18 ديسمبر، 2024 10:05 م

دردشة عراقية تحت المطر

دردشة عراقية تحت المطر

بسرعة غريبة تغيرت الاجواء وبدأ الغيث يصب على رؤوس الناس صبا ولاذ الجميع بمسقفات المحلات فتذكرت ان الانواء الجوية قالوا أن هناك زخات مطر ، بعض النسوة ( الزائرات) يهرولن ويسألن شاب كان واقفاً تحت المطر (متباهي) عن سيارات … لم أسمع وجهتهن ولكنه أشار اليهن بأتجاه ( الكراج ). ركضت باتجاه سيارات ( طوريج ) محتمياً بـ ( القمصلة ) الجلدية على رأسي حمدت الله أني لم أسمع كلام زوجتي التي أستغربت أرتدائي لها والجو كان معتدلا فقلت لها فيه ( كرصة ) برد وأنا سأعود في اليل وربما تمطر وفعلا كانت خير معين لي ، وقفت مع بعض الشباب منتظراً سيارات تذهب الى طويريج ولكن السيارات أختفت فجأة من الشارع كما هم المارة على غير عادتها وبدأ السواق ( يتعززون ) علينا بينما كانوا يتوسلون بنا الركوب وأصواتهم تبح من الصياح ونحن نتعزز عليهم ونختار السيارة الفارهة والحديثة على أن تكون ( فول مواصفات ) وننظر الى سائق سيارة السايبا أو الاوبل بأستعلاء فتذكرت السادة المسؤولين كيف يتوسلون بنا قبل الانتخابات وينسونا في الازمات!! خف قليلا سيل المطر فنزلت الى وسط الشارع وكأني المقدام والشجاع والقائد المبارز رغم أني قبل قليل لم أكن أجرأ على التقدم شبراً واحداً عندما كانت (السجينة حامية ) ، و السيارات كانت مازالت تمتنع عن الوقوف حتى وقفت سيارة أمامي وقال السائق الكلمة السحرية (طويريج) أدلفت جسدي في ( الصدر) كيف لا وأنا أول الراكبين السعداء وبعدي هجم الناس على السيارة وانا أسمع الصياح وكلمات حاجز وقبلك والسائق خائف على سيارته ،فأنشغلت بترتيب ملابسي التي شبعت من الماء ثم أغلقت الابواب وتحركت السيارة فسمعت صوت أمرأة عجوز ورائي تتكلم بصعوبة وهي تختنق وتتمتم بالتسبيحات والدعاء للسائق وللرجل الذي حجز لها ولكن ما تحركت السيارة بضعة امتار حتى صرخت المرأة بالسائق لاتمشي بسرعة يوليدي ( على كيفك) !؟ لم تكن السيارة مسرعة فالسائق لايمكنه الاسراع وسط المطر والزحام فكررت عباراتها وطلبها من السائق بعدم السرعة وان يمشي ببطء فقلت لها هل تخشين الموت ( حجية ) أي يمة خاف أموت أريد اموت على فراشي وليس في الشارع و(يظلون يتلاومون ) أي يلومون بعضهم .. من هم ؟ أولادي فهي ذاهبة الى أولادها بعد أن رأت المطر فقد يكون السقف ( خر) عليهم وغرق بيتهمم هل اولادك صغار ؟ لا هم ( زلم ) لكن ما أن رأيت المطر حتى أتجهت الى السيارات وأعرف أنهم سيلوموني على مجيئي ولكني ( ما أگدر .. گلب والدة) أي رحمة ملتصقة لاتقبل الفتور وضعها الله في قلوبكن ؟ اعطى كل منا الاجرة ولكن تلك العجوز كانت تلوم نفسها : لقد أكلت حرام يا وليدي بقي سائق التكسي (يطلبني الف دينار شلون بية ) وين أعرفه وانطي الالف دينار ..( يمة انطي لاي فقير) وما أكثر الفقراء والشرفاء، ليسمعك من نهبوا المليارات وأكلونا (من الفج الى الفج )

كان المطر مازال يبلل زجاج السيارة والماسحات تمسح عنها الماء لتعيدها الى وضوحها الاول ثم يعود المطر ليشوه الصورة ويبهمها كأعلام بعض الفضائيات ، فلولا وجود هذه الماسحات لحصلت الكوارث ، كان صوتها مختنق وهي تبحث عن شيء وهي تقول (وين البخاخ .. أي هذا هو ) يمة هذا بخمسين بس اني ما أستعمله الا ( كلش ) منين أنجيب .. لا أعرف لماذا تذكرت ألعاب أحد المسؤولين الذي يباهى بأن طفله يستهلك مليون دينار شهرياً على ألعابه ، قبل وصولنا المدينة لم يكن هناك المطر واذا بالارض يابسة لم تمسها قطرة ماء فتذكرت زوجتي و الانواء الجوية وطويريج .