لربما يتذكر بعض العراقيين ذلك المشهد التمثيلي العراقي الذي عرض من على شاشة التلفزيون أبان سبعينات القرن الماضي، والذي يظهر فيه الممثل القدير (حمودي الحارثي) أطال الله بعمره والمشهور والمعروف بشخصية (عبوسي) والممثل القدير الراحل (راسم الجميلي) رحمه الله المعروف بشخصية (أبو ضوية)، صورة ونص المشهد باللغة العراقية الدارجة :(( عبوسي يشتغل صانع يم أبو ضوية الي عنده محل يسوي بي باكلة بالبيض والدهن، فد يوم أجه أبو ضوية من البيت شاف عبوسي لازم الطاوة وكالبها وديصخم بحياطين المحل ومسويها سودة، أبو ضوية كله هاي شنو عبوسي شدتسوي، عبوسي كله أستادي دا أصخم المحل حتى يكولون المحل من الشغل الهوايه مصخم ومدنلحك نظف!، صفن أبو ضوية، هو منا روحه طالعة من ورة مرته بس تتعارك ويا ومنا المحل مكسور مابي شغل ونصها تاكل بالدين، عبوسي عاد كله ها عمي أبو ضوية شسوي هسه أصخم، كله أبو ضوية صخم عيني صخم!)). سالفة المشهد (ألها رباط) كما يقال: حيث أزدحمت مواقع التواصل الأجتماعي قبل أيام بالمشهد الذي يظهر فيه أحد أعضاء البرلمان العراقي، وهو يطلب من رئيس البرلمان بأصدار عفو عن مزوري الشهادات الدراسية!؟ حيث قال ما نصه: (بأن تزوير الشهادات أنتشر في العراق من بعد 2003 وقد أستفاد منها الكثير من المسؤولين والنواب والوزراء!!، لذا أطلب منك يا سيادة الرئيس أصدار عفو عن كل من قام بذلك!؟، لأن هذا شاب عراقي وأحنه مسؤولين عنه حسب الدستور!، وميصير نخلي الشهادة توكف عائق أمام عيشته وعيشة عائلته وشكرا). الى هنا أنتهى هذا المطلب العجيب من قبل هذا النائب في العراق الغريب والعجيب عراق ما بعد 2003!. وللتوضيح أكثر لقد قصد هذا النائب في طرحه ، بأن من قاموا بالتزوير من المسؤلين والنواب والوزراء لم يتم محاسبتهم؟!، أو أتخاذ أية أجراءات ضدهم، فقط تم محاسبة وفصل من قاموا بالتزوير من بسطاء الناس ومن العوام؟!. ولهذا هو يدعوا الى أصدار عفو عنهم، يقصد العفو عن المزورين الصغار مثل الكبار!. اقول لهذا النائب ولكل من قام بتزوير شهادته الدراسية لأي سبب كان، أن مثل هذا الفعل يعد جريمة مخلة بالشرف!. ولكن الغريب في أمرنا نحن العرب المسلمين وتحديدا العراقيين وخاصة بعد الذي جرى ويجري وسيجري بالعراق بعد الأحتلال الأمريكي له، هو أن مفهوم الشرف لدى غالبية العراقيين مسؤول أو وزير أو نائب كان أم أنسان بسيط هو فقط الأعضاء التي بين فخذينا نساء أم رجال!، أما أن نسرق أو ننهب أو نحرق أو نقتل أو نأكل المال الحرام أو نزور الشهادات فهي أعمال لا تمس الشرف بل هي نوع من الفذلكة والشطارة والشجاعة واللواته وأستغلال الظرف!. أقول لا توجد دولة محترمة وفيها برلمان محترم يسمح بطرح وسماع مثل هكذا (ترهات وخريط) العفو عن الكلام من قبل أحد النواب!، فتصوروا كيف يسير البلد وكيف يدار؟، أذا كان أحد نواب سلطته التشريعية يتكلم بمثل هذا الكلام الغريب المضحك والمبكي!. ولكن ولكي أكون منصفا مع هذا النائب، وأنظر للكأس من الجانب الآخر كما يقال!، وجدت طرح هذا النائب طرحا واقعيا جدا!، حيث أنه تشجع بأن يطرح طرحه هذا بلا أدنى درجة من الحياء!، لأنه وجد الفساد والفاسدون هم سادة القوم وأن الفساد يستفحل ويستقوي يوم بعد يوم ومن حكومة الى أخرى وقد أكل ألأخضر واليابس ولم يبق على شيء، فوجد في نفسه بأعتباره ممثلا عن الشعب! أنه لا مانع من أن يدافع عن الناس البسطاء ويطالب بالعفو عن المزورين عنهم، وماذا تكون تزوير شهادة دراسية من الأبتدائية الى المتوسطة مثلا أمام ما نراه ونسمع عنه من أمور غريبة وعجيبة!!. ثم جاءت فضيحة حكومتنا الأخيرة قبل أيام؟، والتي زادت الطبن بله كما يقال، والتي تشجع الى طرح كل ما هو غريب وعجيب! من مثل طرح هذا النائب وغيره، حيث قلبت حكومتنا الدنيا وتم التوسط لدى أركان حكومة لبنان ولم تسترح حكومتنا، ألا بعد أطلاق سراح ( نجم الدين كريم) محافظ كركوك السابق!! والذي تم ألقاء القبض عليه في مطار بيروت الدولي قبل 3 أيام بالتحديد من قبل الشرطة الدولية (الأنتربول)، على خلفية مذكرة ألقاء قبض كان العراق قد عممها أبان حكومة (العبادي) الى الشرطة الدولية ( الأنتربول)، على هذا المحافظ بسبب تهم تتعلق (بالفساد وشق صف وحدة البلاد والدعوة للأنفصال)!!!. ونعود أخيرا الى ( رباط السالفة) ومشهد ( عبوسي وهو يصخم المحل) وهنا نقول لعبوسي ( صخم عبوسي صخم هيه ظلت على التزوير هو العراق شظل بي مو هو تصخم وتلطم وأنباك وأنهب من شماله لجنوبه)!!. ولا حول ولا قوة ألا بالله العلي العظيم.