مساحة الحركة المباحة التي انطلقت فيها وزارة الشباب والرياضة للإستيزارات الخمس التي سبقت الكابتن عدنان درجال ، كانت محملة بمزيج مشوه من مزدوجات قلة التجربة بالعمل الرياضي والشبابي ، مرورا بالتأطير الحزبي ، مكللا باستخدام تلك الوزارة الحيوية كمشروع للمقاولات والصفقات ، لتمسي بلا مشروع او هدف او في بعض الاحيان بلا غاية للوجود ، لقد احتدمت صراعات جنونية كثيرة في وزارة الشباب والرياضة بحكومة عبدالمهدي ، حيث تشرنقت خيوطها بشكل عبثي حول رقبة المؤسسات الرياضية الاخرى ، عبر قرارات نابعة من امزجة تراقب مشهد حركة التحول العراقي من خلف ستائر الماضي الذي حطمته بلا رجعة معاول الديمقراطية وانفتاح العراق مضمونا وجماهير ، وعلو لصوت الشعب على نرجسية الحاكم ، لقد انهكت هذه الحقبة كاهل الرياضة بقرارات تحتاج الى عمليات تفكيك في قاعات مجلس النواب والوزراء ووزارة الشباب والمؤسسات الرياضية الاخرى كل حسب جهده وصلاحياته واستعداده ، مع علمنا بأن هذه المؤسسات جميعا مثقلة بتحديات هي الاصعب في تاريخ العراق على مستوى حياة المواطنين الصحية والتدهور الاجتماعي جراء الازمة الاقتصادية وصراعات داخل ذات المؤسسات وملفات اقليمية ودولية متعددة ومعقدة ، مما يعقد المشهد والحلول على اي وزير جديد ، وسط هذه الاجواء المحمومة قبل الكابتن درجال التحدي باستلام حقيبة وزارة الشباب والرياضة ، مما يتحتم عليه مراجعات كثيرة لاعادة المخرجات السابقة واعادة صياغتها بالشكل الذي ينسجم مع تطلعاته البنائية التي اعلن عنها في اكثر من مناسبة ومحفل ، مع تقديرنا الكبير بأن كل ذلك يجب ان يتم في ظل امكانيات ظرفية ومادية صعبة ومحدودة يواجهها الكابتن درجال ، وبتقييم بسيط لمستوى حركة درجال للمدة القليلة من تسنمه المنصب استطيع تشخيص حالة من الجري في اتجاهات مختلفة ادت في بعض المجالات نتائج ايجابية ، لكنها ليست الحلول الجازمة لجوانب اخرى ، حيث تتطلب جهدا تشريعيا وتنفيذيا بأعلى مستويات القرار ، ومساندة على المستوى المؤسساتي لجهات اخرى رسمية ورياضية مستقلة .
ان العراق الجديد واختلافاته البنيوية مع كل الانظمة المحيطة به ، كدولة ديمقراطية تعددية تؤمن باستقلالية منظماتها المجتمعية المدنية المصانة قانونيا طبقا لتلك الاستقلالية والمستظلة برعاية الحكومة دون المساس بقدراتها في ادارة شؤونها ،فهو ليس نظاما ملكيا او مشايخيا او متعسكر السلطة ، لذا يكون من الصعب جدا والغير مقبول استنساخ تجارب هذه الدول التشريعية حتى وان كانت ناجحة تنظيميا لاختلاف المناخ البنائي فيما بينها وبين العراق ، مما يتطلب اعادة صياغة قوانين مؤسساته الرياضية والشبابية طبقا لهذا البناء ، مع منحها مقومات النجاح التنفيذي ، كذلك لابد من جهد في مجلس الوزراء لاعادة صياغة الفهم الموضوعي لفلسفة وجود الرياضة وتاثيرها بالمجتمع واهمية تبني قرارات تسهم في التنمية البشرية للشباب ، واعادة الهيكل التنظيمي لوزارة الشباب والرياضة واحياء الروح في مديرياتها واقسامها وفروعها بما يؤمن المهام والواجبات المنوطة بها حسب القانون والغاية من وجودها في دولة شريانها الرئيسي هو الشباب الذي يتنفس الابداع ، وكذلك لابد من تقييم وتوازن شكل العلاقة بين الوزارة ومحيطها الرياضي والشبابي على مستوى المؤسسات والشخوص بما يضمن الحفاظ على استقلالية هذه المؤسسات .
كل ذلك وجوانب اخرى تتطلب فريقا هندسيا وتربويا وفنيا وعلميا ورياضيا واعلاميا مساندا لحركة الكابتن درجال على مستوى صناعة القرار والبرامج ، وكذلك مشاركة فاعلة من المؤسسات المعنية والداعمة لحركة الشباب والرياضة ومنها الاولمبية واتحاداتها وانديتها والمنظمات الاعلامية المتعددة والشبابية ايضا ، وبإطار منظم تكون داعمة لجهوده ، وتمنحه الفرصة لالتقاط انفاسه في محطات جريه المتعددة .
ان الايام القليلة لحركة الكابتن درجال تبرز الكثير من ملامح،التغيير في المنهج والتعامل مع من سبقه من الوزراء الاخرين ضمن الاطار العام الذي اشرت له ، على اساس من الانفتاح والحوار وفتح قنوات متعددة بشيء من الشفافية الواضحة مع اغلب الجهات ذات الشأن ، بما أمن جسرا سريعا في اعادة الثقة بين جميع الاطراف ، من هذا المنطلق ارى من الضرورة منح درجال فرصة لاعادة انفاسه بين محطة واخرى ومد يد العون له في مهمته الصعبة.