هيئة النزاهة احدى الهيئات الدستورية المستقلة التي نصت عليها المادة ( 102 ) من دستور جمهورية العراق لعام 2005 بقولها :- ( تعد المفوضية العليا لحقوق الانسان ، والمفوضية العليا المستقلة للانتحابات ، وهيئة النزاهة ، هيئات مستقلة ، تخضع لرقابة مجلس النواب وتنظم اعمالها بقانون ) .
وتعد الهيئة جزء من تشكيلات ( السلطات الاتحادية ) لان الدستور المذكور عالجها في الفصل الرابع الذي يحمل عنوان ( الهيئات المستقلة ) في الباب الثالث المسمى
( السلطات الاتحادية ) .
وكانت الهيئة قد اسست بموجب امر سلطة الائتلاف المؤقتتة المنحلة رقم ( 55 ) لسنة 2004 والقانون النظامي الملحق به الصادر عن مجلس الحكم المنحل ، وسميت في الامر والقانون المذكورين بـ ( مفوضية النزاهة العامة ) ، و قد شكلت فعليا في نهاية حزيران من عام 2004 ، وقد غير الدستور اسمها الى ( هيئة النزاهة ) .
وقد وضع القانون النظامي المؤسس لهيئة النزاهة الملحق بالأمر (55) لسنة (2004) هدفا لها وهو (مكافحة الفساد) ، وحدد لها الوسائل التي تحقق بها ذلك الهدف..
وفي عام 2011 تمكن مجلس النواب من اصدار القانون رقم 30 لتعمل الهيئة بموجبه وحدد لها الأسباب الموجبة ((لتنظيم عمل هيئة النزاهة وبيان اختصاصاتها ومهامها وصلاحياتها التي تمكنها من أداء هذه المهام في سـبيل رفع مستوى النزاهة والحفاظ على المال العام ومحاربة الفساد وتنظيم العلاقة بينها وبـين الأجهـزة الرقابيـة الأخرى واستناداً لأحكام المادة ١٠٢ من الدستور شرع هذا القانون))
ويبدو واضحا ان خارطة التغيير التي وضعت للعراق كان لابد لها من حماية الاموال التي ستنفق على اعادة البناء والتاسيس لمجتمع يمتلك كل مقومات النهوض السريع ..وهيئة النزاهة شانها شان كل التشكيلات الرسمية الاخرى التي انطلقت بعد التغيير تعرضت الى نفس الظروف الانتقالية من الازمات والاختناقات والهفوات والكوارث سواء في اداء مهامها او في تعامل السياسيين معها .. فهذه الهيئة تعد جزءا من مؤسسات الدعم وتهيئة المجتمع لعمليات تغيير كبرى ..وهي بهذا تحتاج الى اهتمام خاص ونوعي من قبل صاحب القرار السياسي في العراق وهو هنا مجلس النواب بالتاكيد ..
لكن الامر لم يجر كما يفترض ان يكون ..وتحولت الهيئة بسبب المهمة التي اوكلت لها جزءا من المشكلة وليست اداة للحل ..ذلك لان المال المتداول والمتحصل اصلا من الريع النفطي (الوارد المالي الوحيد) اخذ شكل الحصص الموزعة على متقاسمي السلطة .. التي كانت اولياتهم تتركز على توسيع سلطة النفوذ .الامر الذي اضعف تماما سلطة القانون بشكل عام في جميع مرافق الدولة وبالتالي اصبح الفساد جزء مركب في اجهزة السلطة والحكم وتجاوز سيادة القانون والتف عليه ..حتى بدا ان أي ممثل للسلطة انما يمثل جزءا معينا (خاصا) منها وعليه تقويتها بواسطة المال العام ..
ونتيجة لهذا النمط من الاداء الرسمي الذي افترض حصصا ، امتلات وزارات ودوائر الدولة باصحاب الدرجات الخاصة والمناصب التي تعزز قواعد المختلفين حتى بدت اجهزة الدولة عبارة عن طوابير من الموظفين بصنفين ..الاول خاص بل خاص جدا والثاني جحافل تنتظر مرتباتها المخصصة ..وبين هذا وذاك دخل المواطن العراقي ممولا لهؤلاء جميعا من خلال شراء خدماته ومستلزمات حاجاته المتعددة التي لا يمكنه استكمالها الا من خلال اجهزة الدولة ودوائرها ..
ووفق هذه النظرة لم تتمكن هيئة النزاهة من ممارسة دورها الحقيقي وخضعت هي الاخرى لنفس عمليات التوزيع في الحصص ..فكانت مجرد مؤسسة استهلاكية تكلف الدولة المليارات شهريا ..برواتبها الضخمة بالنسبة الى رئيسها ومدرائها العامون وجيش موظفيها العاطل منذ عشر سنين ..واخذ خط الفساد بالارتفاع منذ تاسيسها الى الحد الذي بات من المتعذر انحداره بسبب ما وصلت اليه هيئة النزاهة من انخفاض في مستوى ادائها ومستوى كفاءة موظفيها ..
اتهم الرئيس الثاني لهيئة النزاهة السيد موسى فرج الرئيس الاول لها القاضي راضي الراضي بالفساد ..ومثله فعل الرئيس الثالث القاضي رحيم العكيلي الذي كان محط اتهام الرئيس الرابع الحالي القاضي علاء الساعدي حيث هيأ له ملفات فساد واتهام وصلت الى حد السجن .. ولكل من هؤلاء مدرائه العامين الذين ربما يكونون من محبيه او مبغضيه حسب درجة مرجعية كل منهم ..لكن كل المتابعين على اتفاق بان هيئة النزاهة اليوم هي في اسوأ حالات ادائها وتكاد ان تفقد صفتها الدستورية(المستقلة) بسبب الاستجابة الغير محدودة لرئيسها الحالي الى كل طلبات مراكز القوى في العراق واعتبار القضايا المتداولة في ملفات التحقيق لهيئة التزاهة عبارة عن ملفات سياسية ،بل انه ذهب بالامر بعيدا عندما اعتبر هيئة النزاهة مساحة لنفوذه وسلطته وادرك ضرورة عدم التحرش بهذه المراكز وحرص بشكل مباشر على حماية وجوده في الرئاسة الى حد التنصل من القرار عله يخرج منها دون ملفات ادانة له ..فتنصل من كل مسؤولية او هكذا يصور للاخرين ..ولان خبرته في الادارة والقضاء محدودة جدا فانه اعتمد على فريق من المدراء كان قد قربهم منه ابان ترؤسه هيئة نزاعات الملكية ..اضافة الى المدراء الذي يغيرون ولائهم تبعا لمصالحهم كما انه عمل على استجلاب اغلب موظفي هيئة نزاعات الملكية ومعهم ناطقا رسميا باسمه .. يؤكد ببياناته مزاج رئيسه ومحاذيره المبالغة .
اكثر من الفين موظف نصفهم يتقاضى اكثر من ثلاثة ملايين دينار يصل عند البعض الى خمسة ملايين واقلهم يتقاضى مليون دينار ..تدفع الهيئة بدلات ايجار لبناياتها بارقام فلكية ..مئات من السيارات وادامتها ووقودها ..ايفادات بلا هوادة .. مدرائها العامون بلا خبرة او تخصص مجرد رواتب ضخمة وايفادات ..
الا يا ايها الاعضاء الجدد في مجلس النواب اغيثوا شعب العراق باصلاح حال هذه الهيئة ..ولتكن اولى خطواتكم ان تختاروا رئيسا اصيلا شريفا نزيها مع نائبيه ومدرائه بحجم مسؤولية شعب فوض هيئة تكلف الميزانية هذا الاستهلاك المادي لترتجي ضمانا لمستقبل هذا الشعب ..هي مجرد نية في الوطنية اطلقوها لتكون انجازا اول تتاسس عليه انطلاقاتكم القادمة ..الامل والتطلع معقود بكم واليكم عسى ان تكون هذه المؤسسة النموذج الذي يكون الاساس الذي من الممكن ان تبنى عليه الارادة الحرة .