كلمة الدغل _بفتح الدال وتشديدها وفتح الغين _ تعني باللغة العربية الغش والتمويه والغدر والخيانة , وقد اعتاد العراقيون على اطلاقها عند الاشارة الى كل نبات بري ينمو من دون زرع وغالباً ما يكون قبيح الشكل , عديم الرائحة بلا فائدة , لا اصل له يستهجنه كل من يراه لبشاعة مظهره وغرابة شكله .
ينمو الدغل في الحدائق الغناء جنباً الى جنب مع نباتات الزينة الجميلة والازهار الجذابة التي تسر الناظرين فيشوه المنظر ويؤذي الزرع والتربة , لذلك يسارع الناس الى اقتلاع الدغل واجتثاثه من عروقه تخلصاً من شروره .
لا يقتصر الدغل على النباتات البرية الوحشية فحسب , بل هناك أمور اخري فيها دغل مضر لايقل تأثيره عن تأثير دغل الحدائق والبساتين , منها المواد الاستهلاكية المستوردة ذات المنشأ الرديء وبعض الاطعمة المصنوعة محلياً والسكائر مجهولة المنشأ وسيارات المنفيست التي تتحرك بالقدرة بل وحتى الكتابة والقراءة فيها دغل ضار تشمئز منه النفوس .
وكما ذكرت فإن الدغل يبحث عن التربة الطيبة فينبت فيها ليبث سمومه , وهذا ما حدث بالضبط في مجال الكتابة والقراءة , وعلى الاخص بعد سقوط النظام السابق الذي سبق له ان اغلق كل مجالات ابداء الرأي فجعل من حرية التعبير خيانة عظمى ومن تكميم الافواه واجباً وطنياً , لكن الآن صار العراقي ينتقد , ويكتب بيد لا ترتجف وبقلم عراقي لا شرقي ولا غربي , وصارت الصحف تكتب كثيراً وتتملق قليلاً عكس ما كان يجري سابقاً , فاصبحت تربة الكتابة في الصحف والمواقع الالكترونية تربة خصبة ومثمرة , لكنها في ذات الوقت اصبحت مغرية للدغل , فادى ذلك الى ظهور دغل من المقالات التي تكتب بتوجيه من خارج الحدود باقلام حاقدة , وحبر اصفر لئيم , لقاء اجور زهيدة .
مهما حاول الكاتب ان يخفي نزعته ولونه وطعمه فان السطور التي يكتبها تكشفه وتعريه , فالكاتب الذي يقول في سطوره ان شعب العراق هو شعب لملوم وان ارض العراق قصدتها شعوب عديدة كالاشوريين والفرس قبل ان يأتي رئيس عصابة اسمه خالد بن الوليد مع قادة آخرين مثل عتبة بن غزوان في طريقه للشام ….الخ هو ليس عراقي ولا مسلم …فالقائد المغوار الذي اطلق عليه المسلمون لقب ( سيف الله المسلول ) والذي لم يخسر معركة في حياته وفتح الامصار ونشر الاسلام هو رئيس عصابة في نظرهذا الكاتب وفي نظر دولة معروفة تدفع لمن يكتب مثل هذه الكتابات ضد العرب وقادتهم الابطال . بالله عليك يا من تقول ان شعب العراق هو لملوم فأي شعب في العالم هو من عنصر ودين وطائفة وأصل واحد ؟ الشعب الامريكي ام البريطاني ام الهندي ام الايراني ؟ ان الدغل يعمي الابصار احياناً .
هناك من يكتب ويقول في مقال دغل آخر ان العراق ليس بلداً عربياً ….اذا لم يكن العراقيون هم عرب اصليون فمن هم العرب الاصليين أذن ؟ المشكلة ان كل من يحصل على الجنسية العراقية بطريقة ما وهو غير عراقي – أي تبعية لدولة اخرى – يتصور ان كل العراقيين مثله , وبالتالي فان العراق ليس عربياً , في حين ان العروبة الحقيقية لا تتجلى بوجهها الناصع الا في دول عربية معدودة في مقدمتها العراق بشيعته وسنته . لقد قاتل الفدائيون العراقيون ضد العصابات الصهيونية في فلسطين عام 1948 جنباً الى جنب مع الجيش العراقي البطل الذي حله الامريكي ( بريمر ) عام 2003 وهم الذين تصدوا بطائراتهم المقاتلة لطائرات العدو الصهيوني في سماء سيناء عام 1967 , وهم الذين انقذوا دمشق من السقوط عام 1973 , ومع ذلك يكتب من يدعي انه عراقي مقالاً من نوع الدغل انشائه اسرائيلي ينكر فيه عروبة العراق فخر العروبة .
ومن مقالات الدغل المكتوبة بحبر صهيوني اصفر وانشاء اسرائيلي منحط مقالاً يشيد بالاسرائيليين , كله افتراءآت واكاذيب وإعجاب بالاسرائيليين, لم اكن اتصور ان هناك عراقي , مهما كان نوعه , يمكن ان يوافق على كتابة اسمه على مثل هذا المقال المسموم الذي تفوح منه رائحة اسرائيلية عفنة . ولا اتصور ان هناك صحيفة عراقية توافق على نشر مثل هذا الدغل والدعاية الاسرائيلية السخيفة بلا مناسبة وبلا مبرر .
بعد ذلك يطل علينا دغل جديد بنكهة قديمة معروفة وهي ان هولاكو لقي ترحيباً من المسلمين عندما هتك بغداد سنة 656 هجرية , وان الخليفة العباسي المستعصم بالله كان مستبداً في حين جاء هولاكو محرراً شأنه شأن جورج بوش عام 2003 ميلادية .. هذا الدجل مصدره معروف ايضاً وهو نفس المصدر الذي جعل من القائد البطل خالد بن الوليد رئيس عصابة من المسلمين نشروا دينهم الجديد في العراق والشام . لقد اتفق المؤرخون على هول ما حدث يوم سقوط بغداد بعد خيانة الوزير مؤيد الدين ابن العلقمي , فقد حدث ما لم يخطر ببال , واحترق الاخضر واليابس حتى ان هولاكو المغولي لم يتمكن من البقاء ببغداد سوى اياماً معدودة وذلك لعفونة هوائها بسبب تكدس جثث الاهالي , ويأتي اليوم دغل من البشر يدعي ان سقوط بغداد من قبل المغول هو تحرير مثلما احتل الامريكان بغداد فاصبح احتلالهم تحريراً بفضل علقمية البعض .
مقالات الدغل معروفة وظاهرة للقاريء , واصحاب مقالات الدغل هم من العراقيين الذين حصلوا على جنسية عراقية وولاء غير عراقي ولا عربي , محاولة تزوير التاريخ هو دغل يتوجب اقتلاعه من اجل الحفاظ على نقاء تاريخ الامة العربية والاسلامية وفاءً للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم القائل ( أحبو العرب لثلاث , لأني عربي , والقرآن عربي , وكلام اهل الجنة عربي ) .