في الخالدية كانت للقوات العراقية المسلحة المشتركة اجمل صور التحدي والعطاء وقدمت قافلة من الشهداء بانجازات قتالية رائعة وشرسة ولان المنطقة تميزت بكونها تخفي في طياتها قيادات مهمة ومن جنسيات مختلفة ومقرات سرية لتلك القيادات مجهزة بالامكانات اللازمة ومجموعة كبيرة من الانغماسيين المدربين بشكل لا يخلون من النقص والعدة و اجنبية مما يسمى بـ ” جيش العسرة من اميركان وشيشان وعرب ابرزهم السعوديين وجنسيات مختلفة معتوة” وذلك لاهمية المنطقة وقربها من مدن مهمة وخاصة كربلاء المقدسة والمؤشرات توكد بان الخالدية كانت غير ممسوكة استخبارياً والمعلومة حولها لم تكن دقيقة فوقعت اخطاء يجب دراستها لانها سببت تقديم ضحايا وشهداء من قبل القوات المسلحة التي شاركت في العملية وابلوا بلاءاً حسنة في القتال والبسالة والشهامة. القوات المشاركة اثبتت جدارة وقدرة على ردع الارهاب وانهائه ، بعد أن شكل داعش الاجرامي اسطورة لدى دول كثيرة، واصبح له صورة مرعبة لدى العالم، والتي تحطمت على يد السواعد الخيرة .
لقد كشفت معركة الخالدية جملة من الأسرار والحقائق التي ينبغي ان يطلع عليها العالم أجمع ليعرف مدى بطولة الرجال من ابناء القوات المسلحة والحشد الشعبي الذين قدموا التضحيات والدماء الزكية وهم يسطرون أروع الملاحم لم يستطع الإعلام المحلي بل وحتى الاعلام الحربي من ان يغطيها ويمنحها شيئاً من استحقاقها وعظمة المنجز المتحقق على يد ابطال العراق في مواجهة قوى الكفر والضلالة من عصابات داعش ومن معها لقد تفاجأ الجميع ان هذه المنطقة ليس كما يتصور البعض مجرد منطقة تسيطر عليها عصابات داعش كغيرها انما هي مركز تتجمع فيه قيادات كبيرة من هذا التنظيم والتي تقدر اعدادها من ١٠٠٠-١٥٠٠ مقاتل ٨٠٪ منهم من جنسيات عربية وأجنبية . ما وجد فيها مدفوناً تحت الارض فوق مستوى الخيال ، قاعات اجتماعات وغرف منام ومكاتب ومضايف وأنفاق ومولدات كشفت لاحقا من منافذ وأنابيب التهوية الخارجة من الارض ومراكز اتصالات ودائرة تلفزيونية فضائية ، فضلا عن خزانات وبرادات الأكل والمشروبات .
رغم ما تحقق في جزيرة الخالدية من نصر كبير لم يتحقق في أي معركة اذ تجاوز قتلى العدو الداعشي الالف من القتلى يجب الوقوف عندها .
أهمية تحرير هذه المنطقة موقعها الجغرافي الذي سيؤمن الجهة الشرقية من نهر الفرات ، بالإضافة للطريق السريع الدولي الرابط بين بغداد والاردن .
وخصوصاً وان أغلب قيادات داعش الهاربة من الفلوجة كانت محاصرة فيها . وستبقى عالقة في اذهان المجموعات الارهابية ودروس في القتال الاستراتيجي .
ولكن النتائج تدعوا الى التدقيق بالاسباب التي اربكت في بعض الجهات من العملية لتلافي الاخطاء مستقبلاً وتؤيد ان هناك مخاطر جمة في مقدمتها الطائفية السياسية وإرهاب بشع يستغل المناخ السياسي السلبي ليوسع نشاطاته ضد شعبنا .
لازلنا بحاجة الى جهد استخباراتي جاد وللتدريب المستمرلانهما يقللان من دماء المعركة و الى المؤسسات المهنية الكفء التي تبنى عليها الخطط القادرة والمتمكنة من تقديم الأمان والخدمات اللائقة، و بناء دولة مواطنة كاملة وحقيقية وتبعد الخطر عنه .
على الدوائر الاستخبارية العمل من اجل ان يكون لها دور دقيق في النفوذ الى جبهة العدو والسرعة على مستوى نقل المعلومة والخطط الامنية واستخدام التقنية الحديثة ودعم افراد الجيش والشرطة الاتحادية والحشود المباركة ورجال الامن مادياً ومعنوياً وابعادهم عن الصراعات السياسية والعمل على اساس المواطنة والمحافظة على وحدة الامة وتماسك نسيجها الاجتماعي والاسري والارتقاء بكل عوامل العائلة نحو الافضل وتوفيرما يضمن مستقبلهم .
الإنجازات الأمنية تتطلب بذل جهود مضنية للحفاظ عليها من خلال العمل على توحيد الصفوف ومشاركة جميع فئات الشعب وكل من يعتقد أن خطر الإرهاب الذي يطال الدولة في هذه مرحلة سوف لا تطاله إنما هوفي وهم خاصةً لان هذه المجاميع المجرمة كشرت عن نواياها الخبيثة باتجاه إشعال الفتن الطائفية في العراق و المنطقة وبرغم مما تحدثه من خسائر في الأرواح يوميا إلا أنها باتت مدانة من عموم الشعب العراقي الذي بات موحدا ضدها.
ومن المهم غلق منافذ الترويج للاشاعات المغرضة التي تمارس اليوم عن طريق وسائل الاعلام المختلفة ويجب التنبه لها ودراستها دراسة واقعية معمقة ناضجة وكشف منابعها وتجفيف مواردها بشكل دقيق وبمعالجة حكيمة بأتخاذ التدابير الاستراتيجية التي تحفظ وحدة الشعب وتضع اسس قوية لمستقبل سليم معافى عرقياً ومدنياً حراً تحفظ فيه حب المواطنة وحقوق الانسان .
هناك ثمة ملاحظة يجب ادراكها ان هناك علاقة جدلية بين الإرهاب المسكوت عنه إعلاميا و الإرهاب المضاد المحمول عليه بشدة من طرف و سائل الإعلام المعلومة الحال، مع العلم أن هذين النوعين من الإرهاب هما وجهان لعملة واحدة ويغذي كل منهما الآخر و يذكي ناره.
في هذه البرهة التاريخية ينبغي من السياسيين توظيفها لتوطيد اللحمة الوطنية وتجاوز مظاهر التمييز الطائفي والاثني بين طبقات المجتمع العراقي الكريم الواحد الذي حاول ويحاول البعض من المتعطشين للدماء داخل العملية السياسية المتاجرة بها لقد اختلطت دمائهم في كل المعارك التاريخية والحرب على الارهاب الدخيل الذي اثبت انه ليسى لصالح احد ولايعرف الانسانية وسخرته واجهات داخلية بالتعاون مع جهات خارجية تحاولت الاتجار بسمه وعنوانه المشؤوم لصالح ماخططت له من اجل تمزيق المجتمع. بمصداقية لكل ما تم التعبير عنه .
فلتتوحد الكلمة وتتلاحم الصفوف تحت راية الوطن ومن أجل انقاذه من كابوس الانقسام والتشظي وبناء عراق حرّ كريم تحكمه عدالة الإسلام وتسوده كرامة الإنسان ويشعر فيه المواطنون جميعاً على اختلاف قومياتهم ومذاهبهم بأنهم اخوة يساهمون جميعاً في قيادة بلدهم وبناء وطنهم وتحقيق مثلهم الإسلامية العليا المستمدة من رسالته العزيزة وفجر تاريخه العظيم .
كما ان دماء الالاف من الشهداء الذين لا يمكن ان تضيع دون قطف ثمار تضحياتهم على خطوط المواجهة تدعوا لتحمل هذه الرسالة . الكتل السياسية الوطنية والمكونات المجتمعية في العراق اليوم مطلوب منها حماية هوية التعددية وتنوعه العرقي والديني والثقافي والذي يعتبر مصدر اثراء للاجيال القادمة ، ورعاية حقوق الانسان ، والعمل على ترسيخ هذه المبادئ ، والقبول بالآخر ، بل لتحقيق التعاون البناء على الخير والعدل ، والإحسان .علينا ان نكون متفائلين دائماً ، فالتفاؤل يزيد من الإيمان و بقدرات الإنسان ومقدرته على حل المشكلات بل وعمل المعجزات