اطلقت وزارة التجارة , قبل ايام , الدفعة الثالثة من مستحقات الفلاحين والمزارعين الذين سوقوا انتاجهم من محصول الحنطة الى مراكز التسويق العام الماضي . وهي مسالة تتكرر منذ عدة مواسم من دون مبرر وتؤدي الى الاضرار بالمسوقين وتضع الكثير منهم تحت طائلة العوز المادي , بل وتحملهم اعباء اضافية تثقل كاهلهم وتلتهم جزء من مستحقاتهم التي يدفعونها كارباح على الديون التي بذمتهم الى التجار وغيرهم ممن يتعاطون مع احتياجات المزارعين ببيعها بالاجل .
الواقع هذه مشكلة كل عام ولم تتخذ السلطات المعالجات اللازمة لانقاذ الفلاحين منها , واكثر من هذا بعض الفلاحين والمزارعين لديهم مبالغ بذمة وزارة التجارة تعود لسنوات ماضية تلكأت الحكومة بدفعها , لاسيما المسوقين من اقليم كوردستان .
ان الحكومة تشتري كميات من القمح من السوق العالمية وتدفع نقدا وبالعملات الاجنبية الصعبة من بلدان ك ( كندا وامريكا واوكرانيا ) , وهذه الاخيرة ربما سيكون من المتعذر الاستيراد منها بسبب الحرب ولا غرابة حين تسمع من الفلاحين المطالبة بالتعامل معهم مثلما يفعلون مع الشركات الاجنبية.!
الحكومة لم تفكر في دفع ديونها , على الرغم ان موسم التسويق على الابواب , اذ لم يتبق على حصاد الحنطة سوى اسابيع قليلة , وهي بحاجة ماسة الى المحصول الذي سيشح في السوق العالمية وترتفع اسعاره , وبالتالي ان لم تفعل ذلك تتراكم الديون عليها وتعاد الاسطوانة ذاتها والخاسر منها الفلاحين والمنتوج المحلي .
يتميز الوضع المالي , الان , بالوفرة جراء ارتفاع اسعار النفط وزيادة مجمل الايرادات , فعلى الحكومة ومجلس النواب تخصيص جزء من الاموال في موازنة عام2022 للموسم الحالي وتسديد هذه الديون الممتازة , وهو ابسط ما تقوم به الحكومة لشجيع المنتوج المحلي ودعم تنمية الريف في اوانها , والحد من ظاهرة العزوف عن زراعة الحبوب ( حنطة , شعير ) والتحول نحو زراعة محاصيل اخرى ,وبالتالي تتوجه ضربة موجعة للامن الغذائي الذي نحن احوج ما نكون اليه بالاعتماد على امكاناتنا الوطنية لتحقيقه في ظل الظروف المعقدة , اضافة الى تقليص نمو القطاع الزراعي وزيادة مساهمته في الناتج المحلي الاجمالي الذي تسعى الخطط الحكومية لاحداثه .
حسب وزارة المالية ان هذه الدفعة لانهاء ملف مستحقات الفلاحين والمزارعين بشكل كامل وهو قرار جيد , ولكن المهم الاستعداد للموسم التسويقي ودفع المستحقات حال الانتهاء من تسليم المحصول لان في ذلك انعكاس ايجابي على الحياة المعيشية للعوائل العاملة في القطاع الزراعي والنهوض بالانتاج وتامين الاستعداد للموسم المقبل و متطلباتهم الاخرى .
ان دعم الفلاحين والايفاء بحقوقهم ليس منّة من المسؤولين , وانما واجب عليهم ويصب في تلبية تطوير الاقتصاد الوطني واصلاحه وتغيير طبيعته .