23 ديسمبر، 2024 10:54 ص

عقبَ الزلزال الذي ضرب بلدة “أماريتشي” الايطالية قبل شهر والذي راح ضحيته 280 شخصاً و15 مفقوداً، أعلنت الحكومة الايطالية فورا عن حالة الطوارئ، ومنحتْ صلاحيات استثنائية للسلطات الإدارية، وأفرجت عن شريحة أولى بلغت خمسين مليون يورو. وأعلنتْ عن خطة جديدة للوقاية من الزلازل بعد التساؤلات عن سبب ارتفاع حصيلة الضحايا بمناطق كان من المعروف أنها مهددة بزلازل. كما وأعلنت الحداد العام ونكستْ إعلامها وهرعتْ فرق الإنقاذ إلى أماكن الانهيارات في منتصف الليل وراحوا يبحثون بأيديهم عن أحياء تحت الأنقاض. وكان مكتب رئيس الوزراء “ماتيو رينزي” على اتصال مباشر مع الرؤساء المحليين لتسهيل كافة الإجراءات الضرورية للسكان والعاملين، واستمر التلفزيون بنقل وقائع الإنقاذ مع تعاطف ونقل مشاعر الايطاليين مع أهالي الضحايا في كافة المدن الايطالية من نابولي الى بولونا حتى روما. وطيلة فترة الإنقاذ لم يغيب المسؤولون عن مكان الحادث، فكانت الزيارات مستمرة والتصريحات حاضرة والحلول جاهزة. ومن بدء الحادث جرتْ عمليات إغاثة واسعافات لإنقاذ ضحايا البلدة بالمساعدات الإنسانية والعينية والإيواء.
أن التعامل مع الأزمات والكوارث يحتاج الى حلول آنية تعالج بمسؤولية وطنية وإنسانية وتحتاج الى قرارات صائبة ورجاحة عقل وجدية ودراسات ناجحة، وواقعاً كان الدرس الملفت للنظر هو التعامل الجاد في الحلول، فكان أول إجراء من قبل الحكومة الايطالية هو بناء المدارس.
وتحت عنوان إيطاليا تعطي الأولوية بالعمل لإصلاح المدارس بعد الزلزال المدمر. صرحت وزيرة التربية “ستيفانيا جانيني” للصحفيين من مكان الزلزال بقولها: “علينا إن نعطي فوراً للناجين من هذه المأساة بصيص أمل ليعودوا الى حياة طبيعية وبدء العام الدراسي يجب إن يكون أول دليل على ذلك”. وأضافت: “وسيتم تقييم الأضرار في كل المدارس لإصلاح المباني المتضررة في أسرع وقت أو إيجاد بديل لتلك التي لا يمكن إصلاحها”.
أن الحلول الصحيحة هي البوصلة التي تشير وترشد وتقود الأمم الى جادة البناء والتطور وترسم معالم المستقبل، هذه الحلول لم تأتِ اعتباطاً إنما تخضع لسياسات واستراتيجيات وبرامج وأفكار وهممّ تدخل في صلب محتوى تفكير وجدية تلك الأمم في حرصها على بناء أوطانها على طريق سليم.
هذه الأمم وضعتْ بنى التواصل الإنساني بما ينفع حاضرها ومستقبلها، وبالتالي توثيق الصلة بين الأجيال بوصفها سلسلة تواصل ترتبط بأواصر تشد أكثر فيما بينها من دون قطع. وبناء الإنسان وعيشه الكريم ورفاه هدفها الأول باعتباره الفاعل الرئيس في المحافظة على بلده وديمومته.
ولا مجال هنا للمقارنة بين ما يحدث عندنا وبين تلك الأمم التي تحترم الإنسان بوصفه قيمة آدمية وثروة وطنية وتعتقد إن المدرسة هي الازدهار الذي يقود الى كل شيء، وبين حالنا البائس على ما يحدث للنازحين في واقع مأساوي لا يسر أي عراقي يحلم بوطن مثل بقية خلق الله وهو ينظر بحزن وألم الى أطفال النازحين وقد حرموا من المدارس والتعليم وأبسط شروط الحياة.