22 نوفمبر، 2024 11:13 م
Search
Close this search box.

دعوى ثبوت النبوة العامة بالنبوة الخاصة 1/3

دعوى ثبوت النبوة العامة بالنبوة الخاصة 1/3

هذه الدعوى فيها دور، والدور في الاستدلال ممتنع عقلا. وأقصد بالدور بأن النبوة العامة نفسها تحتاج إلى دليل، وكوني قد صدّقت بها سابقا، إنما صدّقت بدليل تصديقها من قبل الكتاب المقدس الذي أؤمن به، لأني – في حالة الإسلام – توهّمت انسجام القرآن مع ضرورات العقل، ولذا اعتبرت تصديقه حجة، وذلك مع الإيمان بأنه قد طرأ على الأديان السابقة تغيير وتحريف، وإلا لو كنت بحثت فيها مسبقا، بدون افتراض صدقها بدليل تصديق الإسلام لها، فهي، وبالرغم من الكثير من تألقاتها، مليئة بالمقولات الخرافية، والتي تنسب إلى الله سبحانه وتعالى النقص في الحكمة تارة، وفي القدرة تارة أخرى، وفي العدل تارة ثالثة، وفي العلم تارة رابعة، وذلك بشكل ضمني، وإن لم يكن مصرَّحا به، لكن تلميحاته تكاد تكون بدرجة التصريح. وهذا كله من موارد النقص المنسوب لله، فهو بالتالي محال، ليس بضرورة الإسلام، بل بضرورة العقل. ووجدت وبحق – أو هكذا بدا لي في البداية – أن القرآن وحده من بين ما يسمى بالكتب المقدسة قد نزهه سبحانه عن جُلّ ما نسبت إليه تعالى الكتب المقدسة السابقة. ولكني بعد التعمق في القرآن، وجدت القرآن هو الآخر ينسب إلى الله ما لا يليق بعدله ورحمته وحكمته وجماله وجلاله، كما سأبين لاحقا، إلا إذا أُوِّلت تلك النصوص بجهد فوق العادة، لا يبتعد عن ليّها ليّاً عنيفاً. إذن تصديق ما يحتاج إلى دليل بدليل يحتاج إلى دليل محال عقلا، ومن هنا دعوى أن الأديان السابقة قد بشرت بدين الإسلام ونبيه بشخص محمد، حتى لو ثبت صدق هذه الدعوى، لا يصلح دليلا لصدق إلهية مصدر الإسلام، لأن تلك الأديان على ضوء كتبها المقدسة التي بين أيدي أتباعها لا تقر بذلك، ودعوى الإسلام أن التحريف الذي نالها هو الذي رفع تلك النصوص المبشرة بالإسلام تحتاج إلى دليل من خارج المدعي بها. ونفس الشيء يقال عن ثبوت صدق النبوات السابقة بدليل تصديق الإسلام لها، أي بما يحتاج نفسه إلى دليل، فإنه محال عقلا هو الآخر.

أحدث المقالات