23 ديسمبر، 2024 1:44 ص

درس من التاريخ الإيراني: انتفاضة التنباك

درس من التاريخ الإيراني: انتفاضة التنباك

أول انتفاضة في تاريخ إيران المعاصر، كانت نهضة التنباك. فقبل مائة عام ونيف، شهدت إيران حدثاً مهماً، هي انتفاضة عام 1891 الشعبية في إيران، التي عرفت بنهضة التنباك، قادها رجال الدين الإيرانيون بمن فيهم السيد جمال الدين الأسد آبادي تلك الشخصية السياسية الدينية، والتي كان لها دور مهم في الإعداد لهذه الحركة وتشجيع رجال الدين وتحريضهم على مواجهة الملك القاجاري ناصر الدين شاه.

ففي صيف عام 1889، تمت صفقة أثناء رحلة ناصر الدين شاه لأوروبا، وتوقفه في بريطانيا مهدت للمنح امتياز التبغ والتنباك الى بريطانيا.

واجه منح امتياز (حصر التبغ والتنباك) للشركة الانجليزية منذ البداية وقبل بدء عمل الشركة في إيران بعض المخالفات والاحتجاجات…

أضر هذا الاتفاق بالتجار الإيرانيين وحيدهم أن ينتفعوا من بيع التبغ وشرائه بعد هذا الاتفاق، وأجبرهم على تسليم منافعهم الى تلك الشركة الإنجليزية.

حظي أولئك التجار بدعم علماء الدين بمن فيهم (الحاج سيد علي أكبر فال أميري) أحد أجلة علماء شيراز … الذي دعا الناس من على منبر مسجد الوكيل في هذه المدينة للتصدي لهذا الامتياز وطرد عملاء الشركة الانجليزية.

الذي أفتى بعدم جواز بيع أو شراء التبغ من التجار الأجانب وقد طبقت هذه الفتوى فورا، بالرغم من عادة التدخين أنذاك تعتبر عادة رجولية عامة منتشرة.

ومن الطريف في الامر، أن زوجة الملك قامت بتحطيم سكائر الملك وهو نائم بعد أن سمعت تلك الفتوى عند أذان صلاة الفجر، حيث فاجئت زوجها الملك المدخن بذلك.

عند أذ قاطع الشعب الإيراني برمته كل أنواع التبوغ والسكائر، حتى كسدت البضاعة في مخازنها وتلفت، تحملت الشركات الإنكليزية تلك الخسارة الكبيرة، لفترة بعدها أذعنت الشركات البريطانية والملك بدوره، لتلك الفتوى المطالبة بحقوق التجار والشعب الإيراني بخفض أسعار السكائر وعدم احتكارها ورفع سعر بيع التنباك الى الشركات البريطانية المصنعة.

وكان نصرا للمرجعية والشعب ضد الملك وقراراته المجحفة، أتى بأكله حين توحدت الجهود وتظافرت من اجل المصلحة العامة، ولولا التزام الشعب الإيراني بتوجيهات علمائهم حينها لما تحققت تلك النتيجة.

هذه صورة من صور نضال الشعوب من مختلف أصقاع العالم، لم تك غريبة علينا وعلى شعبنا، لا أستطيع القول إنها طبقت بنفس الصورة وأتت بنفس النتائج لدينا، لكنها شهادة التاريخ لمن يلتزم بقرارت مرجعيته ويحصد ثمارها او من لم يلتزم فيذوق مرارتها.