23 ديسمبر، 2024 6:18 م

دستور ابراهيم القندرجي

دستور ابراهيم القندرجي

عندما استحوذت وزارة (العدلية) على بناية المحكمة الشرعية في بغداد والواقعة في شارع النهر عام 1934 مع قيام الدولة العراقية ، قامت الوزارة بهدم بناية المحكمة التي سبق وأن تبرعت ببنائها طيبة الذكر السيدة عادلة خاتون ، ثم اعادة بنائها كمجمع متكامل للمحكمة الشرعية في بغداد .. وتلك نفحة تاريخية من تراث بغداد الثر له ربّاط أكيد بموضوعنا .
 
أمام تلك المحكمة مباشرة كانت تقع مجموعة دكاكين لأصحاب المهن والحرف الشعبية .. ومن ضمنها دكان ابراهيم القندرجي (الأسكافي) ، الذي يعاونه بانجاز العمل فيه اثنان من ابنائه الذين توارثوا المهنة منه ومن اجدادهم البغادّه .. قال الأبن الكبير لوالده ابراهيم القندرجي .. يابه .. اليوم راح يراقبون هلال العيد واحتمال يكون آخر يوم من رمضان ، والقنادر عدنا متلتلة والشغل كثير وما أظن راح نلحّك اذا باجر عيد .. صفن ابراهيم القندرجي وردّ على ابنه قائلا اشتغلوا اولادي باجر (مو) عيد .

أتفق ابراهيم القندرجي مع أحد أقربائه من (شقاوات) بغداد ووقف معه أمام باب المحكمة الشرعية قبل صلاة المغرب وبعدها ، حاملين التواثي ومتحزمين بسكاكين (أم الياي) ، وقاموا بالتصدي وإعادة كل من أتى (من خيرة القوم ) لكي يشهد أمام المحكمة أنه رأى هلال العيد .. ودخل وقت العشاء ولم يتمكن احد من الشهادة ، بعد أن تم طرد الكثيرين ، مما أضطر قاضي المحكمة الشرعية لاحقا أن يعلن في بيان رسمي أن غدا يعتبر مكملا لشهر رمضان .. وانتصر قانون ودستور ابراهيم القندرجي .

اليوم والعراق يحترق ويتقسم ويفنى .. وقوانين ابراهيم القندرجي ما زالت تسود وتطغى على كل القوانين رغم أنف الأخيار والأشرار على حد سواء ، بل حتى على الدستور الذي وضعته ثلة من القندرجية بانفسهم .. فحينٌ يلتزمون به ، واحيانا كثيرة يضربوه باعتك قندرة من أجل منافع ومصالح شخصية ورغبات غير نزيهة واملاءات خارجية مذلة .. ومحكمتنا ( الشرعية ) ما زالت تعمل تحت ضغوط بعض القندرجية والشقاوات من الذين ما زالوا يحبون الوقوف على بابها .. أو حتى من اولائك الذين يلمحون لها بسكينة ام الياي (من بعيد) لكي تقول نعم افندم .

ملاحظة : اعتذار كبير من اخوتنا اسكافية بغداد الأصلاء الأشراف ممن كانوا وما زالوا يمثلون شريحة كريمة من شرائح مجتمع بغداد الطيب المتجانس .