لا يستفزكم عنوان المقال فالغريق يتشبث بقشة وما جرى على العراق يدفعنا لنشكك بكل شيء, لقد اوصَلَنا اشباه الرجال الذين تسللوا من بين اقدام المحتل الى السلطة في العراق الى حافة الايمان فاختلط اليقين بالشك والحق بالباطل و الصدق بالكذب فليست لنا وجهة نتجهها لنخرج من نفق العراق المظلم ولانور في نهايته ينبئنا بقرب بزوخ فجر الخلاص ولا منقذ أمين نسير على خطاه في متاهات العذاب.
فكرت طويلا لماذا العراق؟ لماذا نحن من دون شعوب المعمورة؟ فمعظم عباد الله في أمن وأمان ورغد من العيش وسلام, مسلمهم وكافرهم بوذيهم ونصرانيهم عباد ابقارهم وجرذانهم فهل نحن اسوء من عباد الجرذان ليحل بنا كل هذا العذاب؟ هذا السؤال دفعني الى سؤال اخر: ماذا نعبد نحن في العراق؟
عبادة الابقار في الهند تلخص فلسفة بسيطة من ان البقرة هي سر الحياة فكل شيء فيها نافع للحياة وهي غير مؤذية وغير قاتلة ولا جارحة بل وديعة اليفة رحيمة لاتؤمن بالقتل لذلك قد نقبل بالفكرة مجازاً, وعباد الجرذان يؤمنون ان الجرذ كان الها مسالما ضعيفا الا ان ابنه قتل خطئاً ابن الهاً اخر فانتقم منهم وحولهم الى جرذان ويقول مريدي معبد الجرذان انها لم تعتدي على اي زائر منذ 130 سنة! وعباد بوذا يسيرون على طريقة رجل صالح له فلسفة في الحياة تدعو الى السلمية وعدم ايذاء كل ذي حياة حتى من اجل الطعام وتؤمن بالتناسخ, اما الاديان المسيحية والصابئة والزرادشتية فاكثرنا يعرف فلسفاتها وهي محترمة لدينا, لكن اعود للسؤال ماذا نعبد نحن في العراق وهل توالي الويلات هي نتيجة لصراعات الهة ام انه غضب الاله الواحد جل وعلى؟
لوتأملنا احوالنا لرأينا اننا مصداق للاية الكريمة : وما يؤمن اكثرهم بالله الا وهم مشركون (يوسف106) فقد تعددت الالهة ما بعد سقوط الصنم الذي كان الها واحداً قال “ما علمت لكم من اله غيري” (القصص28) “وما اريكم الا ما ارى وما اهديكم الا سبيل الرشاد” غافر(29) فسار بنا من حروب الى حروب ومن مهالك الى أخرى أتت على كل يابس ولم تبق أخضراً حتى جاءت آلهة الغرب بآلتها التدميرية الجبارة واسقطت ذلك الاله الجبار الذي عاث في الارض فساداً وفتحت ابواب معبد الاوثان القديم فاذا بآلهة عديدة تنتفض من مومياءات ساكنة عبر التاريخ لتصارع بعضها البعض على عرش الالوهية في بلد الانبياء والمرسلين والطغاة والجبابرة.
أصبح الناس في هرج ومرج وكل يدعو الى إلهه بانه هو الحق وهو الذي يهدي الى سبيل الرشاد فاتفقت الالهة على تقسيم مغانم البلاد رغماً على انوف العباد, غير ان بعضهم ظن بأن المُلك جائهم تحديدا بعد طول انتظار وغياب فانتشرت الحروب وكثر القتل والقتال حتى لم يعلم القاتل لم قَتل والمقتول لم قٌتل ولازال القتل والدمار يعم البلاد وغضب الالهة لم يهدأ ولم تروى عطشها من دماء الابرياء.
في وسط هذه الفوضى المدمرة والعبثية اللامحدودة ورغبة في القتل يخجل ابليس منها كان لابد لنا ان نكفر بكل الهة الهوى للنجو من هذا الدمار والخراب, “أفرأيت من اتخذ الهه هواه واضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تتذكرون”( الجاثية 23).
دعونا نكفر بآلهة الطائفية والمحاصصة والمذهبية, دعونا نكفر بالحزبية والقومية والشخصنة والمناطقية دعونا نكفر بالعشائرية والعمائمية والصنمية الوراثية.. تعالو نكفر بكل انتمائاتنا التي تمزقنا اربا اربا وتجعلنا مشاريع ذبح وسلخ في كل زقاق وحي وقرية , تعالو نكفر بالمالكي والنجيفي والمطلق والاعرجي والعسكري وعلاوي والجعفري والفتلاوي وكل حثالات التاريخ الذين تسلطوا على العراق على حين غفلة من الزمن, تعالو نكفر بكل من يمليء بطنه من اموال السحت الحرام, تعالو نكفر بكل من سكن في بروج عالية تحميه الوية المرتزقة ومجندي الرواتب السخية, تعالو نكفر بكل من يرعب العراقيين بارتاله القذرة في شوارعنا المسبية, تعالو نكفر بكل جبان قذر وكل جرذ ممسوخ يقتل الاطفال والنساء والشيوخ في السوق والمسجد والحسينية, تعالوا نكفر بكل من يقتل على الهوية, تعالو نكفر بكل نعرة طائفية, تعالو نكفر بكل مقولة دفعت اثمانها جهات أجنبية, تعالو نكفر بعلاقات التبعية للمخططات الاجنبية, تعالو نكفر بالولاءات الفارسية والوهابية, تعالو نكفر بالتقسيمات الشيعية والسنية والصابئية والمسيحية, تعالو نكفر بكل لفظة مغلفة بسموم اسلاموية, تعالو نكفر بكل من يرفع صور تمزق الوحدة الوطنية, تعالو نكفر بكل صلاة ريائية, تعالو نكفر بكل ممارسة نفاقية, تعالو نكفر بكل خمس يدفع الى جيوب عمائم اقطاعية, بينما الارامل والايتام يملئون البرية, تعالو نكفر بكل من يقرأ القرآن والقرآن يلعنه بصورة علنية, تعالو نكفر بمن يستعين بالاغراب على اخيه لاجل أهداف دنية, تعالو نكفر بمن جعل حدودنا مشروعة لتدخلات شرقية وغربية, تعالوا نكفر بافكارنا الشوفينية والفاشية, والتي دفعتنا لننتخب جلادينا باسم الله والدين والمذهبية, تعالو نكفر بمرتبات البرلمانيين الخرافية, تعالو نكفر بالمشاريع الوهمية, تعالو نكفر بالمستشارين الحرامية الاغبياء كالمطية, تعالو نكفر بمن الحمار افهم منهم واكثر وطنية, تعالو نكفر بسقط المتاع وسياسيي الصدفة الانية, تعالو نكفر بكل الاصنام الوثنية, تعالو نكفر بكل الافكار الجاهلية, تعالو نكفر بكل ما يجعل شوارعنا معدومة الحياة الهنية, تعالو نكفر بكل دعوات الشرك واتباع الاهواء الظنية, لن يرحمنا الله ما لم نحرر قلوبنا وارواحنا من المفخخات الشركية, كل ما نعمله هو للرياء والنفاق والشرك وحب الدنيا المزهية والجاه والسلطة وحب المال والشهوات والمنصب والاهواء والاستعلاء في الارض الوقتية, فكيف يرحمنا الله وكيف ينزل علينا الطافه ونحن نعبد غيره بقلوبنا في حين نرفع ايدينا اليه كذبا وزورا بأدعية لفظية, اذ يقول رب العزة في كتابه الذي لاياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه في سورة البقرة في الايات التالية:
8- وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ, الا تنطبق هذه الاية على كل سياسينا دون استثناء خاصة الاسلامويون منهم؟
9- يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ, ألم يخدعوا الشعب عشرة سنوات عجاف ولكن صبراً فموعدهم اقترب, ازفت الازفة.
10- فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ, ألم يأتوا بكل امراضهم النفسية والدينية والمذهبية والفكرية والعملائية والسوداوية والرجعية وينقلوا عدواهم الى الشعب المغلوب على امره.
11- وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ, الا يدعي كل منهم انه يدافع عن الدين والمذهب والوطن والمال والعرض, لقد ملئتم الارض فسادا ياحكام العراق وبرلمانيه وسياسييه فاي فساد اكبر مما يمر به العراق, قتل وسفك للدماء وانتهاك للحرمات وتدمير للبلاد وسبي للعباد وتهجير لمن كان امنا في بيته في سبات ونبات.
12- أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ, اي وربي صدقت يارب الا انهم هم المفسدون وان كان الاقوام من قبلهم لا يشعرون فمن تسلط على العراق هم ممن يفسدون وهم يشعرون لانهم جاؤوا من اقاصي الارض وحوشا دربتهم ايادي اثمة حاقدة على العراق وعلى كل ما هو عراقي فدمروه ومزقوه وحولوه الى اضحوكة الامم والتاريخ.
لابد ان نكفر بكل تلك الالهة ونعود الى ملة ابراهيم حنيفين مسلمين ليغفر لنا الله وينزل علينا رحماته:
قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ(الممتحنة 4)
تعالو نبصق في وجوه كل من ساهم في صناعة تلك الاصنام بل ونبصق في وجوه كل تلك الاصنام ونحطمها وندوسها ونجعلها تحت اقدامنا لننقذ انفسنا واهلينا وبلادنا من تلك الاهوال المفزعة والعذابات المتواصلة علّ الله ان يرحمنا ويفتح ابواب الفرج واليسر بعد كل ذلك العسر فموعدكم الانتخابات القادمة ان مع العسر يسرا ان مع العسر يسرا.