23 ديسمبر، 2024 6:05 م

دكتاتورية مستنسخة!!

دكتاتورية مستنسخة!!

يبدو أن السؤال نفسه موجود عند كل مواطن: أين ذلك الرجل الكبير الذي يضرب بالحذاء على صورة الدكتاتور صدام؟ وأين الأطفال الّذين يضربون على رأس تمثال يجر في الشوارع؟ فهل دمج ذلك الشيخ مع السلطة، او شمل بالاجتثاث او قتل بالكاتم؟ وهل اولئك الاطفال اغتالهم الإرهاب في المدارس والحدائق أو الأسواق؟ أم أكملوا الدراسة ويقفون في مساطر العمال، او إنهم ذهبوا للتطوع في القوات الأمنية، وتنتظر الأمهات أن يأتوا شهداء؟!

تخيل العراقيون ذلك اليوم، اقتلاع الدكتاتورية بعد زوال صنمها، وفرشت الآمال عريضة، فرحوا ومعهم كل شعوب العالم بزوال حاكم لم يجعل له صديق.

منظر تركيزنا فيه تهاوي الدكتاتور، ويهلهل أهل الجنوب قبل الشمال، لم نتصور ذلك الصنم الذي يخشى التقاط صورة بجانبه، او النظر طويلا الى تمثاله، وإن رمز الأمة وقائد الضرورة يقف على أعواد خاوية، وتلك الشمولية في لحظة وقفت أدواتها بالضد منه.

ما زرعه صدام من منهج، كنا نعتقد أنه يزول ويقتلع معه، وما أسس منهج ليس على قواعد علمية وإنسانية؛ يشبه تصرف صاحب سلطة ومؤسسة، طوعها بأفعاله الهوجاء، الراسخة حتى في منهاج الدراسة، وأفعال يتعلمها الصغار والكبار، فهل تعني الصدامية أسم على مسمى، وهي الصُدامية والتضاد والمخالفة؟ وهل هي مرض معدي يصيب الأصدقاء والاعداء؟

كنا نتأمل كثيراً، ونحلم أكثر، وننتظر ان تُطوى تلك الحقائق المريرة، ولا يصدق العقل زوال المتفرعن؛ حيث الحاكم ولا بديل له سوى نفسه، وإن مات سيكون لأبنه وعائلة وحزبه الاكثر حرصاً وحفاظا على الامن الوطني! والأخرين لا يحق لهم كلام في مصلحة البلدان وأن دعت ضرورات البقاء لا يحق العيش! وصار المتملقين يعقفون ألسنهم ويظلون سياراتهم وتقاليدهم. 35 عام حفرت في ذاكرة المحرومين جراح كمن يحفر على اشجار الغابات ذكريات مؤلمة، ولا تزول بعدة سنين، تحمل أمراض معدية، وتنتظر المغفلين.

النخبة السياسية بعضها من يقود العراق اليوم، تعتقد انها كانت بالمواجهة، أكثرها أصيب بالعدوى الصدامية.

من المؤسف جداً أن تنهي الدكتاتورية بولادة دكتاتورية باسم الديموقراطية، وإن صدام لا يزال باقي، ومثلما كان أسمه على مسماه، يحاول البعض ان ينسخ التجربة، ويستخدم الاسماء ليكون من مالكي العراق وشعبه، يُشيع أن الأبدية في الحكم هي قدر العراقيين، ولا بديل للحاكم الاّ الحاكم، وحتى حزبه أصبح عقيم عن إنجاب القائد الأوحد، المتحرك بالبطانة المنتفعة والمنتفخة. فهل يستطيع صندوق الاقتراع هذه المرة قلع الصداميين، ام أن صدام لا يزيله الاّ بالصُدام والحروب والتدخل الدولي! ومن خرج من الحفرة لم يكن سوى شبيه، وهناك ألف شبيه قيد الحياة.