18 ديسمبر، 2024 11:49 م

دعوات ألاستقالة والميل عن العدالة ” الكبيسي والضاري مثالا “

دعوات ألاستقالة والميل عن العدالة ” الكبيسي والضاري مثالا “

قامت بعض الفضائيات بنقل موقفين أحدهما يقترح على المالكي ألاستقالة , وألاخر يدعو للآستقالة ويحرض على أسقاط النظام وبعدائية واضحة , وألاخر هو الشيخ حارث الضاري الذي نقل عنه قوله : القاعدة منا ونحن من القاعدة ” ومنذ ذلك التصريح فقد الشيخ الضاري شعبيته وحضوره , وأصبح رهينة الدول وألانظمة التي تتأمر على العراق , لذلك سوف لن أتوقف كثيرا مع كلمته التي ألقاها من على قناة الشرقية داعيا الى أسقاط النظام وألاطاحة بالمالكي والشرقية المعروفة بمواقفها التحريضية ضد العراق والمعروفة ببرامجها التي لاتنتمي لهوية أهل العراق في العقائد والعادات والتقاليد لاتمنح الشيخ الضاري  ظهورا مؤثرا بمقدار ما تقزم هذا الظهور وذلك الخطاب الى مستويات متدنية لايحسد عليها صاحبها لاسيما من الذين يحرصون على الثقافة الشرعية .
وكلا الرجلين  يعيشان خارج العراق , ألاول لآسباب موضوعية أنتهت برحيل قوات ألاحتلال وهو الدكتور الشيخ أحمد الكبيسي الذي كان لآقامته في دولة ألامارات ضريبة حددت من دوره التبليغي في أن يحقق مداه الشرعي في العدالة في ثلاث حالات هي :-
1-   موقفه من تنظيم القاعدة التكفيري الوهابي الذي سجل عليه عندما سئل عن عملية الذبح في العراق الذي يقوم به تنظيم القاعدة لاسيما في سنوات أشتداد تلك الممارسات التي لم تعد الى مزيد من البيان فقال الشيخ الكبيسي : هذا خلاف للحكمة ” ؟ وعندما سئل عن الفكر الوهابي قال : لم أطلع عليه ؟ ونحن نقدر ألاحتياط ” التقية ”  الذي أتبعه الشيخ نتيجة وجوده في بيئة حاضنة للفكر التكفيري الوهابي بمسميات مذهبية وتخريجات فقهية لاتنتمي لمدرسة الراسخين في العلم والشيخ يعرف ذلك جيدا وموقفه الشجاع في قوله أفضل أن أحشر مع علي وليس مع معاوية لايعفيه من المواقف التي نسجلها عليه فكريا بعيدا عن ألانفعالات والميول العاطفية التي أخذت منها الطائفية شيئا كثيرا .
2-   موقفه من نظام صدام حسين ومن صدام حسين شخصيا : صحيح أن الرجل لم يكن مقربا من نظام صدام حسين , وهذا لايكفي لرجل مثل الشيخ أحمد الكبيسي الذي أتيحت له فرصة الثقافة الفقهية التي تحمله مسؤولية عدم ألاقرار على كظة ظالم والسكوت عن سغب مظلوم على القاعدة القرأنية ” أصدع بما تؤمر ” و ” وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن ” وقد أتيحت له فرص كثيرة من خلال برنامجه من قناة دبي وأبو ظبي الفضائية ” وأخر متشابهات ” ولقد سجل الشيخ الكبيسي على نفسه مأخذا فكريا وعقائديا عندما وصف صدام حسين بالشجاع ؟ وهناك فرق بين التهور والحماقة والشجاعة وصدام حسين كان متهورا وأحمقا ولم يكن شجاعا ونهايته دلت على ذلك ؟
3-    موقفه من ألانظمة التي يقيم بين ظهرانيها وهي معروفة بمواقفها السلبية من العراق والتي وصل بعضها الى حد التأمر المكشوف على العراق , ولم يسجل موقف واضح للشيخ الكبيسي بهذا الصدد , ومجرد سكوته في خضم هذا الضجيج ألاعلامي الواسع لايعفيه من المسؤولية وتسجيل الموقف وحتى أذا كانت للشيخ مواقفا مع تلك ألاطراف ترفض التأمر على العراق ولكن بطريقة سرية غير معلنة , فأن ذلك غير كاف , لاسيما وأنه منح من بعض الفضائيات العراقية ظهورا يسمح له بأبداء موقفه بعيدا عن محاصرة فضائيات من يقيم عندهم لمواقفه الوطنية العراقية ؟ ثم أتخاذه موقفا برزخيا في الحدث العراقي المشحون بالتدخلات والمتناقضات والمواقف التي تتجاوز على السيادة وتجعل من العراق مسرحا للآخرين , وأخيرا لايكفي أن يكون الشيخ الكبيسي أيجابيا مع مصطلح ” أهل البيت ” نظريا ولايفعل هذا المفهوم في مسائل : ” ألاصطفاء , والذرية المصطفاة , وألامامة , والعصمة , والشفاعة , والغيب , والبداء , والنسخ , والراسخون في العلم , وأولي ألامر , وأهل الذكر .
وحديث الشيخ الكبيسي من على قناة البغدادية التي أثبتت أنها لم تحسن أختيار ألادوار مثلما لم تحسن أختيار العناوين والمصطلحات وقد كتبنا عن ذلك .
والذي طالب فيه المالكي بألاستقالة ورغم كل الطريقة ألادبية التي أستعملها ولكنه كان ينطبق عليه قاعدة : ” عرفت شيئا وغابت عنك أشياء ” ونحن الذين كتبنا عن أخطاء المالكي في أكثر من مناسبة وفي أكثر من موقع وتحملنا من جراء ذلك ضريبة يعرفها من يعرفنا ويعرف المالكي والمطالب الوطنية التي نادينا بها من أيام جبهة مرام وماقبل جبهة مرام ومن أيام المعارضة العراقية التي كانت لنا بهام مواقف لم تعجب بعض ألانظمة وكثير من ألاحزاب وكانت لاحقنا سببا في أقصاء ألاحتلال لنا والذي قلدته في ذلك أحزاب السلطة بما فيهم المقربين منا تاريخيا ؟
والشيخ أحمد الكبيسي الذي يعيش في ألامارات : أطل على المشكلة العراقية في محافظتنا العربية العزيزة ألانبار من خلال حدث يراد له غير ماينقل عنه , وأخذ منه جزئيات صحيحة محاطة بشعارات ملغومة ونوايا مكتومة تنتظر مخططات أصبحت عند أهل الفهم السياسي معلومة , وهذه سورية المكظومة والمدمرة بنخوات مسمومة عرفها بعض الشباب التونسي والليبي ففروا من أحداث مشؤمة وراحوا يرون هول المطلع ورعب المشهد سجلتها صحف غربية ومنابر تتكلم بأسم الحرية وغابت عنها صحف وفضائيات عربية منها التي يظهر عليها الشيخ حارث الظاري ومنها التي قدمت كلمته بأسقاط النظام في العراق وهي ألامنية التي تتحرق لها قلوب ألارهابيين ومن يدعمهم بالمال والسلاح قربة للطاغوت وليس قربة للله ؟
وقد فات الشيخ الكبيسي : أن للاستقالات قواعد وأصول هي معروفة ومطبقة عند الدول المستقرة المتوازنة , وحتى أسهل ألامر على الشيخ الكبيسي وعلى القراء فأقول : لوكان بلدنا مستقرا أمنيا وسياسيا لوجبت ألاستقالة ليس على المالكي لوحده فقط وأنما على كل من أخذ موقعا رئاسيا في المركز وألاقليم , وعلى كل من أخذ موقعا وزاريا ولم يعطه حقه وما أكثرهم .
ثم أن المشكلة التي أفتعلت في ألانبار لها مايشابهها من أسباب في بقية محافظات العراق في البصرة والعمارة والناصرية والنجف وكربلاء وأهالي المعتقلين والسجناء يعرفون ذلك , فضلا عن مشاكل الخدمات وألاستهانة بالمواطن العراقي التي تمارس يوميا في أغلب الدوائر والمؤسسات العراقية , وتصاعد المواقف السلبية لبعض الجهات في ألاقليم والمرتبطة بدعم بعض دول الجوار مثلماهي تحظى بتحريض أسرائيلي له من التواجد في المنطقة ما لايستطيع أحد من العقلاء أنكاره , ومع ظهور لافتات الجيش الحر والحضور الطائفي للوهابية التكفيرية وفلول الحزب الذي طلقه أغلب العراقيين ثلاثا وأعترفت بذلك الطلاق قيادات كثيرة من ذلك الحزب نفسه , والشيخ الكبيسي مطلوب منه وهو الرجل الوطني والفاضل أن يأخذ بكل هذه العوامل وألاسباب ثم بعد ذلك سيجد نفسه في مكان أخر من النصيحة وألاصلاح بما ينفع العراق وأهل العراق الذين لم يكن أغلبهم مع ماجرى من قبل البعض في تظاهرة ألانبار التي طغى عليها الجانب العاطفي ووقعت بأخطاء تخل بالنظام العام وألاداب الذي منعه الدستور العراقي , مثلما وقعت بأخطاء شرعية وهي قطع ” السابلة ” والشيخ الكبيسي يعرف ذلك وكان المطلوب منه أن يرفض المخالفات الشرعية في قطع الطرق ولكنه لم يتعرض لذلك ولذلك لم يكن خطابه عادلا , ولم يكن طلبه موفقا لعدم أستجماعه وأحاطته بظروف الحادث والمشكلة والتي لانريد للشيخ الكبيسي أن يقاربها كما قاربها أحد شيوخ العشائر من قليلي الخبرة السياسية وقليلي المعرفة الفكرية الشرعية حيث قال معللا قطع الطريق العام من قبل متظاهري ألانبار بقطع الطرقات من قبل مواكب العزاء ؟ وفات هذا الشيخ القبلي أن قطع الطرقات من قبل بعض مواكب العزاء الحسيني هو مرفوض ومحرم في الشريعة وهذا الذي يحدث هو تجاوزات لم تجد صرامة من قبل المسؤولين في الحكومة , ولم تجد توجيها ومنعا من المرجعيات بشكل حازم وواضح , وأما ماذهب اليه ذلك الشيخ القبلي من رفع شعارات أو لافتات الجيش الحر وقال : أنها رد فعل على رفع صور الخامنئي ؟ وهذا الشيخ وأمثاله يكتبون على أنفسهم أمية فكرية وسياسية في أن معا , وألافضل لهؤلاء أن ينشغلوا بألامور العشائرية من دية وصلح وعلاقات حسن جوار مع العشائر ألاخرى وهي أمور تحتاجها العشائر العراقية , أذ من المعيب أن يقاس رفع لافتات الجيش الحر بصور الخامنئي وهذا الشيخ ربما لايعلم أن رفع صور الخامنئي في العراق هو خطأ سياسي يتحمله من يرفعه , أما علم الجيش الحر فهو خطأ سيادي ووطني لايجب أن يكون له حضور في التظاهرات العراقية ثم أن رفعه من قبل تظاهرة سياسية يعني أن هذه التظاهرة تتبنى مخططا عدوانيا يجري تطبيقه في المنطقة بينما رفع صور الخامنئي ليس ورائه مخطط سياسي أو أقليمي بمقدار ماهو عمل فردي لبعض ألاطراف الحزبية تعتبره الحاضنة العراقية التي تنتمي لمدرسة أهل البيت خطأ مثلما تعتبر قطع الطرقات من قبل مواكب العزاء خطأ غير مبرر ؟
وعليه فأن دعوات ألاستقالة لم تكتسب قربا من العدالة , وأن كان المشروع السياسي العراقي يحتاجها كمفردة لابد منها في النظام الشوروي والديمقراطي ولكن بتوقيت مناسب وتنظيم صحيح يفضي الى أفاق تجديدية في الحكم بعكس مانحن فيه من أختناق ومحاصرة وتيه يكثر فيه الغبش وتتعالى فيه أصوات الكراهية والطيش؟
رئيس مركز الدراسات وألابحاث الوطنية
[email protected]