صدر عن دار الرواد المزدهرة ببغداد عام 2015، كتاب يحمل عنوان “دراسات اجتماعية-اقتصادية معاصرة” لمجموعة من الباحثين، ترجمة د. هاشم نعمة فياض، ومما ورد في الكتاب:
في السنوات الأخيرة، نُشرت بحوث ودراسات ومقالات معمقة وذات مستوى أكاديمي، وفق منهجيات متعددة، بالأخص باللغة الانكليزية، عالجت مواضيع مختلفة تندرج ضمن الدراسات الاجتماعية- الاقتصادية، على مستوى العراق، والعالم العربي، والعالم، ومواكبة لما يكتب، وحرصا على الإطلاع عليها، قمنا بترجمة عدد منها في فترات مختلفة، لعلنا نساهم في سد بعض النقص في المكتبة العربية في المواضيع المبحوثة. وتسهيلا للاستفادة منها من قبل الباحثين والدراسين والقراء عموما، ارتأينا جمعها ونشرها في هذا الكتاب. وقمنا بترتيب محتويات الكتاب بحسب معالجته للجوانب التاريخية والسياسية والاقتصادية والبيئية والسكان والهجرة. وقد حرصنا على تثبيت المراجع والمصادر المترجم عنها بلغتها الأصلية في نهاية كل موضوع، بشكل يسمح لكل من يرغب بالاستزادة بالرجوع إليها.
بالجانب التاريخي، وفي كتاب “المدينة في بلاد ما بين النهرين قديما” يرد بأن دراسة المدن في هذه المنطقة يفترض أن تأتي في مقدمة أولويات المؤرخين المهتمين بحضارتها، إلا أن عددا قليلا منهم أعطى اهتماما خاصا لهذا الموضوع، علما كانت المدينة لآلاف السنين تقرر اوجه حضارة ما بين النهرين. ولم تشهد هذه المنطقة فقط انبثاق أول حضارة مدنية في التاريخ بل كانت كذلك ذات مجتمع أكثر حضرية (مدينية) في زمانها.
وفي كتاب “الحياة اليومية في بلاد ما بين النهرين قديما”، يتبين أن البنية الاجتماعية والطبقية في بلاد ما بين النهرين كانت تقوم على الاقتصاد حيث ينقسم المجتمع إلى مجموعتين الأولى تضم أولئك الذين يملكون وبالأخص الأراضي والثانية تضم التابعين إلى الأثرياء من الفقراء والمعدمين. وفي مجال الابتكار تفوق البابليون على جيرانهم في الشرق الأدنى القديم في معرفتهم بالفلك والرياضيات. واحتفظ البابليون والآشوريون بسجلات مفصلة لملاحظاتهم عن مواقع وحركات الأجرام السماوية وغير ذلك من الإنجازات العلمية.
بالجانب السياسي، يضم الكتاب عددا من الدراسات والمقالات منها ما تخص السياسة الرسمية المعلنة للدول الغربية تجاه الحرب العراقية-الإيرانية وهي البقاء على الحياد وعدم تزويد كلا الطرفين بالأسلحة. لكن هذه السياسة كانت منافقة لان الواقع كان غير ذلك تماما. فقد كانت الدول الغربية تزود الطرفين بالأسلحة لكي تتواصل الحرب أو تنتهي بدون نصر واضح لأي طرف. وهذا ما يتم كشفه بالأدلة الموثقة. ومقالة “صدام يغتال رجل دين” التي تبين كيفية تصفية صدام حسين لمعارضيه.
وتبرز مقالة “أولوية بوش في العراق ليست الديمقراطية”، أن الديمقراطيين والمحافظين الجدد خارج الإدارة الأمريكية كانوا يعتقدون بأن أمريكا يمكن أن تكون في أمان إذا سارت بقية دول العالم على المفهوم الأمريكي. وطبقا لذلك فهم يفضلون نشر المزيد من القوات الأمريكية وصرف المزيد من الأموال من أجل بناء عراق مستقر وديمقراطي، في حين لا يشاطر القوميون المتشددون هذه الرؤية وهم يعتقدون بأن أمن أمريكا يتطلب في المقام الأول هزيمة أعدائها واجتثاث التهديدات التي تواجهها.
ويرد في كتاب “أمريكا عند مفترق طرق..”، أن منظري الفكر المحافظ الجديد اقترحوا في السنوات التي كانوا فيها خارج السلطة قبل انتخابات عام 2000 أجندة السياسة الخارجية الأمريكية التي تتضمن تغيير الأنظمة والهيمنة المُحسنة والتفرد الأمريكي لتكون علامة فارقة في السياسة الخارجية لإدارة بوش.
وتعالج دراسة “الفدرالية في أوروبا وأمريكا اللاتينية..” تجارب الفدرالية مع التركيز على الجانب النظري، علما أن هذا النظام حظي بقدر كبير من المعالجة والاهتمام في السنوات الأخيرة. رغم أن المؤسسات الفدرالية لم تكن بالتأكيد جديدة، لكنها أصبحت أكثر بروزاً نتيجة تأثيرات مترابطة لأربعة اتجاهات واسعة الانتشار ومتزامنة تقريباً: الدمقرطة، الليبرالية الاقتصادية، اللامركزية ومساوئ النزاعات الداخلية المسلحة.
وتفحص مادة “النفط والفدرالية.. حالة نيجيريا” السعي لتطبيق النظام الفدرالي كوسيلة لدمج المكونات السكانية المختلفة في المجتمعات التي تتميز بالتنوع من أجل بناء نظام حكم موحد، وفي نفس الوقت بقاء الهويات الإثنية تتمتع باستقلالها، وهنا يتم التركيز على العلاقة بين عوائد النفط والفدرالية.
ويتضح من كتاب “ظاهرة طالبان .. أفغانستان 1994-1997″، أنه منذ أن اجتذبت طالبان اهتماما دوليا نشر الكثير عن اصلها وتوجهاتها وإمكانياتها. وعبر الكثير من المراقبين عن آرائهم في قوة وضعف طالبان. لكن لم تنشر دراسة شاملة، حول هذه الظاهرة الجديدة، التي ظهرت بشكل مفاجئ في الأفق الأفغاني. لذلك تعرض الدراسة تقييما لأصل حركة طالبان وأسباب نجاحها وإخفاقاتها وتأثير التقسيم الإثني على مستقبل أفغانستان.
وفي كتاب” السياسة الأوروبية في تحول” يرد بأنه جرى تحديث المؤسسات السياسية الأوروبية بعد الحرب العالمية الثانية حيث تحولت السلطة من البرلمان إلى المؤسسات التنفيذية. على افتراض أن ذلك يساهم في سرعة وتماسك صناعة القرار السياسي. وقد صممت البرلمانات لتمثل مختلف المصالح لخلق نوع من التوازن في المجتمع.
وبحثت دراسة “القوة السياسية لوسائل الإعلام الاجتماعية..” في انتشار الانترنت منذ أوائل التسعينات، حيث نمت شبكات السكان المرتبطة به في العالم من ملايين قليلة إلى مليارات. وخلال نفس الفترة، أصبحت وسائل الإعلام الاجتماعية حقيقة من حقائق الحياة بالنسبة للمجتمع المدني على مستوى العالم، مع إعطاء أمثلة من بلدان مختلفة عن مساهمة هذه الوسائل في تغيير الأنظمة السياسية.
وفي دراسة “فهم ثورات 2011 .. ضعف الأنظمة المستبدة في الشرق الأوسط “يتم التعمق في بحث أسباب موجة الانتفاضات التي اجتاحت الشرق الأوسط ويشار إلى أن لها تشابها ملحوظا مع الزلازل السياسية التي حدثت في الماضي، مثل ما حدث في أوروبا عام 1848. لكن انتفاضات عام 2011 قاتلت شيئا مختلفا تماما يتمثل بدكتاتوريات “سلطانية”. ورغم أن هذه الأنظمة تبدو وطيدة، في الغالب، لكنها في الحقيقة تكون شديدة التأثر، بسبب من أن الاستراتيجيات التي استخدمها للبقاء في السلطة جعلتها هشة، وغير مرنة.
وبالجانب الاقتصادي، بحث كتاب “الدولة والمجتمع: مسألة التحول الزراعي في العراق..” دور الدولة في التحولات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي شهدها الريف العراقي والمجتمع العراقي بشكل عام منذ بداية القرن العشرين. ويحاول المؤلف تحديد مدى تدخل الدولة في التحول الزراعي واكتشاف تأثير الدولة في صياغة شبكة العلاقات الاجتماعية والاقتصادية في المناطق الريفية. ويبين كيف أن التحول الزراعي هو جزء من عملية اكبر للتحول البنيوي تتضمن تغيرات كبيرة في اهتمامات الدولة وعلاقاتها بالتنمية الاقتصادية والقطاع الزراعي. لقد شجعت الدولة توغل الرأسمال الخاص في الزراعة بواسطة توفير محفزات مختلفة. وهذا لم يأخذ طريقه بدون تدمير الإنجازات الاجتماعية والاقتصادية لبرامج الإصلاح الزراعي.
وعالجت مادة “الاقتصاديات العربية.. الشفافية والعولمة وأزمة المياه ” المؤتمر العالمي الذي عقد تحت عنوان “التطورات الاقتصادية الجديدة وتأثيراتها على الاقتصاديات العربية” والذي بحث في المحاور الرئيسية الآتية: العولمة والإقليمية، أزمة المياه والبيئة، التغيرات التكنولوجية والنتائج الاقتصادية لعملية السلام.
وفي مادة “ملاحظات في جغرافية التنمية والتخلف” تمت الإشارة إلى أنه منذ فترة طويلة اهتم الجغرافيون وعلماء الاجتماع الآخرون بالتفاوت الاجتماعي والاقتصادي الموجود سواء بين الدول أم بين المناطق. وقد ساهمت اعمالهم في فهمنا للتنمية، لكن المساهمة المميزة للجغرافيين تتحدد بأنهم ينظرون لعملية التنمية بإطارها الواسع والشامل والذي يدمج الخاصيات البشرية والبيئية للبلد مع إرثه التاريخي الفريد وعلاقاته مع البلدان الأخرى.
وتُظهر مقالة “العولمة تعمّق عدم التوازن” بأن للعولمة منافع كثيرة بالنسبة للبعض ولكن بالنسبة لغالبية سكان العالم تعني فقط مزيداً من الفقر. وبأن خصخصة قطاع المعرفة لا يقود بصورة اوتوماتيكية إلى المنافسة. فكثير من التحولات قادت في السنوات الماضية إلى المزيد من احتكار المعرفة.
وتناولت دراسة “رأسمالية الدولة عصر يتشكل ..” التطورات الأخيرة التي اعقبت الأزمة المالية والاقتصادية العالمية، حيث في الولايات المتحدة، وأوروبا، والكثير من دول العالم المتقدم، تهدف الموجة الأخيرة لتدخل الدولة التخفيف من أضرار الركود الاقتصادي العالمي الحالي واستعادة الاقتصاديات المريضة لعافيتها. في حين أن طبيعة التدخلات المماثلة في الدول النامية حيث تسيطر الدولة بقوة على الاقتصاد تشير إلى رفض إستراتيجي لعقيدة السوق الحرة.
وبحثت دراسة “الرأسمالية وعدم المساواة”، في تزايد التفاوت، في كل مكان من العالم الرأسمالي ما بعد الصناعي. ورغم اعتقاد الكثيرين في صفوف اليسار، فإن هذا التفاوت لا ينتج من السياسة، ولا السياسة من المتوقع بمقدورها أن تعكس ذلك، لأن المشكلة ذات جذور أكثر عمقا. حيث أن التفاوت يكون نتاجا حتمي للنشاط الرأسمالي، وتوسع تكافؤ الفرص يزيد منه فقط.
وفي جانب البيئة والتنمية، لخصت مادة “التنمية المستديمة في المناطق الجافة” البحوث التي قدمت في المؤتمر العالمي حول التنمية الصحراوية في دول الخليج العربي، حيث توزعت البحوث إلى ثمانية محاور؛ شملت الأفاق العالمية والإقليمية، الخليج وتأثير الحرب، تقييم السيطرة على تذرية الرمال والكثبان الرملية والاستشعار عن بعد وتطبيق نظام المعلومات الجغرافية، تقييم وإدارة وتحسين الأراضي الهامشية، إدارة وتحسين المياه والتربة، إدارة وحماية التنوع البايولوجي (الأحيائي) والتنمية الاجتماعية-الاقتصادية.
وتناولت مادة “الملامح المميزة لمشاكل البيئة في المرحلة الحالية” ما تميزت به العقود الأخيرة، من التدهور الحاد في مكونات البيئة الطبيعية؛ لذلك تظهر الأهمية الاجتماعية والاقتصادية الجديدة لمشاكل البيئة أن علاقات الانسان بالطبيعة قد دخلت في مرحلة من التطور ذات أهمية كبيرة بالنسبة إلى حاضر ومستقبل الاجيال القادمة، إضافة الى آفاق تنمية القوى المنتجة على المستوى الوطني والعالمي، ومن هنا تأتي المطالبة بسياسات لحماية البيئة تأخذ في الاعتبار الجانب السياسي الدولي منها.
وحللت دراسة “المتغيرات المناخية الأخرى..” عملية خفض انبعاثات مواد الكربون الممتص الخفيف (يعرف الكربون الأسود) والغازات التي تكون الأوزون مجتمعة، هذه الملوثات التي تشكل تأثيراتها المدفئة حوالي 40-70% من تلك العائدة لثاني أكسيد الكربون. إن الحد من وجودها في الغلاف الجوي هو أسهل وأرخص، وهذا الاقتراح يمكن تحقيقه من الناحية السياسية أكثر مقارنة بالمقترحات المألوفة أكثر لإبطاء تغير المناخ وسيكون له تأثيراً فورياً.
وفي جانب السكان والهجرة، عالج كتاب “أوروبا: قارة واحدة وعوالم مختلفة..” التطورات الديمغرافية في أوروبا في المستقبل التي سوف يكون لها تأثيرٌ رئيسيٌ على الظروف الاقتصادية
والاجتماعية. فازدياد شيخوخة السكان مثلا سيؤثر في أنماط الاستهلاك وطلب الرعاية الاجتماعية والتقاعد وعرض العمل. ونمو السكان له تأثير على ظروف البيئة الطبيعية وعلى سوق السكن بينما الزيادة في السكان ذوي الأصول الأجنبية سوف يكون لها نتائج اجتماعية بعيدة المدى. وتمت مناقشة سيناريوهين للسكان للنصف الأول من القرن الواحد والعشرين شملت 33 بلدا أوروبيا.
وحلل كتاب”المهاجرون والتمييز العنصري.. الجزائريون في فرنسا 1900-1962″ بعمق العلاقة المتبادلة بين الاستعمار والهجرة. حيث درس وضعية الجزائريين في فرنسا من ناحية الهوية الوطنية والجذور التاريخية للعنصرية تجاههم. فخلال العقود الأخيرة أصبحت الهجرة إلى فرنسا، واندماج الأقليات الاثنية، والعنصرية موضوعات مركزية في السياسة الفرنسية. ويدور النقاش السياسي المكثف حول مستقبل الأقليات الإثنية (العرقية) وهل سوف تندمج تدريجيا في المجتمع الفرنسي أو تكون جيوب عسيرة الهضم تهدد وحدة الشعب الفرنسي.
وأشارت مقالة “الهجرة السكانية وتجارة البشر في الشرق الأوسط” إلى أن الهجرة في هذه المنطقة نادرا ما تحظى بتغطية الإعلام الغربي، حيث يرتبط “الشرق الأوسط” بشكل نموذجي بقضية الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي وجيوبولتيك النفط أو أكثر حداثة بالحرب في العراق. هدف هذه المقالة اثبات أن هناك اهتماما متزايدا في المنطقة بموضوع الهجرة خصوصا تجارة البشر منها.
وعالجت مقالة “الهجرة السكانية وظاهرة العولمة” التغيرات التي حدثت في طبيعة حركية السكان بين نهاية القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين مدعومة بشكل رئيسي بالعولمة الجارية ونتائجها غير المباشرة السياسية والتكنولوجية والاقتصادية. فقد شهدت علاقات المناطق التي كانت مرتبطة مع بعضها بواسطة الهجرة الدولية توسعا وباتت أكثر تعقدا من خلال أشكال مختلفة من حركية السكان نتجت عن التغيرات في أسلوب الحياة والاستهلاك والتحولات الاقتصادية والسياسية.