23 ديسمبر، 2024 5:58 ص

دراسة تدحض إدعاء تخلي العرب عن القضية الفلسطينية

دراسة تدحض إدعاء تخلي العرب عن القضية الفلسطينية

تأتي هذة الدراسة المعمقة بعد ادعاء قيادات حماس بتخلي العرب عن القضية الفلسطينية وهذا السبب الذي ادى الى ارتمائهم في احضان ايران لغرض تزودهم بالمال والسلاح كما يدعون، واذا كان تلقي المساعدة من ايران مصلحة فانه يترتب على ذلك من المفاسد ما لا يحصى وفق القاعدة الشرعية درء المفاسد تتقدم على المصالح لان بهذه المساعدة تمويه للبسطاء من العالم الاسلامي لقبول الفكر والدين الصفوي وهذا ما حصل فعلاً وهل هناك مفسدة اعظم من التمجيد والترحم على رموز هذا الدين الذي يسب فيه عرض النبي صلى الله عليه وسلم ويلعن الخلفاء ويكفر الصحابة ويحرف القران ويؤله ولي الفقيه .. بينما لو عدنا الى تاريخ القضية الفلسطينية لوجدنا انها قضية عربية قبل ان تكون فلسطينية لانها ثمرة النكبة التي حصلت في عام 1948، فضلاً عن فضيحة الاسلحة الفاسدة التي ارسلتها الانظمة الرجعية الموالية للاستعمار والتي بلورت شعور وطني للتخلص من تلك الانظمة وقد أثمرت تلك المشاعر الغاضبة ولادة حركات سياسية تجسد نضالها في اطار الصراع العربي الاسرائيلي والقت بظلالها على عموم الوطن العربي منها حركة القوميين العرب التي ظهرت في بيروت والشام وقبلها بعام ولادة حزب البعث في سوريا ثم الثورة المصرية بقيادة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ورفاقه الاحرار من ضباط الجيش المصري وما تلاها من ثورة في العراق التي اطاحت بالنظام الملكي والتي كان اغلب قادتها من الضباط المشاركين في حرب فلسطين عام 1948 وكذلك الانقلابات في سوريا واليمن وثورة الجزائر كلها حركات ثورية ولدت جراء نكبة فلسطين عام 1948 مما يعني ان رد الفعل كان عربياً بأمتياز قبل ان يكون فلسطينياً حتى بات يعرف بالصراع العربي الصهيوني الذي بموجبه تحددت ملامح السياسة العربية على صعيد العلاقات الدولية واصبت مصر محور استقطاب لتبني القضايا التحريرية ليس فقط على صعيد القضية الفلسطينية وانما على صعيد الحركات التحررية في دول العالم الثالث ودوها في تأسيس حركة عدم الانحياز لتوسيع افق العمل التحرري في افريقيا والوطن العربي ودعم ثورة الجزائر فضلاً عن دعم الثورة الفلسطينية التي ولدت من رحم الحضن العربي بعدما دعا الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في مؤتمر القمة العربي لعام 1964 الى تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية وقد كلف المؤتمر ممثل فلسطين السيد أحمد الشقيري بتأسيس المنظمة التي اطلق عليها تسمية منظمة التحرير الفلسطينية التي انضوت تحت لوائها حركة فتح التي تأسست في الكويت عام 1959 من قبل خليل الوزير وياسر عرفات اللذان استثمرا وجود عملهم في الكويت باستقطاب عدد من الشبان الفلسطينيين لتأسيس حركة التحرر الوطني الفلسطيني ( فتح ) التي اصبحت رائدة في العمل الفدائي ضد الاحتلال الصهيوني ليس فقط على صعيد الارض المحتلة وانما مطاردة المصالح الصهيونية في مختلف بقاع الارض ولم تبخل الدول العربية في دعمها بالمال والسلاح لان القضية الفلسطينية كانت قضيتهم المركزية وخصوصاً مصر التي دفعت الثمن غالي في الحرب التي اندلعت مع اسرائيل عام 1967 بعد تكالب القوى الامبريالية عليها والتي باتت تعرف بنكسة حزيران وللاسف كرد فعل على النكسة حصل انشقاقات في العمل الفلسطيني وتبنت بعض الدول العربية فصائل فلسطينية وفق ما يتماشى مع اجنداتها السياسية واستثمرت تلك الفصائل الفلسطينية المسلحة الدعم العربي سلباً حتى وصل الحال الى الصدام المسلح بين الجيش الاردني وحركة فتح بما يعرف بايلول الاسود بدلاً من مواجهة العدو الصهيوني حتى دفع الرئيس جمال عبد الناصر حياته ثمناً لذلك الصراع .. وتكررت نفس الاوضاع في لبنان وامست كثير من الاحياء اللبنانية خارج نطاق الدولة واصبحت كلمة الفصل بيد تلك الفصائل المسلحة حتى في النزاعات الشخصية والحياة العامة وبات محرم على الشرطة اللبنانية دخول حي صبرا وشاتيلاً التي اصبحت قاعدة عسكرية تابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية مما اثار ذلك مخاوف حزب الكتائب اللبنانية من التدفق الجماعي للاجئيين الفلسطينيين وأن يؤدي وجودهم الى حدوث خلل في التوازن الديموغرافي للمسيحيين فكان ذلك احد اسباب حصول الحرب الاهلية البنانية التي اندلعت مابين عامي 1975 – 1990 وما تخللها من اجتياح اسرائيلي للبنان عام 1982 .. ولكن لا يخفى على احد التحول الكبير في مسار العمل الثوري الفلسطيني بعد ثورتي البعث في العراق وسورياً حيث كاد النظام العراقي ان يغيير موازين القوى نتيجة الدعم الكامل للقضية الفلسطينية بالعكس من سوريا الدولة المستضيفة للفصائل الفلسطينية حيث عمل نظام حافظ الاسد على ليَ ذراع الثورة الفلسطينية ومصادرة قرارها السياسي والعسكري وجعل الثورة الفلسطينية ورقة مساومة، وهذا ما رفضته قيادة الثورة الفلسطينية ممثلة بياسر عرفات، وفي لقاء جمع كلاً من خليل الوزير (أبو جهاد) وعبد الحليم خدام وزير الخارجية السوري والمسؤول عن الملف الفلسطيني واللبناني، بهدف وصول إلى اتفاق يرضي الاطراف المتصارعة، صرح عبد الحليم خدام لخليل الوزير (أبو جهاد) قائلاً: ” إذا كنتم ترغبون في حل مشاكلكم الداخلية، فيجب أن تتقيدوا بسياساتنا، تصادقون أصدقاءنا، وتعادون أعداءنا “. ورفض ياسر عرفات تلك الاملاءات السورية وبذلك اعتبر حافظ الاسد موقف عرفات تحدي شخصي له فقام بحشد لوائين من القوات الخاصة، إضافة إلى ما يقارب 5000 من القوات الفلسطينية التي أستمالها ضد ياسر عرفات وجعلهم في أمرة غرفة عمليات مشتركة يرأسها قائد القوات السورية في شمال لبنان وقتها سليمان العيسى، التي قامت بمهاجمة مخيم نهر البرد وتمكنت من طرد القوات المحسوبة على ياسر عرفات من المخيم وذلك في 6-16 تشرين الثاني عام 1983، ومن ثم قامت القوات السورية بتطويق مدينة طرابلس وقصفها بعنف، مما أدى إلى نزوح أعداد كبير من السكان، إضافة لقطع التيار الكهربائي عن المدينة، وتدمير 3 سفن في ميناءها جراء القصف السوري براً وبحراً وجواً، مما اضطر ياسر عرفات الخروج من طرابلس في 17 كانون الأول 1983 على متن سفينة يونانية برفقة 4700 مقاتل وعشرات الجرحى متوجهين نحو اليمن والسودان والجزائر وتونس بحماية البحرية الفرنسية بعد الحصول على ضمانات عربية وأميركية بعدم التعرض لهم أثناء خروجهم من طرابلس. وهكذا يعتبر موقف حافظ الاسد اخطر انكسار للعمل الفلسطيني بمعنى ان مسلسل تصفية القضية الفلسطينية بدء منذ استلام حافظ الاسد الحكم الذي قام بتسليم القنيطرة والجولان الى اسرائيل قبل سقوطها في حرب 1973 وفي نفس العام تم تصفية كمال عدوان ومحمد يوسف النجار وكمال ناصر رموز الكفاح المسلح الفلسطيني في بيروت بشكل لا زال يكتنفه الغموض لحد هذا اليوم وبعدها تم تصفية مهندسي الكفاح المسلح خليل الوزير ابو جهاد مؤسس حركة فتح وصلاح خلف في تونس ويستحيل ان يكون ذلك مصادقة لان تلك التحولات كانت الخط الفاصل ما بين صفحة نضالية طويت وصفحة استسلامية بدأت وبذلك قد تم ابعاد القضية الفلسطينية عن جوهرها النضالي واليوم الولد على سر ابيه حيث ادخل بشار الاسد الروس والايرانيين لقتل الشعب السوري بالبراميل المتفجرة والمضحك هناك من يعتبره قائداً لمحور المقاومة والممانعة بمعنى ان تصفية الكفاح الفلسطيني كانت تطبخ على نار هادئة خصوصاً بعد موقف السادات الذي فاجئ العرب بدعوته الصلح مع اسرائيل ورد الفعل العربي المناهض لتلك الدعوة التي قادها العراق والذي دعا الى قمة عربية في بغداد تم من خلالها الاعلان عن الرفض الكامل لاي مشاريع استسلامية ومن قرارات القمة تم نقل الجامعة العربية الى تونس .. والمحزن بعد بضعة سنين تفاجئ العرب مرة اخرى باتفاقات اوسلو السرية بين الفلسطينيين والاسرائيليين التي تمخض عنها ما يسمى بهيئة الحكم الذاتي المؤقتة التي باتت تعرف بالسلطة الفلسطينية التي تأسست رسمياً في عام 1994 عقب اتفاق غزة اريحا لتحديد السلطات الادارية لقطاع غزة والمناطق A و B من الضفة الغربية، اي حصر حدود السلطة في بقعة الارض التي تكرم بها الصهاينة في رام الله وقطاع غزة مقابل تخلي منظمة التحرير الفلسطينية عن الكفاح المسلح والاتجاه نحو التسويات الاستسلامية من اجل المنافع الشخصية التي ادت الى اندلاع الصراع بين حماس وفتح على من يملك القرار الفلسطيني من اجل الفوز بمغانم السلطة الهزيلة لذلك قام محمود عباس بفصل حكومة الوحدة التي تقودها حماس وتم عزل اسماعيل هنية وتعين سلام فياض رئيساً للوزراء، ولم تعترف حماس بهذه الخطوة، مما أدى إلى قيام إدارتين منفصلتين – السلطة الفلسطينية بقيادة فتح في الضفة الغربية وحكومة حماس المنافسة في قطاع غزة. ويتم تمويل السلطة مالياً بموجب اتفاق اوسلو من خلال المساعدات السنوية الثابتة من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة (حوالي مليار دولار أمريكي ) فضلا عن ما تدفعه قطر لحماس من مساعدات يتم تحويلها عن طريق البنوك الاسرائيلية والجدير بالذكر ان محمود عباس قد اعلن عن اهداف واستراتيجية السلطة الجديدة بعدم السماح بقيام اي انتفاضة فلسطينية وعدم التخلي عن المسار السلمي للعمل الفلسطيني لذلك لا نلوم العرب الذين ذهبوا الى التطبيع مع اسرائيل ما دام اصحاب القضية اتخذوا هذا المسار دون التشاور معهم .. مما يعني لايمكن التغاضي عن دور القيادات الفلسطينية في انحدار مسار الثورة الفلسطينية بسبب الصراع على السلطة والنفوذ والمال، بينما قادة حماس يتهمون العرب بأنهم تخلوا عن القضية الفلسطينية لهذا ارتموا في احضان ايران التي بدورها حولت الصراع العربي الاسرائيلي الى معركة طائفية واثنية دينية أفقدت القضية الفلسطينية بعدها السياسي والنضالي وأدخلت المنطقة في صراعات مذهبية ادت الى تجزئة المقاومة الفلسطينة الى فصائل عقائدية حتى بات البعض منها اكثر ولاء لايران من فلسطين واصبحت صور قاسم سليماني وخامنئي واعلام ايران تملأ شوارع غزة .. مما يعني ان الذي تخلى عن القضية الفلسطينية هم اصحاب القضية نتيجة صراعات من اجل مصالح شخصية وفئوية ادت الى انقسامات تحت عدة مسميات منها محور المقاومة والممانعة الذي رهن القضية الفلسطينية لاجندات مشبوهة لمصالح دوله اقليمية ومنها اشعال الحرب في غزة مؤخراً من اجل تمرير مباحثات فينا لصالح ايران لان الحقيقة التاريخية تؤكد ان قادة حماس جزء من حركة الاخوان المسلمين التي هي على توافق تاريخي مع ايران منذ استلام الخميني السلطة في ايران لذلك ليس صحيح ما تروجه حماس بأن العرب تخلوا عن قضية فلسطين وانما قادة حماس هم من ارتمى في احضان ايران تنفيذاً لمشروع سياسي توافقت علية حركة الاخوان وايران منذ عقود .. ولكن بالرغم من كل هذا التآمر على القضية الفلسطينية ومحاولات انحراف مسارها عن بعدها النضالي تبقى تلك القضية امانة تتناقلها الاجيال ابتداء من شباب فلسطين الذين يسطرون اروع الملاحم والبطولات في تحديهم للاحتلال الصهيوني ومعهم شباب الامة جميعاً، ليثبتوا للعالم اجمع مهما تخاذلت حكومات او ترهلت قيادات سياسية او تآمر فصيل مسلح او تعب جيل فأن الأجيال لا تتعب وتبقى قضية فلسطين قضية العرب المركزية وأن رايات المقاومة تنتقل من جيل الى آخر الى ان يتم تحرير الارض المغتصبة بعيداً عن المتاجرة والمزايدات لان الذي سيحرر الارض هم اطفال الحجارة وجيل محمد الدرة والطفل الذي حضن اخته جراء القصف الاسرائيلي وليس الناعقين من قطر ادعياء المقاومة والممانعة زوراً وبهتاناً.