18 ديسمبر، 2024 10:10 م

الرفق
الرفق يعني اللين وحسن الصنيعة ويعد من الصفات العظيمة الراقية في الاسلام و جامِعة لمكارِم الأخلاقِ ، هي صِفةٌ طالما تحدَّث الناس عنها ولكن غابت عن تعاملاتهم فيما بين وهي صفة ضابطة لحسن سّلوكهم لو تم الالتزام بها . وقد استحسنتها نفوسهم، وامتدحوها في منتدياتهم، ولكنّها السلوكُ الغائب في الكثير من المجتمعات اليوم ، والخلُق المفقود لدى الكثير من الناس، بل إنها غائبةٌ عند بعض الناس حتى في أنفسهم، ناهيكم بمن حولهم من الأهل والأقربين.
والرفق من أفضل الطرق وأسهلها للوصول الى الأهداف الكبيرة في الحياة. وهو أحسن وسيلة لتحقيق النتائج الجيدة والحسنة في التعامل مع الآخرين، حتى في عقد الصفقات التجارية والمعاملات. فيستطيع الإنسان بطلاقة الوجه وعذوبة الحديث وحسن الخلق والإبتسامة أن يجذب قلوب الآخرين ويترك انطباعاً جيدا لديهم ويكسب مودتهم. والإنسان قد يستطيع بالعنت والقوة ان يصل الى غايته ولكن ذلك لايدوم. ”ان الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على ما سواه ، كما قال الرسول الكريم ”لو كان الرفق خلقاً يُرى ما كان مما خلق الله شيء أحسن منه”. فقد قال سبحانه و تعالى في كتابه : \”ادفَعْ بالَّتي هِي أحسَنُ فإذا الذِي بَينَكَ وَبينَهُ عَداوةٌ كأنَّهُ وَليٌ حَمِيمٌ” فصلت 34 ، ويثبت القران الكريم ايضاً في اية اخرى”)فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ ( ال عمران الاية 159 ) اذاً ان الرفق من الصفات المحمودة وان الله سبحانه وتعالى يامر بالتحلى به حتى انه أمر موسى عليه السلام بان يتحلى بالرفق واللين في حديثه مع فرعون على الرغم من كفر فرعون وبطشه في الأرض وقد قال الله تعالى في كتابه العزيز: {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى } سورة طه: 43، 44.

كما نود الاضافة في الذكر بأن الغلظة والعنف في التعامل يولدان في الطرف الآخر الشعور بالحقد والبغضاء. فاذا كان قلب الشخص الآخر مفعماً بالحنق على المرء والبغضاء له ، فان هذا الاخير ليسعه ان يكسب وده ويقنعه بوجهة نظره وأدائه. ولعل من سائل يسأل، إن كثيرًا من الرجال متزوجون ولا يرفقون بزوجاتهم ويعاملونهم بالقسوة، ويصل بهم الأمر إلى الفراق ، هنا يجب ان نصلح انفسنا قبل كل شيئ ونتعامل على الطريق المستقيم، والتساهل والتهاون مشكلة، والتشديد مشكلة، الإنسان يكون وسطا بين أهله، يأمر بالخير، ويحذر عن الشر، ويصبر ويتحمل، أما الذين دائما في لجاج وخصام وعناد وأذى وبذاءة لسان ما يخلق الحدة من الجانب الاخر ، ولا بد من صبر، وليس من امرأة إلا وتخطئ لا بل ليس من انسان إلإ ويخطئ، لا بد أن يكون في التعامل من نقص، فالكمال لله سبحانه وتعالى فكونك تريد من امرأتك الكمال هذا أمر صعب، ولو فتشت في نفسك لرأيت عيوبًا، وعامل المرأة بالخير وارفق بها، واصبر عليها، وأدبها بالأدب الشرعي، برفق ولين وعلى النساء التعلم من خطى فاطمة الزهراء عليها السلام سيدة نساء العالمين بنت الرسول الكريم ومن السيدة خديجة الكبرى رضوان الله تعالى زوجة الرسول واتخاذهما كقدوة في المؤازرة والدعم للزوج، ومنهجا وطريقا واضحا لطريقة التعامل مع الحياة الزوجية وحسن التبعل ، وتضع هاتين القدوتين نصب عينها في كيفية التعامل والتفاهم، لتعيش حياة هادئة سعيدة، فيكون زوجها عنها راضيا، هذا من جهة ولتنالي رضا الله عزوجل فتحتسب كمن جاهد في سبيله من جهة اخرى.

نحن لسنا مطالبين بإهانة الناس بل بالرفق والين ، كل منا يفتَح مغاليق قلبه للاخر ، ويرسم التربية ويكون التعليم، لا بالعنف والتعسير والشدة والمؤاخذة، ولكن بالتيسير والتبشير؛ وهذا هو هدي نبينا المصطفى صلى الله عليه واله وسلم ، قَال سلام الله عليةَ كما جاء في صحيح مسلم : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أرفق الناس وألينهم: إِذَا بَعَثَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِهِ فِي بَعْضِ أَمْرِهِ قَالَ: ” بَشِّرُوا وَلَا تُنَفِّرُوا، وَيَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا “..الرفق له الكثير من الانواع ومنها الرفق مع النفس والرفق مع الاهل والأقارب والرفق مع الأصدقاء والرفق حتى مع الاعداء او الخصوم. وقد امر الله سبحانه وتعالى عباده بان يتحلوا بخلق الرفق لأن الله يبارك في سلوك الرفق وينهي عن الشدة والغلظة التى تؤدي الى انتشار التوتر والكراهية وقد اشار الرسول صلى الله عليه واله وسلم في الحديث الشريف قال رسول الله: “من يحرم الرفق يحرم الخير كله”. وقد قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم في حديثه عن الرفق : “إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على ما سواه.
ولاشك فأن للرفق في المجتمع وللانسان فوائد من اهمها …ينتج من الرفق حسن الخلق وينال الانسان الخير، دليل كمال الإيمان ،يثمر محبة الله ومحبة النَّاس، ينمِّي روح المحبة والتعاون بين النَّاس،ما يدل على صلاح العبد وحسن خلقه ،ينشأ المجتمع سالـمًا من الغل والعنف ويعني عنوان للسعادة ويزين الاشياء. لعلنا نتخلق به ولعلنا نتخلى عن خلق العنف والقسوة والغلظة؛ فإن مشاكل المجتمع ما تفاقمت وتكاثرت إلاّ بسبب انتشار العنف والقسوة، وغياب خلق الرفق واللين. فأصبح الكل يشتكي من العنف المنتشر في كل ميدان؛ الأستاذ يشتكي، والأبناء يشتكون، والآباء يشتكون، والأزواج يشتكون، والجار يشتكي، والتجار يشتكون، والعمال يشتكون… فأين الرفق؟ وأين اللين؟ وأين الصبر؟ وأين الحكمة في معالجة الأمور؟..