23 ديسمبر، 2024 7:54 ص

دكتاتورية مفاسد المحاصصة !!

دكتاتورية مفاسد المحاصصة !!

يبقى العراقيون بانتظار موقف نهائي، صريح ومباشر من مرجعية النجف الاشرف لإعادة هندسة بناء الدولة ، والمواطن العراقي يواجه آثام مفاسد المحاصصة ،حيث تحفل منصات التواصل الاجتماعي بحوارات متعددة الأطراف، تقارن بين علاقة الفساد بالنظام السياسي في البلد، فمنهم من يرى ان الدكتاتورية تؤسس لمفاسد السلطة، ويذهب الرأي الاخر الى ان الديمقراطية تبني قيم النزاهة، فيما يتفق الجميع على ان القول بديمقراطية النظام السياسي القائم حاليا في العراق انما يقتصر على التداول السلمي للسلطة بموجب انتخابات فيها الكثير مما يمكن قوله عن عدم انسجامها مع المعايير الدولية، السؤال المطروح: هل ثمة دكتاتورية لمفاسد المحاصصة ؟؟
لست بصدد شرح معمق لمفهوم النظام السياسي، الرأي السائد في كلمة نظام، تؤكد معنى انتظام أمر الامة في سياق منهج معروف ونطاق حكم واضح، أساس نظام الحكم الديمقراطي المتعارف عليه منذ أواسط القرن التاسع عشر، تمثل في ظهور الأحزاب التي تعبر عن اراء ومواقف شرائح من المجتمع، وجميع هذه الأحزاب تعترف بالعقد الدستوري للدولة ، فالأحزاب البريطانية تحكم باسم الولاء للملكة، وأيضا المعارضة البرلمانية تعارض باسم ذات الولاء المعبر عن الهوية الوطنية البريطانية ، ونقلت هذه التجربة الى عراق العهد الملكي، وغادرته في عهود جمهورية لاحقة، مرة الى ما وصف بالمشروعية الثورية ، وأخرى نتيجة انقلابات عسكرية .
يعرف النظام السياسي في عراق اليوم بالديمقراطية التوافقية، ربما لا تحمل نموذج المحاصصة ومفاسدها، لكن ما تم تطبيقه طيلة عقد نصف مضت ، انتهى الى نتيجة تردد أصداؤها في أروقة الدولة ، بان هذا النموذج غير قابل للاستمرار، والحاجة ماسة للتغيير المنشود في أعادة هندسة بناء الدولة من جديد ، تتخذ من المنهج الديمقراطية نظاما للحكم ، وتواجه في ذات الوقت معضلة مفاسد المحاصصة ، وتلك معادلة ليست بالسهلة في إدارة الدولة ، ولأسباب عديدة ، لكن في حدود فكرة هذا المقال ، ان أي مسعى للتغيير، يواجه دكتاتورية مفاسد المحاصصة ،لاسيما تلك الشرائح الاجتماعية التي استفادت من هذه المفاسد والتي اطلق عليها وصف “حواسم الانتخابات” لذلك الجمهور الذي يعتلي منصة الانتخابات ويشارك فيها ،دفاعا عن هذه المصالح الشخصية، مقابل الأغلبية الصامتة التي ترفض المشاركة في الانتخابات، وهكذا يتكرر ذات النموذج حتى وان كان البرنامج الحكومي واعدا والتصريحات السياسية تبشر بعودة الخدمات العامة ، بل هناك من يبشر بالرخاء الاقتصادي عبر مشاريع استثمارية واسعة ، فتنتهي النتيجة دائما بعد كل دورة انتخابية، الى عدم محاسبة ومسائلة الشعب من الناخبين ، لمن منحوا الثقة عما انجز من فقرات البرنامج الحكومي ، او اليات صرف أموال الشعب في تلك الموازنات المالية السنوية ، ناهيك عن تساؤلات كبرى عن أسباب ظهور عصابات داعش الإرهابية وما سببت من ازمات أمنية واقتصادية واجتماعية ، يبقى الحدث يدور في فلك التحليل حتى بات اكبر هموم العراقي الخلاص من هذه التحليلات الفجة وصولا الى اليات إعادة بناء الدولة من جديد !!
اكرر السؤال: كيف يمكن مواجهة دكتاتورية مفاسد المحاصصة ؟؟
تتمثل في الإجابة في الخطوة الأولى بإلغاء الاتفاقات التي ابرمتها قوى المعارضة العراقية مع قوى دولية وإقليمية قبل عام 2003 ،والخطوة الثانية ، الغاء نموذج الأحزاب العائلية او تلك التي تنحصر في مذهب او شريحة مجتمعية، وتعديل قانون الأحزاب لتأسيس أحزاب وطنية جديدة ، تعترف بالعقد الدستوري لدولة المواطنة وليس دولة المكونات المذهبية او القومية، ولان المرجعية الدينية العليا ، تمثل الغطاء الوطني الأكبر وعملت على تشكيل اول ائتلاف انتخابي عام 2005 ، فاعتقد المطلوب من الشعب عامة ، ومقلديها خاصة ، تجديد الدعوة لإصدار فتوى اقرب الى فتوى الجهاد الكفائي لمواجهة دكتاتورية مفاسد المحاصصة، فدون هذا الموقف القوي للنجف الاشرف، لا اعتقد ان أي طرف من اطراف دكتاتورية المحاصصة، يمكن ان يردع في صندوق الانتخابات ما دام قانون مفوضية الانتخابات لا يعتمد نسبة الحد الأدنى من اعداد الناخبين المشاركين فعلا في التصويت .
يضاف الى ذلك ان الله عز وجل، قد كرم بني ادم بالعقل، مناط التكليف يوم الحساب، واي دلالة حسية بين نموذج فتوى الجهاد الكفائي، واي فتوى أخرى لتحريم مشاركة رجال الدين في العمل السياسي، تتطلب استعادة ريادة المرجعية الدينية في النجف لزمام المبادرة في إعادة هندسة بناء الدولة، فبعد كلما مضى وما يواجه الانسان العراقي اليوم من آثام مفاسد المحاصصة، يبقى نظره صوب حوزة النجف الاشرف ينتظر منها، اما الحل الصريح والمباشر والنهائي ، او المضي لحلول احلاها مرا، بينها انتظار التغيير من الخارج، ولله في خلقه شؤون.