22 نوفمبر، 2024 6:44 م
Search
Close this search box.

دخول الدب الأبيض الى المنطقة عبر البوابة السورية

دخول الدب الأبيض الى المنطقة عبر البوابة السورية

في ضوء اللقاء الذي جمعهما على هامش اعمال الجمعية العمومية للامم المتحدة في نيويورك ، كان الرئيس فلاديمير بوتين نجماً لامعاً لهذا التجمع العالمي ، بحيث طغى حضوره الهادئ كعادته على جميع نظرائه من دول العالم المختلفة بما فيهم الرئيس أوباما ، فقد استطاع ان يفرض رؤيته للشرق الاوسط الجديد، وكيفية التعاطي مع الأزمة السورية، وكسر العزلة الروسية من خلال البوابة السورية . فقد استخدم تهديد “الدولة الاسلامية” وخطرها كجسر للعودة بقوة الى المنطقة والمجتمع الدولي معا، وايجاد دور للرئيس السوري في التحالف الجديد الذي اقترحه لمحاربتها، والذي يضم الولايات المتحدة وتركيا وايران ومصر والمملكة العربية السعودية الى جانب بلاده روسيا. موضوعان رئيسيان كانا حاضرين بقوة على طاولة جميع اللقاءات والمشاورات وبين سطور الكلمات التي القيت من على منبر الجمعية العامة، الأزمة السورية وتنظيم داعش الذي بات مصدر قلق خطير يهدد أمن المجتمع الدولي. من الواضح ان الرئيس اوباما أذعن لوجهة النظر الروسية هذه، وبات مستعدا للتعاون مع روسيا، والإنخراط في تحالف معها ، ولعل فشل التحالف الدولي ذو الستين دولة والذي قادته امريكا بحجة القضاء على داعش هو الذي فرض مثل هذا الإذعان، فضلا عن أن الإدارة الأميركية الحالية وهي على أعتاب مغادرة البيت البيضاوي لا تريد إحياء حرباً باردة جديدة مع موسكو ، وإبعاد شبح اية مواجهة او مصادمة عسكرية محتملة .كان أوباما متناقضا في كلامه حيث اشار الى انه طلب من روسيا الضغط على بشار الاسد في ايقاف اسقاط البراميل المتفجرة وتناسى بشاعة الاعمال الاجرامية التي يقوم بها تنظيم داعش الارهابي في كل من العراق وسوريا ،وما خلفه من دمار وخراب وجرائم لم تشهد مثيلا لها في اي عصر من العصور الغابرة . وهل ان هزيمة تنظيم داعش تتطلب زعيما جديدا في سوريا كما يزعم اوباما ؟ فما الذي سيفعله الزعيم الجديد ازاء هذه الدوامة المشتعلة في سوريا منذ اربع سنوات ؟ ومن يضمن حيادية وجدية الزعيم الجديد في محاربة داعش ؟ لقد تعرت اميركا امام المجتمع الدولي لكنها كالعادة عاهرة لا حدود لعهرها ولايعرف وجهها القبيح علامات الخجل والحياء …. فها هي تدرب ثلة ممن وصفتهم بالمعارضة المعتدلة ليقوموا بعد ان سلحتهم بشتى انواع الاسلحة الخفيفة والمتوسطة بتسليم اسلحتهم الى ما يعرف بجبهة النصرة احد ابرز الفصائل الارهابية التي تبث جرائمها في سوريا كل يوم ، فأين الارادة الاميركية الحقيقية في القضاء على داعش ؟ قطعا لاتوجد ارادة اميركية جادة في القضاء على هذا التنظيم الذي صنعته بأيديها مدعوما من بعض حلفائها في المنطقة ، والذي تهدف منه الى استمرار دوران عجلة الفوضى الخلاقة التي طالما سعت اليها لتدمير المنطقة وتحقيق الحلم الاكبر في شرق اوسط جديد قابل للقسمة على كل الارقام التي يفرضها الواقع. أما على الجانب الآخر و من خلال قراءة سريعة لما بين سطور

كلمة الرئيس بوتين فأن بقاء الرئيس السوري في السلطة يعد أمرا ضروريا في هذه المرحلة لمواجهة خطر داعش ، وان اقتراحه تشكيل لجنة اتصال موسعة تضم روسيا واميركا ودول اقليمية باستثناء قطر ، قد جبّ كل ما قبله من مبادرات سياسية وحلولاً عسكرية، فليست الدول المتضررة من خطر داعش وحدها قد سئمت السياسات الاميركية ازاء هذا التنظيم ، فالعالم بأسره اليوم مشغولا بالقلق من تنامي قوة هذا التنظيم الذي تشيع اميركا دائما بأنه تحتاج الى سنوات للقضاء عليه بينما وزير الدفاع الروسي يقول بأن روسيا ستبرهن للعالم ان الجيش الروسي سيسحق وبكل قوة وفي ظرف اسابيع تنظيم داعش في سوريا واذا طلب منا التدخل في العراق فنحن جاهزون فاليوم لا صوت يعلو فوق صوت الدب الأبيض الروسي. فهل نحن امام صراع خفي اميركي – روسي للدخول الى المنطقة عبر احدى البوابتين السورية أم العراقية ؟ اعتقد اننا امام تحالف دولي اقليمي جديد يعطي الاولوية لمحاربة الارهاب بزعامة روسيا وامريكا، ومشاركة فاعلة من قبل النظام السوري الحالي الذي تم الاتفاق على تأجيل النظر في مستقبله وهي رغبة روسية لا تخلو من الاصرار والذي ربما سيكون جيشه بمثابة رأس الحربة في كل الخطط العسكرية الموضوعة والتي سيتم تنفيذها في الاشهر المقبلة. السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو عن فرص نجاح هذا التحالف الجديد الذي تتزعمه قوتان كبيرتان ، وليس قوة واحدة، اي قيادة “برأسين” في القضاء على الدولة الاسلامية وجبهة النصرة ، ثم ماذا سيحدث بعد ذلك، وكيف سيكون شكل المنطقة وطبيعة الحكم في سورية؟ نظريا وعلى ضوء ماتقدم يمكن القول بأن ايام “الدولة الاسلامية”، وباقي الجماعات الاسلامية المتشددة تبدو معدودة، ، فجميع القوى العظمى والاقليمية ستكون في خندق واحد في مواجهة الاسلاميين المتشددين في سورية والعراق، ولن يجدوا من يدعمهم ، فقد توحد الشرق والغرب ضدهم، مضافا الى ذلك ان الجيش السوري الذي اكتسب خبرة طويلة في خوض حرب عصابات على مدى السنوات الأربع الماضية، ربما يشكل نقطة تحول رئيسية في هذه الحرب، وهذه هي النقطة الأقوى في مشروع الرئيس بوتين الجديد. فأذا ما صدقت النوايا الدولية الجديدة في الحرب على داعش والتزمت روسيا بكل تعهداتها فسنكون امام عالم جديد خال من الدواعش متمنين ان لا يكون هناك تفاهم خلف الكواليس ( امريكي – روسي )على تقاسم المنطقة، ، ورسم حدودها الجغرافية من جديد ، وتغيير هويتها السياسية في مرحلة ما بعد الانتصار المفترضة على الدولة الاسلامية

أحدث المقالات