية الواحدة لانها تعرفهم، ويحكى ان قبيلة ما اختلفت مع قبيلة اخرى، ووصل الامر الى المعارك، وكان رجل يسكن في اطراف القرية مع عائلته يسمونه( متطرف)، اي منفرد، فجاء الى شيخ القبيلة وقال له: انك تعرف ان الضربة الاولى ستكون ببيتي، فهل لديك حل لهذه المعضلة، وشكا وبيّن قلة مناصريه، وكان كل بيت في سابق الزمان يحتفظ بدف يستخدمه لانذار العشيرة، فقال له الشيخ: ( دك دفك خلي ايسمعونه)، مايعني ان الرجل حين يرى الشر قادما يقرع الدف فتتهيأ القبيلة، ونحن قصتنا مع الحكومة وامانة بغداد عكس هذه القصة تماما، لان الامطار تدخل البيوت وتغرق الناس وتخسر الكثير وبعد ثلاثة او اربعة ايام ينحسر الماء، كما يقولون بعد خراب البصرة، نقرع الدفوف ونستغيث ونصرخ، والماء يأتي من خارج الدار، او يخرج من داخلها من انابيب الصرف اللاصحي، مسؤولون في امانة بغداد يقولون ان حزب البعث يلقي في انابيب التوصيل الرئيسة ثلاجات ومكيفات مستهلكة لغرض تخريبها، ومسؤولون آخرون يقولون ان الامر سياسي.
يعني الشعب العراقي صار كالفأر الذي تجرى عليه التجارب العلمية، خطوط تصريف المياه عاطلة، وقد اسرني بعضهم ان كل ماتقوله امانة بغداد والحكومة هو كذب بكذب، لايوجد مشروع واحد للمجاري قد اكتمل، انهم يحفرون هنا وهناك بلاجدوى، خمسون بيتا اعترضت طريق خط الخنساء الشهير منذ عامين والامر يتعقد اكثر، لان الحكومة ليست لها قدرة على ازاحة هذه البيوت، ما ادى الى تفاقم الامر لتصبح الخمسون 1500 بيت، وهذا طبعا سيغير ستراتيجية امانة بغداد الذي رأى العباقرة فيها على تحويل خط الصرف الصحي الى اتجاه آخر.
انا متأكد ان الامطار ستسقط جميع المتدينين وتظهرهم على حقيقتهم، انه يوم الحساب او هو المحك الحقيقي الذي يتطلب ان يقف الشعب صفا واحدا ويطالب الحكومة ماذا عملت في هذه السنين الثمانية؟ وهل ان الحكومة تفانت من اجل الكهرباء لتترك بقية الخدمات ومنها المجاري مثلا، والسؤال الآخر ان الحكومة قد استوردت الكثير من السيارات الحوضية، اين صارت هذه السيارات وفي اي جيب صبت اموالها، ان الحكومة وامانة بغداد ومحافظة بغداد، ومجالس المحافظات الاخرى امام محنة كبيرة، وهذه المرة لايمكن تفرقة المتظاهرين، تظاهرات من السماء ومياه آسنة ستغزو الدور، فماذا سيفعل الخبراء والمستشارون، هل سيلجؤون الى حلول ترقيعية كما اعتدنا على نباهتهم، ام ان رئيس الوزراء سيتدارك الموقف ويعطي لكل غارق مليون دينار، وهذه الحلول الغبية تنبي ان القائمين على الامر اناس سذج اخطأ الشعب العراقي كثيرا حين اتى بهم الى سدة الحكم، وهو مطالب ان يدفع ثمن الخطأ الذي ارتكبه، وربما وزع المالكي دفوفا على الشعب واوصى كل واحد منهم حين تدخل عليه المياه ان يضرب على الدف خاصته وهو يقول: (دك دفك خلي ايسمعونه).