19 ديسمبر، 2024 12:27 ص

دكتاتورية الفكر تسببت بالهزيمة النفسية قبل العسكرية لبلاد الإسلام !!!

دكتاتورية الفكر تسببت بالهزيمة النفسية قبل العسكرية لبلاد الإسلام !!!

كثيراً ما كانت نتائج الحروب التي دخلها الحكام العرب سلبية وليس في صالح شعوبهم، وأحد الأسباب المهمة هي دكتاتورية هؤلاء الحكام وابتعادهم عن الشعوب واعتبار الشعوب عبيداً لتنفيذ رغباتهم في الغزو، ولذلك فعندما يشتد الوطيس تجد أن الشعوب تتخلى عن هؤلاء الحكام وكأن في العملية ثأر بين الطرفين.

وحقيقة الأمر أن غالبية الحروب لم تكن من أجل الوطن أو مصالح الشعوب، بل كانت من أجل حماية الحكام أو لأجل التوسع وبناء المجد الشخصي لهم على حساب الشعب، وهذا بدوره أدى إلى أن تعيش الشعوب حالة الانهزامية عند القتال مع العدو، وهو واضح وجلي في كثير من الحروب التي خاضها الملوك والحكام العرب والمسلمين.

ومن خلال المحاضرة السابعة والعشرين من البحث التأريخي العقائدي الموسوم ( وقفات مع …. توحيد التيمية الجسمي الأسطوري ) تطرق المرجع المحقق الصرخي الحسني إلى هذا الأمر بقوله:

( المورد32: الكامل10/(98): [ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَثَمَانِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ(586)]: [ذِكْرُ رَحِيلِ الْفِرِنْجِ إِلَى نَاحِيَةِ عَسْقَلَانَ وَتَخْرِيبِهَا]

قال(ابن الأثير): {1ـ 2- 5ـ وَنَزَلَ الْفِرِنْجُ بِهَا (قَيْسَارِيَّةَ)، ثُمَّ سَارُوا مِنْ قَيْسَارِيَّةَ إِلَى أَرْسُوفَ.

6ـ وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ قَدْ سَبَقُوهُمْ إِلَيْهَا (أرْسُوفَ)، فَلَمَّا وَصَلَ الْفِرِنْجُ إِلَيْهِمْ حَمَلَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِمْ حَمْلَةً مُنْكَرَةً وَأَلْحَقُوهُمْ بِالْبَحْرِ، فَلَمَّا رَأَى الْفِرِنْجُ ذَلِكَ اجْتَمَعُوا، وَحَمَلَتِ الْخَيَّالَةُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ حَمْلَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ، فَوَلَّوْا(المسلمون) مُنْهَزِمِينَ لَا يَلْوِي أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ، فَلَمَّا انْهَزَمَ الْمُسْلِمُونَ عَنْهُمْ قُتِلَ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَالْتَجَأَ الْمُنْهَزِمُونَ إِلَى الْقَلْبِ، وَفِيهِ صَلَاحُ الدِّينِ.

7ـ ثُمَّ سَارَ الْفِرِنْجُ إِلَى يَافَا فَنَزَلُوهَا، وَلَمْ يَكُنْ بِهَا أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَمَلَكُوهَا. 8 ـ وَلَمَّا كَانَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِأَرْسُوفَ مِنَ الْهَزِيمَةِ مَا ذَكَرْنَاهُ، سَارَ صَلَاحُ الدِّينِ عَنْهُمْ إِلَى الرَّمْلَةِ، وَاجْتَمَعَ بِأَثْقَالِهِ بِهَا، وَجَمَعَ الْأُمَرَاءَ وَاسْتَشَارَهُمْ فِيمَا يَفْعَلُ فَأَشَارُوا عَلَيْهِ بِتَخْرِيبِ عَسْقَلَانَ.

9ـ وَقَالُوا لَهُ: قَدْ رَأَيْتَ مَا كَانَ مِنَّا بِالْأَمْسِ، وَإِذَا جَاءَ الْفِرِنْجُ إِلَى عَسْقَلَانَ وَوَقَفْنَا فِي وُجُوهِهِمْ نَصُدُّهُمْ عَنْهَا، فَهُمْ لَا شَكَّ يُقَاتِلُونَنَا لِنَنْزَاحَ عَنْهَا فَيَنْزِلُوا عَلَيْهَا، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ عُدْنَا إِلَى مِثْلِ مَا كُنَّا عَلَيْهِ عَلَى عَكَّا وَيَعْظُمُ الْأَمْرُ عَلَيْنَا، لِأَنَّ الْعَدُوَّ قَدْ قَوِيَ بِأَخْذِ عَكَّا وَمَا فِيهَا مِنَ الْأَسْلِحَةِ وَغَيْرِهَا، وَضَعُفْنَا نَحْنُ بِمَا خَرَجَ عَنْ أَيْدِينَا، وَلَمْ تَطُلِ الْمُدَّةُ حَتَّى نَسْتَجِدَّ غَيْرَهَا.

10ـ فَلَمْ تَسْمَحْ نَفْسُهُ بِتَخْرِيبِهَا، وَنَدَبَ النَّاسَ إِلَى دُخُولِهَا وَحِفْظِهَا فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ إِلَى ذَلِكَ وَقَالُوا: إِنْ أَرَدْتَ حِفْظَهَا فَادْخُلْ أَنْتَ مَعَنَا أَوْ بَعْضُ أَوْلَادِكَ الْكِبَارِ، وَإِلَّا فَمَا يَدْخُلُهَا مِنَّا أَحَدٌ لِئَلَّا يُصِيبَنَا مَا أَصَابَ أَهْلَ عَكَّا({.

ويعلق المرجع الصرخي على ما ذكره ابن الأثير بقوله (سبحان الله، انظروا إلى ما وصل إليه حال صلاح الدين فصار يستجدي الجند فلا مجيب، ويستجدي النصرة فلا مجيب، فيستجدي الناس لحماية المدن فلا مجيب!! بل يجد الرد العنيف منهم، الكاشف عن اليأس الشديد الذي وَصَلوا إليه بسبب الحروب المستمرة التي لا طائل منها ولا مكسب فيها للناس غير القتل والتشريد وخراب البيوت وإبادة المجتمعات من أجل مكاسب دنيويّة للسلاطين والأمراء، ومن هنا جاء الرد عنيفًا وبكلّ وضوح من الناس اليائسة المكسورة المنهزمة نفسيًا قبل الهزيمة العسكريّة).

ولو كانت هذه الحروب من أجل الدفاع عن الأوطان أو الشعوب لما تخلى الناس عن حكامهم، ولتحررت كل الأراضي المغتصبة ولعاش الناس بعيداً عن الظلم والظالمين في ظل تحقق العدالة الاجتماعية.

http://gulf-up.com/do.php?img=287324