نصيحة أخوية للجميع “وانت خارج من بيتك ضع في محفظتك مبلغا من المال – صغر ذلكم المبلغ أم كبر – وخصصه لـ “دعم الكادحين”، كادح يبيع الخبز …الكيك ..الجرك ..الصميط ..الحلوى ..الماء البارد، حاول أن تشتري منه نصف أو كل ما عنده دفعة واحدة، وخذ قطعة واحدة منها فحسب لنفسك “لتشعره بأن العملية برمتها ليست مساعدة او صدقة قد يستثقلها او يتحاشاها حفاظا على عزة نفسه وماء وجهه وصونا لكرامته”وأطلب منه بكل أدب ووقار توزيع الباقي بين الناس ثوابا، ويفضل وتلافيا لإستغلال العملية من قبل بعض ضعاف النفوس منهم أو من غيرهم بأن تشرف على عملية التوزيع المجاني ثوابا بنفسك وفي ذات المكان والزمان، لن تستغرق العملية بمجملها من وقتك أكثر من عشر دقائق “.
كن على ثقة تامة وعن تجارب معاشة ولاسيما اذا ما قرنت العملية كلها بحمد الله تعالى ،والثناء عليه خيرا ، مشفوعة بالصلاة على النبي المختار ﷺ ،مع الحرص على الاستغفار ، بأنك سترى من البركات في حياتك ورزقك وتوفيقك في ذلك اليوم والأيام التي تليه العجب العجاب..جربها ولو مرة واحدة ولن تخسر..وانقل للناس تجربتك الشخصية أو تجارب الاخرين تلك لاحقا على مواقع التواصل لتقلد وتستنسخ مرارا وتكرارا !!
انها عملية خيرية انسانية رحمانية “ثلاثية الابعاد”، البعد الأول منها ” يتمحور حول مساعدة الكادح لأن تصريف بضاعته المتواضعة في المعتاد تستغرق منه نصف يوم أو أكثر في برد الشتاء القارس ، أو في حر الصيف القائظ ، وانت تختزلها الى نصف ساعة …البعد الثاني أن شراء بضاعة كادح وتوزيعها ثوابا بين الناس ترحما على أرواح امواتنا وأموات المسلمين بمثابة سنة حسنة سيكبرها ويعجب بها ويستنسخها انبهارا بها آخرون بما يشيع مفاهيم التراحم والالفة والمحبة بين الناس …البعد الثالث يتمثل بإدخال السرور على قلب الكادح ولا شيء أجمل من ادخال السرور على قلب مسلم “، ولعل من النماذج الواقعية المعاشة ما حدث أمام ناظري قبل أيام وخلاصتها” أن شابا كادحا نحيفا يبيع الماء البارد قد صعد الى الباص آملا ببيع بعض ما عنده بين الركاب فلم يتبضع منه احد ، وعندما هم بالنزول من الباص وهو كسير الخاطر ناداه أحد الركاب الكبار في السن وقال له بالبغدادي كم بطل – قنينة – عندك ؟ ” قال : 10 قناني سعر الواحد منها 250 دينارا = 2500 دينار …فأخرج الرجل من جيبه خمسة الاف دينار واعطاها للبائع الكادح وطلب منه أن يوزعها كلها بين ركاب الباص ” ثوابا “، وبعد أن تمت عملية التوزيع بنجاح ، اراد البائع ان يعيد باقي المبلغ = 2500 دينار الى الرجل فأبى أن يأخذها منه قائلا له ” احتفظ بالباقي لنفسك ” .
ولا أريد أن أصف لكم حجم السعادة والفرح الغامر الذي ظهر على وجه الكادح المسكين وملامحه..لقد كاد ان يطير فرحا !!
همست في اذن الرجل وكنت أجلس خلفه مباشرة “بارك الله فيك ، وبارك عليك ..وارجو ان يتسع صدرك لفضولي فأنا شخص اعلامي ومن عادتي رصد وتسجيل جميع الملاحظات والمواقف الاجتماعية الطيبة منها والخبيثة لتناولها صحفيا .. لقد مر بائع المياه الكادح بقربك اولا كونك تجلس في المقعد الامامي فلم تشتر منه شيئا، ومن ثم وبعد أن ذرع الباص طولا وعرضا، ذهابا وايابا وهو ينادي ” ماء بارد ..ماء بارد” من دون جدوى وبعدما هم بالنزول ، هنا فقط تدخلت جنابك الكريم لتصنع معه ما صنعت من معروف تثاب عليه ..لماذا ؟!
قال : عندما صعد الكادح الى الباص وهو يحمل الماء البارد في عز الصيف القائظ خلت أن العديد من الركاب سيشتري منه بعضها ، الا أن أحدا منهم لم يفعل ، ربما لضيق ذات اليد ..ربما لأنهم قد شربوا عصائر او ماء باردا قبل صعودهم الى الباص ، ربما لأن بعضهم يحمل بيديه ماء او يضع في اكياسه وما يحمل بيديه مثلها ..الا ان الحافز الأهم كان “سماعي إحدى – الحجيات – وهي تدعو للبائع وبعد أن أسدى لها خدمة بطلب منها لفتح النافذة التي لم تتمكن من فتحها لضعف قوتها وقلة حيلتها قائلة له “الله يرزقك” وقد إهتم الشاب بالدعاء قائلا بصدق ولهفة وبصوت مسموع “آآآآمين”، هنا قلت في نفسي لنترجم دعاء الحاجة و تأمين البائع الى واقع حال فتشعر الحاجة بقوة دعائها وسرعة استجابته فتفرح ..ولنشعر البائع بقوة تأمينه وسرعة تحققه فيُسعد ، أملين ومتمنين بأن يستجيب الله تعالى لدعواتنا ويحقق أمنياتنا بالمثل ، فضلا عن أن الماء الذي تم توزيعه هو ثواب على روح ابي وامي رحمهما الله تعالى ” وافضل الصدقة سقي الماء” كما أخبرنا الحبيب الطبيب ﷺ،ولايفوتنك أن ما قمت به أمام انظار الجميع ومن غير رياء ولا مراء ولابحثا عن شهرة أو سمعة ، لأن احدا من الركاب لايعرفني ولن يلتقي بي مجددا فهذا ليس طريقي المعتاد ، ولا مصلحة مرجوة لي مع أي منهم بمن فيهم انت ،بمثابة دعوة بالقدوة الحسنة و”سنة حسنة ” والله تعالى أعلم بالنيات ، لعل واحدا منهم يكررها او يستنسخها في قابل الايام مع كادح جديد في زمان ومكان آخر !!أودعناكم اغاتي