19 ديسمبر، 2024 11:51 م

دراسة نقدية لمنهج الشويلي في كتابه ( الجنس في الرواية العراقية)

دراسة نقدية لمنهج الشويلي في كتابه ( الجنس في الرواية العراقية)

تمهيد:
الجنس في النصوص الأدبية
الجنس في الأدب المنثور هو ماغَلّفَتهُ عباءة حروف الكاتب السحرية لمضامينه، فباتت كحبات قمح تسترت في أخبئتها، يُخال لناظرها أنّ سنابلها جرداء عذراء، تخاف الريح، لم يمسسها إنسٌ ولا ماء، وما أن دنوت منها دنو العارف المتبصر، وفتشت في أخبئتها، وجدتها ثمرةٌ صالحة، تهب الروح غداءها، وكأن المؤلف الساحر الفنان طهى حباتها على نارٍ بماء وشيئاً من محسنات الذوق وملح الطعام، لتنتفش في معناها وتعظم في مذاقها وتُسكِن بطوناً جاعت لسحر حروف العشق في نصوص الكلام. وقد توّج فن ترجمة المشاعر وصفاً لأدق تفاصيل العواطف الجنسية الإنسانية شعراً نثرا، وبصور يعجز أدب الحاضر عن الإتيان بالمثل، من تصويرها أدباً روائياً في هذا الزمان.

مقدمة:

لو نظرنا الى التاريخ ونبشنا ماضينا، لوجدنا المفارقة الكبرى بين تناول الجنس أدبياً بشكلٍ لا حياء فيه، بالرغم من نظرة المجتمع أوثقافته الدونية للمرأة، المتمثلة بتسيد الرجل عليها وتملكها.
يكفينا شاهداً على ذلك هو: ما أرخته كتب الأدب من مظاهر إنتقاء السبايا، أو في انتقاء الجواري في سوق الجواري بتلمس أجسادهن سواء في زمن الرسول أو بعده، ويكفي القاريء ان يستبصر حقيقة شيوع الجنس في مجتمع غير متوازن من خلال أطلاعه على كتاب الرسائل للجاحظ – الرسالة الثالثة عشرة- كتاب مفاخرة الجواري. والرسالة التي بعدها.
تراث الكتب الجنسية كبير ومعروف، ذكر أغلبها الباحث ذاته في كتابه (التراث الجنسي في المجتمع العربي الإسلامي) وهو كتاب جدير بالإهتمام والإطلاع. وقد قال فيه:

“كنا الى زمن قريب، نظن أن المكتبة العربية خالية من هذه المؤلفات التي تدرس تلك العلاقة – مهما كانت المعالجة التي عالجتها ،علمية، أو أدبية، أو كانت ممزوجة بصور اللذة والشهوة الجنسيتان- بعد أن قرأنا الكتب المترجمة من اللغات الاجنبية، الا أن الكثير من المحققين ودور النشر، قد حققوا ونشروا مؤخرا العديد من تلك المؤلفات التي تتحدث عن الجنس بصيغتة الشرعية، أو غير الشرعية، وكان أغلب مؤلفيها من رجال الدين الاسلامي” إنتهى.

كثير من هذه الكتب الجنسية التراثية تُركز على إستخدام لفظ (الباه) أي ( النكاح) :

1- رجوع الشيخ إلى صباه في القوة على الباه
2- كتاب الباه ، للرازي .
3- كتاب مرطوس الرومي في حديث الباه .
….الخ
ومن باب الطريفة: نقول ربما يُخال للغريب: أن العراقي مهووس بالجنس لدرجة إنطباع الباه في لسانه في قوله: ( أي باااااااااااه).

نقد المنهج ومنطق الجنس باروميتر لقياس توازن المجتمع.

لم يكن أغلب الكتاب والروائيون في كل مجتمع حضاري يكتبون، للترف الفكري الخالص دون غاية إنسانيةْ تهدف للكشف عن مظاهر إجتماعية سلبية معينة في قناعاتهم، أو عادات وتقاليد بالية لاتمتثل للمعايير الإنسانية الناضجة؛ التي تظمن حرية وكرامة الإنسان في حقل الأنسانية المشترك بين الذكر والأنثى، كما هو غاية الشويلي من كتابه ” الجنس في الرواية العراقية”.

صدر للباحث والروائي داود سلمان الشويلي كتاب بعنوان “الجنس في الرواية العراقية” على غرار “كتاب أزمة الجنس في القصة العربية” للكاتب غالي شكري. والصادر لأول مرة سنة١٩٦٢، مع الأخذ بنظر الأعتبار صدور مقال من صفحات الكتاب لغالي شكري، بعنوان آخر وهو: “الجنس والفن والإنسان” لسنة ١٩٦١ أي سابق على تاريخ صدور الطبعة الأولى لكتابه ” أزمة الجنس في القصة العربية” ويمكن للمهتم مراجعة المقال في النت ونصه هو ذاته من ص٤٣ للكتاب، مع فارق إلغاء العنوان، لأن غالي شكري حشره داخل موضوع وعنوان جديد وهو ” تطور مفهوم الجنس عبر العصور” في ص٢١.

ينشد الشويلي على غرار مادة البحث لكتاب ” أزمة الجنس في القصة العربية”- لكن من خلال ميدان التحري والتقصي في حقل النصوص الروائية العراقية فقط – عن مظاهر الجنس العراقية على طوال الفصول الستة، ليستقر بعد المائة والثلاثة والسبعون صفحة على معطيات يعتقد أنها كافية ووافية كنتائج.

يمكن للقاريء من خلال مقدمة الكتاب أن يستبعد مقصد الشويلي في مبحثه عن موضوع الجنس في الرواية العراقية، عن المواقعة الجنسية وأوضاعها، في النصوص النثرية التي تصور كل العملية الجنسية بمشاعرها والفاظها، فهو لا يسعى للبحث عنها وفيها.
والشويلي على علم من أن الروايات والقصص، التي تخالف نصوصها الآداب العامة، محظورة النشر من الجهات الرسمية. ما يتقصاه الكاتب من النصوص الأدبية النثرية: هو الرموز والإشارات وما توحيه التعابير اللغوية من دلالات تفضح القيم والمعايير الإجتماعية لهذه العلاقات الجنسية.

يقول الكاتب الشويلي:

“فقد وجدت نفسي أقف حائراً أيضاً في إختيار نماذج دراستي . ذلك لأن المتتبع للنتاج الروائي العراقي منذ نشأته وحتى كتابة هذه السطور ، يجد إن من أهم ما طرحه ذلك النتاج هو علاقة الرجل بالمرأة ، وخاصة أحد جوانب هذه العلاقة ، وهو ” الجنس” كظاهرة إنسانية بدأت منذ خلق الانسان وتواجده في الطبيعة ، إذ أن الرواية العراقية قد أهتمت بهذه العلاقة ” الظاهرة ” كإهتمامها بالعلاقات الاجتماعية الأخرى التي تطرحها الحياة”. إنتهى.

ثم يبين كيفية الإختيار:

“لهذا وجدتني أضع مجموعة من المؤشرات الهادية لي عند الإختيار . فكان إختيار ثلاث روايات من مجموع نتاج الربيعي بسبب نضج النتاج الإبداعي لهذا الكاتب في جانبيه الفني والفكري. أضافة لما يتمتع به من مكانة إبداعية في العراق وخارجه”
ثم يستشهد بإحدى بعيِّنات الإختيار :- فيقول..مثلاً:-
إختياري لرواية ” صعود النسغ ” للروائي هشام الركابي لدراسة هذا الموضوع كما تجسد عند الرجل والمرأة في المجتمع العراقي الريفي ، لطرحه صور شتى لهذا الموضوع. أنتهى.

يقصد بتجسد “موضوع الجنس”: هو صور لمظاهر العلاقة بين الرجل والمرأة في عين المجتمع، حَسَنها وقبيحها، كما يُجَسّد الدين بمظاهر التدين وأعمال المؤمنين.

فالجنس هو “عرض” لظاهر العلاقة وليس جوهر. وقد يتوهم القاريء من كلمة أو موضوع الجنس في ص١٢ للشويلي من جعله “بارومتر لقياس توازن المجتمع” الى الجنس ذاته كمواقعة، فيقع القاريء في المحذور من الفهم لمقصد الشويلي من موضوع الجنس، لأن الشويلي لايريد في الحقيقة الجنس كمواقعة لذاته؛ بل مظاهر العلاقة الجنسية، كأسباب ونتائج للقيم والمعايير الإجتماعية.

رأي في المنهج:

نعتقد لو أن الكاتب ثبت وحدد المقاصد قبل البناء عليها، ليرخي الدلالاتْ لأهميتها، ولا يمكن تجاوزها، فدونها يفتقد مسار البحث التناغم والتقسيم الموضوعي ويسر المتابعة.

لذا…
أولاً: نعتقد أن الشويلي لو تقدم بالحديث عن مفهوم ” الجنس” لضمان تتبع خيط الموضوع؛ أي من ناحية التسلسل الموضوعي ومنهج البحث الأكاديمي.

ثانياً:

بعد ذكر الكاتب تأريخ وأسباب كتابة الدراسة وأهمية الموضوع والغاية منها، كان لابد – وفق المنهج الأكاديمي لأي دراسة – من ذكر لمحة عن المجتمع العراقي بصبغياته الوراثية المتنوعة وتطورها أو تخلفها بشواهد المصادر، ومن وجهة نظره كشاهد حي أيضاً على عصره، ومنها لتكون الركيزة الداعمة لمصداقية وصلاحية دلالات النصوص المنتخبة للروايات، وخاصة المواكبة لزمانه، كما في شواهد مظاهر الجنس في نصوص الروايات المنتخبة لها كعن المجتمع الريفي، والمجتمع الحضري.
إذ لابد من شاهد على واقعية النصوص يضمنها كمادة قيمة للبحث والدراسة لخدمة وزن النتائج وقيمتها.

ثالثاً: ضرورة التطرق لأهمية التواصل بين الجنسين في المجتمع كمطلب أساسي لدعم أسباب البحث وغايته في النتائج.

غياب خبرة التواصل بين الجنسين بسبب معايير عرفية وفقهية، لها تداعيات سلبية تترجمها سلوكيات التحرش السري، كمحاولة للفوز بالتواصل مع الأنثى من خلال عبارات جنسية أو نظرات وملاحقات أو كلمات رومانسية لطيفة، هدفها الوصل الى لقاء الجنس الأنثوي بشكل سري للإنتصار على هذا التابو الأعظم من أي تابو آخر، والذي ترتاب منه الأنثى خوفاَ على سمعتها بشكل عام، لإستحضار الغاية الجنسية عند الذكر قبل الإنسانية، فنظرة المجتمع العامة قاسية جداً ولاتنتمي لحقل الإنسانية.
فالمجتمع العربي اليوم بسبب هذه التربية جعل من الأنثى في حقل الألغام لحظة خروجها من الدار الى عملها أو قضاء حاجة كالتسوق أو زيارة أقارب أو طبيب.
إذ أصبح الذكر مهووس بالبحث عن الأنثى في أحلامه، فكيف به في يقضته؟ ولذلك هو في رحلة البحث لبدأ تجربة التواصل، فيستعد كل يوم لها، وربما تستعد بعض الفتيات اللاتي يرغبن التواصل، أملاً في الحصول على مساحة من اللقاء الأنساني، وقد شهدت أغلب النصوص المنتخبة للشويلي في الكتاب على ذلك البحث من جراء غياب التواصل.

رابعاً: بيان مفهوم المجتمع المتوازن من عدمه عند الكاتب، وعلى أي ميزان يريده هو؟

ليتسنى للقاريء متابعة شواهد الظواهر للعلاقة الجنسية من خلال النصوص الأدبية للروايات، كدلالات ترسم مظاهر العلاقة وأحوالها ومنها ليستخلص نتائج دقيقة ومقنعة عن صور المجتمع المتوازن من عدمه.

………

العلاقة بين الذكر والأنثى.

تعود كل ظواهر العلاقة بين الذكر والأنثى – شرعية أو غير شرعية – لقيم ومعايير المجتمع، والجنس كمواقعة وتفريغ شحنات خيبة أوغضب لهذا الشاب أو ذاك. لايعكس سوى حالات نفسية شخصية، فليس كل خيانة بالضرورة من جراء ظلم قيم ومعايير المجتمع، !! فنسبة الخيانة عند الرجال والنساء المتزوجات السويديين عالية جداً ومتقاربة، وتتجاوز التسعين بالمائة، بالرغم من أنه شعب يحمل ثقافة صيغت الى سلوكيات وقوانين عادلة، بحق المرأة ومساواتها مع الرجل.
الخيانة مسألة شخصية لاتضبطها القوانين والقيم العادلة، فالشرع لايقول لك إستعبد الإنسان وأنت تستعبده، ولاتهين المرأة، وأنت تهينها، ولاتظلم ولاتفترِي ولاتسرق ولاتقتل ولاتزني، وأنت تفعل كل ماخالف قيم الحق الإنسانية.

إذن الفعل المشين عرض وليس دليل على شين جوهر المعايير الإنسانية، فليس كل فعل ما مقبول عند شعب ما هو دليل على حسن ورقي معايير الإنسانية عند شعب آخر. فربما المعيار واحد في الحرية والكرامة الإنسانية، لكن السلوك مختلف لايُتفق عليه، فلكل شعب موازينه نسبة لقناعاته وثقافاته وعاداته، وقد تكون بعض مظاهر جنسانيته الشاذة في أعيننا ليست كذلك بأعينهم ولاتخل بنظرته للمرأة وكرامتها.

وعليه فصور التوازن الإجتماعي نسبية لامطلقة، لأختلاف مفاهيم العفة والشرف، والحسن والقبيح، والحق والباطل والأمثلة كثيرة لمعايير العلاقة الجنسية بين الذكر والأنثى عند بعض الشعوب، وفي المثال يستقيم المقال كما يقال، وها هو أدناه:

ففي كومبوديا: بُنيت غرف صغيرة لممارسة الجنس للفتيات الصغيرات، ليمضين ليلة كاملة في التجربة لأيجاد شريك مناسب لهن، لأن الطلاق قانوناً ممنوع.

في غانا: على الأرملة تمضية ليلة كاملة مع غريب لتنظيف روحها من زوجها الميت.

في منغانيا < جزر كوك > يقوم الأطفال بممارسة الجنس بعمر ١٣ عام لغرض تعلمه مع نساء أكبر منهم سناَ.

في ناميبيا: يتبادل الأصدقاء زوجاتهم .

في الأسكيمو يتبادل الجار زوجاتهم مع بعضهم البعض، ويقرض الزوج زوجته لصديقه الأعزب تعبيراَ عن حبه له.

سؤال؟
هل مظاهر العلاقة الجنسية لمجتمع الأسكيمو تعكس توازن المجتمع أم لا ؟
السؤال الثاني: لمن تعكس؟ ومن يقرر التوازن من عدمه؟

السؤال الثالث: هل أن مجتمع الأسكيمو ملزم بميزان غير ميزانه؟

لاتوجد مسطرة قياس عالمية لقياس توازن المجتمعات من عدمها من وحي مظاهر العلاقة الجنسية بين الذكر والأنثى ولا دخل للتوازن من عدم بالموضوع! لأن لكل مجتمع ميزانه أي قيمه ومعاييره، وقد تكون ظالمة عند الشعوب الأخرى، لكنها مقبولة وعادلة عند المجتمع المتمسك بها، طالما لم يتلقح بعد بمعايير أخرى تسفر عن تغيير بوصلة التفكير إلى المقارنة فالمفاضلة، ثم الرغبة بالعدول عن المعايير القديمة إليها.

أهمية أنتخاب لغة النصوص الأدبية لمثل هذا البحث:

تعد اللغة هي مادة البحث، لإستبيان مظاهر العلاقة الجنسية من محطات التواصل اليومي بين الذكر والأنثى، أي أن تكون لغة النصوص المنتخبة مرآة عاكسة لأدق التفاصيل للعادات وللقيم الإجتماعية العراقية، بما فيها من حسن وقبح وحق وباطل، ومستحب ومكروره، لرسم القيم والمعايير العراقية. وقد توفق الشويلي في تبيانها بشكلٍ مُرضي.

أعتقد أن النصوص النثرية: هي رحم المضامين الجنسية، التي تعكس معايير التغذية الثقافية لوليدها المجتمع، فتتمثل بمظاهر لفظية وسلوكية كمظاهر التملك أو المخالطة والمجالسة بين الجنسين، من عدمها، أو بيت العلاقات الشرعية سواء في بيت الزوجية أو مرحلة التجاذب في الخطوبة قبل الزواج، أو مخلفات ليلة الدخلة ودم البكارة، وصور الشرف والعار، أو صور النهي والشغار والفصل، وحقوق الزوج على الزوجةْ ومخلفات وآثار تلكم المعايير السلبية على نفسية الإنسان كذكر وأنثى….ألخ.
إنسانية المرأة في حريتها وكرامتها، مفقودة في مجتمعاتنا، وأغلب نصوص الشويلي المنتخبة تجد فيها ما يؤشر على تلكم الصور وللقيم والمعايير المجتمعية.

جنس “الأنثى” وإنسانها

في مجتمعنا العراقي يمكننا أن نشهد: المرأة المولِّدة والخادمة الجنسية في شركة الزوج الدِكتاتورية لإشباع رغباته المزاجية، مع ديمومة الحذر والخوف الشديد من عقاب المالك بالضرب أو الطرد من العمل.

بعض الصور التي تحملها بعض نصوص الشويلي المنتخبة في الكتاب، متكررة عند أغلب الشعوب من فعل ورد الفعل، كالجنس يكون منفذ للهرب من خيبة حب سابق، أي كرد فعل، أو لأسباب نفسية متعلقة بشخصية الفرد. فالأسباب لمثل هذه الحالات نفسية، وليست من وحي قيم ومعايير المجتمع.

فما علاقة فلان سقط سياسياً في عين عشيقته المنتمية لنفس الحزب الذي تبرأ منه، في نص من رواية الوشم، كي نفهم أن البحث عن جسد أنثى كرد الفعل للتمتع جنسياَ مع أنثى أخرى، هو صور لقيم ومعايير نظرة الذكر للمرأة كجسد لاروح إنسانية؟
أفلا تحصل يوميا مثلها في دول تحترم إنسانية المرأة مثل السويد وكل أوربا؟ وكذلك الأمر لأي نص أدبي حمل حالات نفسية مشابهه.
في مثل هذه الحالات النفسية، يصبح البحث مجرد بحث بحث عن مُسكِّر أو مُسكِّن ألم لمعاناة وهموم مثل هذا الذكر، فتكون الأنثى الضحية والدواء، لعلاج خيبات الذكر وكآباته، فالذكر هنا بالإضافة لتسكين الألم يحاول إثبات وجود، إذ تنحو له النفوس في العادة لتؤكد لنفسها أنها لازالت مرغوبة. أي هروب من الفشل بالخداع النفسي من خلال التعويض بحب غير حقيقي يبدو الذكر وكأنه يغتصب ضميره ومشاعره، بخيانة مشاعر قلب أنثى بريئة. حالة الهروب من مجابة المشاكل أو الفشل وتقبل الواقع؛ تشكل ضغط نفسي يبحث عن تنفيس وتخدير موضعي مؤقت، ولاتعد مظهر من مظاهر العلاقة الجنسية الطبيعية ولاتمثل معايير المجتمع الإنسانية بالضرورة.

ختماً:

لاننسَ أن مظاهر الجنس وقوة الإشتهاء لجسد المرأة والمرأة للرجل حقيقة بايولوجية، تختلف مظاهرها ومساحة خروجها للعلن، بتنوع الأعراف والقوانين وشرائع الأديان.
فالعدالة الإجتماعية مقننة في الكثير من البلدان، وتضمن ثقافة حرية المرأة بجسدها وأنسانها، ومصدر عيشها دون أن يكون البديل كشكل من أشكال العلاقة الشرعية للضمان الإقتصادي كفرصة للعمل عند الذكر مشروطة ببيع الجسد بنكاح مقابل أجر كضمان للعيش والسكن، والذي قد لايستمر لشهر واحد أو يوم واحد، حيث لاتضمنه الظروف المستقبلية المادية أو الصحية والعشقية للرجل. أو ربما لاتضمن المرأة سمعتها وحياتها بعد عقد الزواج، فربما يكون يوم الزواج يوم القصاص لذنب لم ترتكبه، كأن يكون نوع غشاء البكارة لها من الذي لايمزقه الجماع ولايخلف دماً إلا الولادة، وفي هذه لايختلف عقل العشائري عن الحضري في حكم الشكل في شرف الأنثى وتبعاته الإجتماعية من صور الطلاق التي هي من صور الجنس- انسانية في مجتمعاتنا العربية والعراقية، والتي تشهد على وقوع الجنس وغياب الإنسانية بحق الأنثى، ولذلك أعطي الحق للكاتب الشويلي في عنوان كتابه وكذلك لغالي شكري في درج إسم الجنس وليس الجنسانية لعلمهم، بغياب الإنسانية في مظاهر العلاقة الجنسية، بشكل عام وحضور الجنس فقط.

لقد وِفّق الكاتب الشويلي في تجلية وتعرية الكثير من القيم والمعايير للمجتمع العراقي، من خلال مظاهر العلاقة الجنسية بين الذكر والأنثى.

أحدث المقالات

أحدث المقالات