9 أبريل، 2024 3:26 ص
Search
Close this search box.

دعوة مسعود للإنفصال معناها تدمير كردستان وقيادته السياسية

Facebook
Twitter
LinkedIn

في المنظور العام للحركة الكردية العامة والعراقية الخاصة من النواحي التاريخية والسياسية وثقافة التعايش مع المحيط الذي تعيش فيه وتتعايش معه نرى حالة من الاختلاف والتباين في موقفها وردود افعالها وانعكاسها على محيطها الخاص والعام وما نراه اليوم من مطالب وتصعيد في التركيز على الجانب القومي الكردي والمطالبة بالاستقلال والانفصال عن محيطها نرى بأنه يكرر نفسه بشكل مختلف في حجمه وشكله بين اكراد العراق وايران وتركيا وسوريا. ينشط ويشحن هذا الحراك تبعاً للضرف العام والخاص لبلدان المنطقة والعالم احياناً ونرى ونلاحظ بأن الشواهد المحركة لهذا الصراع كشخوص وزعامات وخاصة في الجانب العراقي هي نفسها تتكرر وتسعى للبروز والتواجد والاستمرار على منصة مسرحها .

معروف ان الحركة الكردية بدأت دعواها في التميز والبروز منذ انتهاء الحرب العالمية الاولى وانهيار الدولة العثمانية وتقسيمها برزت الحركة الكردية وكانت البداية تمرد ” محمود الحفيد ” في 21 مايو سنة 1919 على الانكليزوطردهم من السليمانية “محافظة شمال العراق ” واعلان نفسه ملكاً علها وتمكن الانكليز من القضاء على تمرده ونفيه وبعد اعادته من منفاه للسليمانة مكان تواجده اعاد الكرة عليهم في 11يوليو 1923 م وأعاد الحفيد للمرة الثالثة بتجنيد اتباعه وطرد الانكليز من منطقة نفوذه وتمكن الانكليز وقوات الحكومة العراقية من الحاق الهزيمة به في 13 مايس 1931 م .

تزامنت حركة محمود الحفيد في السليمانية مع حركة كوردية اخرى في منطقة ” بارزان شمال العراق ” بقيادة احمد بارزان 1892 ـ 1969 الأخ الأكبر لمصطفى البارزاني . شن الجيش العراقي مدعوماً بسلاح الجو البريطاني في سنة 1931 حربا عليه وتم نفيه خارج منطقة برزان الى السليمانية . وفي 2 أكتوبر 1943 اندلعت الشرارة الاولى لحركة مصطفى البارزاني . واستطاعت القوات العراقية من السيطرة على معاقل مصطفى البارزاني واجباره على الانسحاب الى ايران ثم الى الاتحاد السوفيتي .

في عام 1945 وبدعم من الاتحاد السوفيتي شكل اكراد ايران اول جمهورية كوردية في ” مهاباد ” الإيرانية وخدم البارزاني فيها كوزير للدفاع في هذه الجمهورية التي استمرت 11 شهر ثم تم القضاء عليها من قبل الحكومة الايرانية بعد انسحاب القوات السوفيتية من الاراضي الإيرانية .

في عام 1958 ومع اعلان الجمهورية العراقية دعى الزعيم العراقي ” عبد الكريم قاسم ” البارزاني للعودة الى العراق وادى ذلك لنشوب صراع مرة اخرى عام 1961وقام الاكراد جماعة مصطفى البارزاني بالسيطرة على 17 مخفر للشرطة وقتل من فيها والمصادفة ان اغلب من تم قتلهم عرب من محافظة ميسان ( العمارة ـ جنوب العراق ) فكانت تردد في المآتم المقامة لهم كما هو معتاد من قِبَل الملاّيات القارءات في العزاء { طركاعة الفت برزان بييس بهل العماره } و { هزيت راس الحيد ما حاجاني لبسته شرطي وراح شو ما جاني } وهذه المقولات كانت تُرَدد نتيجة بساطة الناس في مثل هذه المناطق ضلت تردد حتي على من يستشهد منهم في حرب القادسية الثانية بين العراق وايران . في هذه الفترة ومع تزامن احداث مرت في العراق وحدوث عدد من الانقلابات . قام بارزاني بزيارة سرية الى طهران وضَمِنَ ” الشاه محمد رضا بهلوي ” في تلك الزيارة الدعم للبارزاني وحركته . تزامن وصول حزب البعث في يوليو تموز 1968 مع تزايد المتغيرات السياسية والاقليمية التي كانت في صالح حركة مصطفى بارزاني فالدعم الايراني للحركة زاد القوة القتالية للاكراد . من ناحية اخرى اعلن الرئيس الاميركي ” ريتشارد نكسون ” ان الولايات المتحدة مصممة على دعم الانظمة المؤيدة لبلاده ومن ضمنها ايران .

في 11 مارس آذار 1970 تم التوقيع على اتفاقية الحكم الذاتي للأكراد بين الحكومة العراقية والزعيم الكردي ” الملا مصطفى البارزاني ” وقد اعترفت الحكومة العراقية بالحقوق القومية للأكراد مع تقديم ضمانات لهم بالمشاركة في الحكومة العراقية واستعمال اللغة الكوردية في المؤسسات التعليمية . كل هذه الحقوق والمكاسب لم تثني الاكراد عن اعادة التمرد والدعوة للإنفصال . كانت اميركا تزود الاكراد عبر ايران بالسلاح والمال وكانت تقوم بذلك المخابرات الاميركية بعد اجتماعات سرّية بين “محمود عثمان ” و ” ريتشارد هلمز ” رئيس وكالة المخابرات الاميركية بتقديم المساعدات العسكرية والمالية للحركة الكردية عن طريق ايران . من جانب آخر كان الاسرائيليون يلحون على الكرد بضرورة اشغال القوات العراقية في صراعات داخلية . واليوم بعد الاحتلال يتم التعاون والتعامل بين الحركة الكوردية من خلال زعاماتهم وخاصة مسعود البارزاني وجلال الطالباني مع اسرائيل معولين عليها في حالة الانفصال والاستقلال عن المركز . الملاحض والاكيد ان عموم هذه الزعامات كانت تلعب وتستفاد من التدخل الخارجي في شؤون المحيط الذي تعيش فيه كدول فنرى محاباتها لروسيا وايران وفرنسا واسرائيل . احياناً نكاية من بعض هذه الدول لبريطانيا واحياناً للتأثير واثارة الفتن والقلاقل في الدول التي تعيش فيها المجاميع الكوردية . ما يدعو له مسعود البارزاني لا يختلف كثيراً عن ما اثير عبر تاريخ الكورد من ناحية محتوى المضمون واستخدام التأثير المعنوي واستغلال واثارة الكامن العنصري القومي المتعصب لنسبة لا يستهان بها من الاكراد ومعتمدين على نفس مصادر الاثارة والترويج من نفس الدول الدافعة والمروّجة لهذه النزاعات واستثمار جهودها في هذا المضمار لأثارة الفتنة وعدم الاستقرار مثل اسرائيل فنرى قسم من اكراد العراق يسعون لذلك وبقوة وبدون تردد وحذر . بعد ان حصلت الحركة الكردية العراقية على اقصى ما يمكن من منجزات وحقوق تتفوق في مضامينها واشكالها على كل ما هو متاح لأكراد ايران وتركيا وسوريا مجتمعة في جوانب مختلفة مثل الاقتصادي والسياسي والقومي والاجتماعي والثقافي وصولا الى الجانب العسكري كأخطر مرحلة مع هذا كله ترجع تطلعات السياسيين الكورد العراقيين الحاليين وابرزهم مسعود البارزاني الى المربع الاول في المطالبة والرفض والاستهجان . واهمين ومعتمدين في دعواهم هذه على ما تحقق لهم من منجزات على المستوى العمودي كقيادات سياسية مكررة وافقي كبنية تحتية وشعب . لهم صفتهم الخاصة بهم . الملفت للنظر ان مسعود البارزاني ومن منظور دكتاتوري رجعي يساوم اكراد العراق راغماً اياهم على موضوع الاستفتاء فارضاً القبول بالانفصال وإلا ” سيدمّر ما انجز “وكأنه هو من صنع كل هذه الانجازات بجهده الخاص فعلى كل الاكراد ان يستجيبوا لما يريده ويراه ويسعى له ” الانفصال ” والحقيقة فات مسعود ان هذه المنجزات وما تحقق لهم لم تكن مفروضة من جهة محددة بل من جهات متعددة مجتمعة في التلبية والاستجابة للدواعي التي يطالب بها الاكراد عبر مرور الزمن فكانت النتيجة ما تراكم وما حدث من منجزات ورخاء ورفاهية تحسدهم عليها شعوب محيطهم كأكراد وغير الاكراد بشكل عام . المهم هذه المنجزات المتحققة لأكراد العراق لا ينبغي ان تكون دافع للأنفصال بل كان من المتوقع والمنطقي ان تكون حافزاً للتمسك بوحدة العراق ومفهوم المواطنة والالتصاق والتمسك بالوطن الواحد المتحد والعمل على ما يعزز هذا الأتجاه في الالتحام والتواصل معه . زعامات اكراد العراق غاب عن بالهم بأن ما تحقق لم يكن هم من فرضوه وحققوه بل كان من جهات مختلفة محلية كردية متنوعة وعربية عراقية وخارجية دولية . وتغييب عن بالهم او يغييبونه ان هذا التراكم الكمي والنوعي الذي تحقق من منجزات من الممكن ان ينعكس سلباً بل امراً خطيراً مجحفاً وهالكاً لهذه القياداة ” وكأنه سلاح ذو حدين ” فلو قامت بسبب ذلك حرب او نزاع مسلح بين الطرفين الاكراد وحكومة المركز سيتدمر كل ما انجز في اقليم كوردستان وستشارك في هذا الدمار المتوقع كل الدول المجاورة ايران وتركيا وسوريا او على الاقل سترضى بما سيفعله المركز وتساعد عليه بغلق حدودها وعدم التعامل مع هذا الكيان الجديد المرفوض من الجميع ومع من يعترف به وسيكون ما يقدمون عليه بمثابة ” القشة التي تكسر ظهر البعير ” من السهولة بمكان ان تطال حكومة المركز كل شيء داخل اقليم كوردستان بينما قوة الاقليم العسكرية غير قادرة على ذلك ممكن ان تطال المناطق المحاذية للإقليم التي هي بالاساس مخربة اصلا وليست بحاجة للتخريب . لو يسمح للعالم الأعتراف بمثل هذه الحالات لعترفوا بداعش كدولة ولرضوا واعترفوا بظم الكويت الى العراق ان ما يَقدِم عليه بعض الساسة الاكراد اشبه بما اقدم عليه صدام حسين بظم الكويت الى العراق . الاعتراف بهذا الأمر سيفتح الباب على مصراعيه للانفصال والتشضي في كل دول المنطقة . اكراد ايران سينحون نفس المنحى واكراد تركيا وسوريا ايضاً وعرب ستان في ايران وتركمانها وبلوش ستانها وتركمان العراق والازيدية ومسيحييه وبقية الطوائف والاديان والاثنيات في كل من لبنان ومصر وسوريا وشيعة البحرين والسعودية واليمن وهكذا . الاكراد لهم وجود قوي وكبير في دست المسؤولية العراقية فرئيس الجمهورية منهم و وزير المالية وكان رئيس الاركان للقوات المسلحة منهم ولهم نسبة كبيرة كأعضاء في البرلمان العراقي وعدد من الوزراء في مختلف الوزارات العراقية وعلى رأسها الخارجية والمالية . نتمنى على اخوتنا الاكراد ان لا ينزلقوا الى هذا المنزلق الخطير ونسأل الله ان يجنبهم كل سوء ويحافضوا على ما تحقق من خير نتمناه للجميع لكل العراقيين . عبدالقادر ابو عيسى كاتب ومحلل سياسي عراقي حر مستقل .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب