لكل حرب وصراع دائر، سواء أكانت حرب عسكرية أو سياسية، أجهزة إعلامية للترويج لكل طرف من الأطراف المتصارعة، يحتاجها كثيرا ربابنة الحروب، لنقل الصورة التي تجعل من كل طرف إما منتصر أو منهزم، تكون بارعة في صنع صورة للحرب المصطنعة، هذه الأجهزة ذات الإعلام المضاد تحتاج إلى متلقين يتمتعون بضعف النفس وطبقة من الجهلة، لكي تنطلي عليهم الخدع الإعلامية المفبركة ويصدقها كثيرون .
« كلما سمعت كلمة مثقف _ أو ثقافة _ تحسست مسدسي »، بول جوزيف غوبلز ( 1897 – 1945 )، الأسطورة في الحرب النفسية، ووزير الدعاية السياسية في عهد أدولف هتلر، كان وزيره حتى اللحظات الأخيرة، لعب دورا مهما في ترويج للفكر النازي لدى الشعب الألماني بطريقة ذكية، أستطاع غوبلز أن يوظف ويستثمر الإعلام في الترويج للنازية والحرب أيضا، صاحب شعار شهير « أكذب حتى يصدقك الناس » .
إن الذي يملك وسائل الإعلام يملك القول الفصل في الحروب الباردة والساخنة، منذ أيام وبعض القنوات الإعلامية ووسائل التواصل الإجتماعي، تتناقل خبرا مفاده؛ أن هناك مجزرة حدثت يوم الجمعة في منخفض الثرثار، راح ضحيتها أكثر من 140 شهيد من أبناء الجيش العراقي، بعد حصار إستمر لعدة أيام، وعدم إرسال المساعدات العسكرية وإجلائهم، تعالت الأصوات منددة بهذه المجزرة ومطالبة بإستجواب خالد العبيدي وزير الدفاع وإقالته، بعد سيل من تهم التخوين والإنبطاح، وإيهام الرأي العام أن هناك مؤامرة لذبح جنودنا .
يبدو إن داعش لم تبذل أي جهد بالترويج لحربها، بعدما نجحت في جعل بعض الوسائل الإعلامية تصدق للخبر المفرك إعلاميا، وقد جعلت من هذه الوسائل، وسيلة نقل كبيرة للترويج بين الشعب، والتي تلقفتها وسائل التواصل الإجتماعي، لتتحول من إشاعة مزيفة إلى حقيقة دامغة، جعلت من الرأي العام ينقسم بين مصدق ومكذب ومندهش، لتدشن طائفيا خالقة حالة من الغضب المتطرف، الذي لا يريد أن يستمع للرأي الآخر، الذي يريد أن يبدي وجهة نظره المدعومة بالدلائل والشهادات الحية .
صنع أزمة سياسية بين الكتل، لصرف الإنتباه عن دعم القوات المسلحة والحشد الشعبي، وتعكير الأجواء بين الكتل التي لا زالت تعيش شهر العسل الطويل، والتمويه عن حقيقة إنكسار داعش عسكريا، ليتمكن من إعادة ترتيب وضعه بعد هزيمته في تكريت والأنباء التي تتحدث عن عزل أبي بكر البغدادي بعد إصابته بغارة جوية وتنصيب خليفة سعودي لم يكشف النقاب عن إسمه، في تسجيل صوتي ينسب لأبي محمد العدناني يؤكد فيه صحة هذه الأنباء، هي من أهم أهداف المجزرة المفتعلة إعلاميا .
داعش حقق حلمه بالزواج من إمرأة كبيرة العمر كثيرة الطلاق، لتنجب له طفلا قد ينجح بتحقيق أحلامه الوردية، حصل على رحم يقبل هذه النطفة، فكان مهر عقد نكاحهما، إسقاط فتوى المرجعية الدينية، وحكومة العبادي ومن له اليد الطولى بتشكيلها بأي وسيلة كانت، لربما هذا الرحم تهشم لتعدد زيجاته وكثرة حمله لأجنة لم تسلم من الموت، ولن يستطيع داعش الذي خدع بجمالها الأخاذ، الذي أنفقت على تحسين مظهرها كثير وكثير من أموال الشعب الجريح .
القصة الحقيقة للمجزرة المفتعلة، هي إستشهاد قائد الفرقة الأولى ومعه 13 جنديا وجرح 23 آخرون وفقد 8 جنود، بعد تفجير أربع همرات مفخخة من قبل تنظيم داعش الإرهابي، ولم تقع هذه الجريمة في ناظم الثرثار وإنما وقعت في ناظم التقسيم، الذي يبعد أكثر من 20 كيلو مترا عن التقسيم، ويقع بمحاذاة ذراع دجلة، وهذا ما ظهر في الشريط الذي بثه التنظيم الإرهابي، حيث كتب على اللافتة التي في الطريق عبارة ( ناظم التقسيم )، ﻳَﺎ ﺃَﻳُّﻬَﺎ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺁﻣَﻨُﻮﺍ ﺇِﻥْ ﺟَﺎﺀَﻛُﻢْ ﻓَﺎﺳِﻖٌ ﺑِﻨَﺒَﺈٍ ﻓَﺘَﺒَﻴَّﻨُﻮﺍ ﺃَﻥْ ﺗُﺼِﻴﺒُﻮﺍ ﻗَﻮْﻣًﺎ ﺑِﺠَﻬَﺎﻟَﺔٍ ﻓَﺘُﺼْﺒِﺤُﻮﺍ ﻋَﻠَﻰ ﻣَﺎ ﻓَﻌَﻠْﺘُﻢْ ﻧَﺎﺩِﻣِﻴﻦ .