23 ديسمبر، 2024 6:27 ص

دروس من الحشد الشعبي

دروس من الحشد الشعبي

لظاهرة الحشد الشعبي دروس كثيرة ذات اهمية تاريخية, رسمت الملامح الوطنية والأنسانية للعراق الذي ننتظره جديداً, دروس ايجابية بأغلبها وما رافقها من سلبيات ارتكبت باسمه او نسبت اليه ـــ وضخم بعضها ـــ او انها ذات اللعبة القديمة الجديدة يلعبها الجناح السياسي للدواعش من داخل العملية السياسية, رغم ذلك لا يمكن لأية تجربة وطنية بهذا الحجم والأهمية ان تتجنبها .
1 ـــ الدرس الأول ـــ الأنتصار ـــ عندما يقرر العراقيون على ان ينتصروا لأرضهم واعراضهم وثرواتهم وحاضرهم ومستقبل اجيالهم, تتعافى وتكتمل ارادتهم بوجه فرضيات الأحباط واجراءات الأنهاك الخارجية اضافة الى الشلل الداخلي الذي تمارسه دواعش العملية السياسية, العراقيون قرروا التوحد حول مبدأ الأنتصار ـــ فأنتصروا ـــ بوحدتهم و وطنية معتقدهم, قبلها خلعوا اسمال الطائفية وسدوا انوفهم بوجه روائح الفرقة والفتن والتمزق, فكان الدرس الذي ترسخ انجازاً وطنياً في الذاكرة العراقية .
2 ـــ الدرس الثاني ـــ يسبقه سؤال ـــ هل انتصر العراقيون في صلاح الدين (تكريت) ليفتحوا ابواب النصر بأتجاه الأنبار والموصل وكركوك ؟؟, هل يمكن ان نقول نعم وهناك دواعش المنطقة الخضراء خنجر في خاصرة العراق, ينزف جرحه فساداً وارهاباً وخذلاناً وخيانات, تتقن بحرفية عالية فتح جبهات الأعلام والتشويه وفبركة الأشاعات من اجل حماية دواعشهم الميدانية ثم اعادة تأهيلهم لمواجهات ما انزل الله بها من سلطان, ترافقها مواقف واجراءات مشبوهة من تحالف الجرف الآخر للعملية السياسية, ليخرج ابطال  الحشد الشعبي منتصرين فقط على دمائهم وشهدائهم ومعاناة اهلهم كمن يحرث البحر, ليعود العراقيون الى نقطة الصفر, في اعتقادنا, يجب ان يسبق النصر الميداني, نصراً على الجبهة السياسية وفي المنطقة الخضراء تحديداً, فالعفن دائماً يبدأ من الرأس, ما نحتاجه حتى ينتصر العراق حقاً, ان يكون له حشداً شعبياً على اصعدة المواجهات الميدانية والسياسية والثقافية والأعلامية والتنظيمية وفي كل زاوية من ارض العراق الواحد .
3 ـــ الدرس الثالث :  ان تجربة بواسل الحشد الشعبي اعادت الى ذاكرتنا تلك  الذات التي كانت يوماً هوية وطنية, كنا لها كما كانت لنا, مفردة اجتمع فيها تاريخنا وكل ما تعنيه مشتركاتنا من مضامين حضارية, ولدنا وكبرنا, افترقنا واشتقنا لبعضنا, اقتربنا وتصاهرنا اجيال لا ينطق فيها الدم المشترك بغير الحروف الأربعة للعراق الواحد, تجربة اعادت تفسير التاريخ كما ينبغي, ليس بين العراقيين من هو طائفي او قومي متعنصر, فقط هناك من هو اجير سافل استلم ثمن مستهلكات الضمير والشرف, من تلك الحثالات استطاعت امريكا ان تخلق طبقة من الفاسدين والمرتزقة والدلالين على استعداد ان تلعب اوراق مشروع (فرق تسد) الى آخر جوكر تحت تصرفها, كانوا رجال فتن واحقاد وتجار كراهية, اخذوا من التاريخ اكذبه واشعلوا الحرائق في الذاكرة العراقية, انهم دواعش تحت الطلب دائماً .
4 ـــ الدرس الرابع : اشار اليه الكاتب الوطني المعروف عبد الصاحب الناصر في احدى مقالاته وكان دقيقاً منصفاً ما يكفي الى ان ” الحشد الشعبي ثورة شعب ” ردة فعل مجتمعية بكل ما تعنيه من قيم ومباديء واخلاق وصفاء وطني, ثورة اندمجت داخلها اصوات جميع المكونات العراقية, لن يختلف فيها الصوت العراقي عن العراقي, العربي عن الكردي والتركماني ومسلمي كل الطوائف والمذاهب عن المسيحي موحداً مع الأيزيدي والصابئي المندائي, كل وجد هويته تبتسم على وجه الآخر, فقدت الريبة منطقها وسوء الفهم اسبابه والفتنة بيئتها .
ما كان بالأمكان ان تتكاثر الحشرات الضارة للدواعش في المحافظات الغربية لتصبح وباء مدمراً لأهلها, ان لم يكتمل تفريخها ونموها من داخل العملية السياسية, هناك فقط يمكن تجفيف حواضنها في سفارة العبث بدماء وارواح الملايين من الأبرياء, من هناك حيث التوقيتات الشريرة لرجال الصفقات الجاهزة في مطابخ الفتنة .
اثنا عشر عاماً والعراق الذي افترضوه لنا جديداً ديمقراطياً دستورياً, لم يعد ثوباً يليق بالمواطن العراقي, انه مرقع بأسمال الفساد والأرهاب ورذائل التحاصص والتوافقات, هجين قوى غير نزيهة, جعلتنا نقتنع, ان الحرب مع داعش قد تستغرق ثلاثون عاماً, هكذا صممت امريكياً واقليمياً ومحلياً, بواسل الحشد الشعبي يدخل تكريت منتصراً للضحايا والمهجرين والنازحين من اهلها, ليخرج منها تاركاً دماءه وارواح شهدائه معتذراً عن اخطاء لم يرتكبها, دواعش العراق ظاهرة محلية بوجوه بعثية متعددة, الأنتصار عليها يجب ان يكون سياسياً وعسكرياً واعلامياً واجتماعياً, انها دواعش حكومة الصفقة تلعب ادوارها على الجسد العراقي المنهك .
ـــ المجد والخلود لشهداء بواسل الحشد الشعبي .
ـــ  الخزي والعار لدواعش الدواعش من داخل العملية السياسية .