18 ديسمبر، 2024 9:19 م

فجأة و بلا مقدمات أصبحت في الخمسين – – هكذا صدفة- – تحوّلت الى رجل في الخمسين تبّا” لهذا القدر – – كم أتمنى أن ألتقيه و أمزق قميصه ثم ألقيه على رصيف الذكريات – – لا زلت أذكر طفولتي و كيف كانت أمّي توصلني الى مدرسة المجدل الأبتدائية و كيف كنا نتسابق أن نسجّل أسماءنا في الرحلات المدرسية – – أذكر كيف قسا علينا الزمان – – اللعنة على الزمان كم بودي أن أجّره من ياقته و ألقيه في الجحيم – – أنا ذلك الولد المدلل الذي ما فتئ يرفع شعار مطاردة النساء عنوان لعنفوانه حتى أصبح جزء”ا من شخصيتي – – أذكر كيف كنّا نتبارى أنا و صديقي الشاعر غريب أسكندر على لقب أجمل شاعر عراقي – – و كيف كنا نذرع شوارع بغداد أنا و صديقي الشاعر حسين على يونس ننثر صعلكاتنا على الأرصفة و نتخذ المقاهي عروشا لمجدنا المحترق – – بالأمس تهاوى شبابنا سقط منّا سهوا من جيبنا المثقوبة بالأمبالاة – – بالأمس قبل 20 عاما مضى كنت أشكو لأخي أمجد أن الشيب بدأ يظهر بشعري و هو يهدأني و يقول ( خليها على الله وين ما تصير – – شكد شيبك حلو يا لبعدك زغير ) – – كم أتمنى أن اسحل السنين بالشوارع و امثّل بها – – كيف أوصلتني الى الخمسين – – كانت الخمسون بالنسبة لي خرافة – – غير حقيقة – – أسطورة سقطت من حكايات السومريين – – الان أجلس في المطعم لتأتي فتاة فلسطينية و تقول لي ( أتفضل عمّو ) بينما كنت على وشك أن أغازلها – – هكذا ألجمتني بكلمة واحدة – – أنا أصبحت عمّو !!! اللعنة عليها اصابت مقتلا مني – – أنا الذي كانت تحيطه أسراب الطالبات في المعاهد و الجامعات و أنا أتوسطهن كأنني فحل البط – – كنت حلم جميع الطالبات و المدرسات بأناقتي و شبابي كأنّي الاله ( شمش ) أله الشمس – – اليوم أتحول الى خرافة – – أي قدر هذا ؟ بل أية كارثة – – حسنا كيف سأعيدني 30 سنة الى الوراء ؟ هل أقدم سنيني قربانا” على مذبح الآلهة ؟ كي تعود أسراب الطالبات تحيطني ؟ لم أكن أظن أنني سأصل الى هذا – – كنت أعتقد أنني سأبقى وكيل جلجامش و حامل مجده – – كنت أظنني أنا من وجد زهرة الخلود و أنا من يحتفظ بها – – الآن و قد تحوّل كل هذا الى قلادة من وهم – -عليّ ان أسترخي بجانب نهر الصدفة ممددا على سرير من خيال لأرقب الحياة تمر بجانبي كأنّها حياة – – و السماء كأنّها سماء لأسمع خرير نهر العمر يتدفق بالذكريات – – الآن فقط أدركت قول داخل حسن ( ألا ليت الشباب يعود يومين – – أخبره بالمشيب شعمل بيه ).