1- دائما تواجه دعوات الاصلاح ( وعلى مدى التاريخ ) ومنذ القدم أعتى ائمة الظلال والانحراف وقد كان من جهة الحق جهة الانبياء والمرسلين وأئمة الهدى يمثلون خط الرسالة خط الاستقامة خط التوحيد الالهي وفي المقابل كانت جهة الانحراف والباطل وهي الجهة التي كانت تتمتع بكل مقومات الانتصار ( المقومات المادية ) وفي المقابل كان المصلحين لا يملكون أي شيء من هذه المقومات للانتصار ( المقومات المادية ) لكنهم كانوا يملكون مزايا ومقومات أنتصار أخرى حيث لا يملكها دعاة الباطل والانحراف .
صاحب الدعوة الكبرى الرسول الاعظم ( صلى الله عليه واله وسلم ) وهو صاحب الرسالة السماوية حين صدح بدعوته ودعى الناس أليها كان لا يملك أي شيء من هذه المقومات ( المقومات المادية ) حتى يستطيع ان يحقق شيئا من الانتصار لكنه كان يملك غيرها بكل تأكيد عندما بدا الرسول الاكرم في دعوته كانت المواجهة عنيفة وعنيفة جدا جوبهت دعوت النبي (صلى الله عليه واله وسلام ) بكل ما يملك أئمة الظلاله من مقومات المادية التي كان يتمتع بها كانوا يملكون الماده يملكون السلطة يملكون الواجهة يملكون النفاق والمكر والكذب هذا وغيره من اسلحتهم المادية التي تبيح لهم فعل أي شيء في سبيل اسقاط دعوات الاصلاح نقول أن أنبياء الله ورسله كانوا على مستوى عال من التكامل وعلى مستوى عال من التضحية والايثار
نحن نعلم بل نتيقن أنهم على المستوى الكبير من المسؤولية حتى يستطيعون أن يصلون دعواتهم على أكمل وجهه لكن المشكل في هذا الامر أنهم كانوا يجابهون أيضا بمستوى عال من اصحاب التضليل والمكر من المكر والخداع ( الانبياء والرسل وأئمة الهدى بمستوى عال من الاصرار ومن التضحية والوعي والاستعداد والتكامل في سبيل العدل وهداية الناس بالمقابل ائمة الظلالة ايضا على مستوى عال من المكر والخداع والتضليل والتسافل واغواء الناس في سبيل مصالحهم الشخصية ).
2- اشار النبي الكريم ( صلى الله عليه واله وسلم ) عندما قال ((ما اوذي نبي مثل ما اوذيت ) هنا يبيّن النبي الكريم هذا المعنى الذي نريد أن نظهره هذا المعنى من الاذى الذي وقع على النبي قد وقع على انبياء الله ورسله السابقين اصابحهم الاذى والقهر والبطش والتنكيل من أئمة الظلال أنذاك بل وقع ويقع على كل مصلح وكل من يحاول الاصلاح وينقسم هذا الاذى الى قسمين ( الاذى المادي) و( الاذى النفسي )
الاذى المادي الذي يقع على جسدهم من خلال البطش والتنكيل هنا نتكلم عن الاذى المادي فقد عانى منه الانبياء والرسل والمصلحين على حدا سواء وليس هذا الاذى هو شيئا غريبا بالنسبة لانبياء الله ورسله وائمة الهدى ( عليهم السلام ) بل كان شيئا عادي هذا النبي محمد ( صلى الله عليه واله وسلم ) وقع ما وقع عليه من الاذى والعذاب ما تعجز عنه الجبال الرواسي وهو صاحب أكبر دعوى رسالية عرفتها البشرية ونحن نعلم كما قلنا سابقا يملك من مقومات الانتصار المعنوى الشيء الكثير قد وقع عليه الظلم والبطش الاكبر من الاذى المادي هذا الجانب المادي أما الجانب المعنوي والذي يعير له الابنياء والرسل الاهتمام الاكبر بل يترك في نفوسهم الاثر البالغ ويجلب لهم الهم والحزن والاذى المعنوي هو الطعن والتسقيط والسب والشتم في الرسالة نفسها النبي الكريم نعم هو انسان يتحسسّ ويتألم كما هو حال كل أنسان لكن لم يكن يهتم ذاك الاهتمام ويحمل في نفسه كما يحمل الانسان العادي ضغينه على هذا الاذى المادي بل كان يتجاوز نعم كان الرسول الكريم يتجاوز على من يعتدي عليه ويؤذية حتى يؤثر عنه ( صلى الله عليه واله وسلم ) حين يصيبه مثل هذا الاذى كان يدعوا لهم ويقول ( اللهم أغفر لهم انهم لا يعلمون ) نعم هذا من اخلاق الرسول الكريم صاحب الشمائل العظيمه التي كان يتمتع بها لكنه كان بعيدا كل البعد عن الاحساس بهذا الاذى(الاذى المادي ) بل كان يصيبه الهم ويصيبه الالم واي ألم يصيب قلب الرسول الكريم حين تمس الرساله وتسفّه النبوة بدعوتها الاسلامية ويستهزء بالقران الكريم كان هنا الاذى الحقيقي ( الاذى المعنوي ) الذي كان يتاذى رسول الله له بل كان يجرحه جرحا يؤلمه واي أيلاما ؟
هذا التسقيط والطعن كان له الاثر الاكبر في نفوس انبياء الله ورسله الكرام لان كان الهمّ الاكبر لاصحاب الرساله كانت الرساله نفسها ولم تكن شخوصهم الطاهره هي همّهم الاكبر .
3- تكلمنا عن كلا الامرين الاذى المادي, والنفسي أو المعنوي ونضيف ايضا ونقول هل كان الانبياء والرسل يحسّون بألم العذاب أم أنهم لا يحسّون باي لون من هذا العذاب ؟ الرسل والانبياء بعثوا لا جل رفع الحيف والعذاب والقهر عن البشرية جميعا .اذا هم يحسّون ويألمون بهذا الالم وبهذا العذاب الفضيع الذي وقع عليهم لكن هل يتامون كما هو عند بني الناس ؟ هذا العذاب اذا وقع على الناس هو غير مستساغ وغير محتمل وهو بحد ذاته مكروه بل الكثير من الناس لا يطيقونه ابدا لكن ما وقع على أنبياء الله ورسله الكرام هل يكون غير محتمل هو انه مكروه أو ما الى ذلك وهنا نعطي مثالا لتقريب المعنى مثلا لو قلنا ان شخصا ما ( حبيبا ) يريد أن يصل الى محبوبه وكان هذا لن يحصل الا بشقّ الانفس يتعب يتألم كم يكون هذا الالم وهذا التعب وهذا الجهد سهلا ومستساغا بل يحسّ هذا الحبيب بلذة ومتعه ما بعدها متعة لان الالم في سبيل المحبوب تبدل الى لذة ومتعة ؟
وهذا المثال نسأل به كل من مرّ بهذه التجربه فهو جديرا بتقدير صدق المثال ؟ .
وكذلك نقول هذه الامرأة الطيبه الحنون هذه الرحمه الالهية ( الام الحنون) كم وكم عانت من تعب وجهد وسهر وأعطت من وقتها ومن جهدها الشيء الكثير في نهارها وفي ليلها الكل يعلم جيدا مدى هذا التعب والجهد كم هو مضني وتثقيل على أمهاتنا الطيبات لكن نسأل ونقول هذا الالم وهذا التعب كيف تحسّ به الام ؟ هل تحسّ به الم عذاب؟ بل في لحظه ما , ما بين الام وبين طفلها ينقلب هذا التعب هذا الالم الى سعاده الى فرحه الى متعة منقطعت النظير وايضا نضرب مثالا وهو الاسمى والارقى في عالم الايثار والتضحية والفناء من عالم الى اخر وهو تضحية أبي الاحرار وسيد الشهداء ( الحسين أبن علي ) ( عليه الصلاة والسلام ) الحسين في واقعة الطف أعطى درسا بل دروسا في الحياة كلنا سمع وقرا عن تلك المعاناة من القتل والتمثيل الذي وقع على جسد سيد الشهدا عليه السلام كم وكم من ضربت سيف وطعنة رمح في جسده الشريف هل في هذا كان الامام الحسين عليه السلام يتالم نعم انه يتألم حاله كأي انسان لكن الفارق بين الحسين وسائر الناس هو ان الامام الحسين عليه السلام كان يحسّ بمتعة بلذة من خلال هذا الام وذلك لان الالم الذي كان يقع على جسد الاما عليه السلام كان يقربه الى ألله وهو بحدّ ذاته هو غاية الرضا الذي كان الامام عليه السلام ينشده لان هذا الالم كان يقرّب الامام الى الله فكلما زاد الحب وزاد الشوق كان الاحساس بالالم ضعيفا فكلما زاد واشتدّ الالم ضعف بل ينتهى هذا الالم الى ان ينتهى وينعدم اطلاقا وهنا يتحول الالم من ألم الى سعاده الى لذة الى متعة فهي حالة أنصهار كامل هذا الاحساس غير موجود عند سائر الناس ولكنه موجودا بالفعل عند أنبياء الله ورسله وائمة الهدى عليهم السلام .