تسير مناقشات مجلس النواب لمشروع الموازنة حاليا حسب ما هو مرسوم لها من الجهات صاحبة القرار الفعلي في رسم سياسة العراق الاقتصادية , والتي تستهدف افلاس العراق اقتصاديا بالطريقة نفسها التي تم تخريبه أمنيا ، فالسادة أعضاء مجلس النواب وبالذات اللجنتين المالية والاقتصادية قد صموا آذانهم عن كل الحلول الفاعلة لمعالجة الوضع الاقتصادي واتجهوا بكل قوتهم نحو الحلول العقيمة مثل التقشف والادخار الإجباري وزيادة الوعاء ألضريبي , وفي الوقت الذي بدأ العالم بأجمعه يتلمس آثار انخفاض اسعار النفط على انخفاض تكاليف المعيشة , فان على العراقي ان يهيأ نفسه لإرتفاع في تكلفة معيشته وبالتالي فان النشاط الاقتصادي المحلي البسيط الموجود حاليا سوف يتوقف لا محالة كما توقفت المصانع الكثيرة في العراق وتحولت الى مخازن للمواد المستوردة ، وهذا يعني زيادة أعداد العاطلين عن العمل وزيادة ضنك العيش في العراق , وتصاعدت في الآونة الاخيرة الدعوات المشبوهة لقيام البنك المركزي بإقراض المصارف الخاصة والمؤسسات الإنتاجية من رصيد العملات الصعبة الموجود لديه ، وقد تبدو هذه الدعوة صادقة للوهلة الاولى ولكنها خطيرة جدا في حالة تطبيقها وتعني تهريب ما تبقى للعراق من احتياطي الدولار , وستحل السنة القادمة ونحن لا نملك دولارا في خزينة الحكومة او في البنك المركزي, ولتفسير ذلك للمواطن العادي ، نقول ان خزينة الحكومة حاليا خاوية وان الإيرادات النفطية المتوقعة خلال السنة سوف لن تزيد عن أربعين مليار دولار ، وحاجة البلد للمواد المستوردة والالتزامات الخارجية تصل الى أكثر من تسعين مليار دولار والفرق سوف يتم تسديده من رصيد البنك المركزي بحجة دعم الاقتصاد المحلي , في الوقت الذي يعلم الجميع ان الاقتصاد المحلي عاطل عن العمل وجميع المؤسسات الإنتاجية في العراق الحكومية والأهلية لا تستطيع منافسة السلع المستوردة بسبب السياسة الاقتصادية المشبوهة ، ويعلم الجميع ان أي دولار يتم ضخه في السوق العراقي سوف يذهب للخارج , يجب ان يقف الجميع ضد أية دعوات للتصرف برصيد الاحتياطي في البنك المركزي وتحت آية ذريعة كانت ، فهذا الرصيد ملك الشعب وليس ملك الحكومة او البرلمان .