قد يتصور البعض أن أنسحاب أمريكا من الأتفاق النووي مع أيران وبدأ فرض العقوبات الأقتصادية عليها أعتبارا من 8/8/2018، وما ستلحقها من عقوبات أقوى وأقسى في شهر تشرين الثاني القادم، ستصب في مصلحة العراق، وستنعكس أيجابيا عليه! من ناحية علاقته مع أمريكا التي بقدر ما تدعي وتعلن دعمها للعراق فهي عملت ولازالت تعمل عكس ذلك تماما!، حيث لم تكن السياسة الأمريكية موفقة مع العراق منذ سقوط النظام السابق ولحد الآن، بل كانت سياسة لخلق الفوضى والأضطراب السياسي الذي أنعكس على كل شيء!. وقد يذهب هؤلاء البعض الى أبعد من ذلك في أحلامهم!،بأن الأمريكان سيعيدون النظر بمجمل سياستهم تجاه العراق، وسيعيدون ترتيب البيت العراقي من الداخل، وسوف لن يسمحوا الى أية دولة من الدول الأقليمية ودول الخليج من التدخل في شؤونه مستقبلا! ، هذا بعد أن يتم كبح الجموح الأيراني وتقليم أظافرها بالعقوبات التي فرضت عليها، وسيتعافى العراق من كل ما لحق به من ألم وأذى طيلة السنوات التي مرت عليه منذ الأحتلال الأمريكي له وأسقاط النظام السابق. أقول لهذا البعض ولكل من يتصوروا كل ذلك، مع الأسف كنت أتمنى هذا معكم ولكن دعوني اقول لكم بأن هذا محض خيال وأضغاث احلام!،فأمريكا عملت ولازالت على دمار العراق وتخريبه وأشاعة الفوضى والخراب ونشر الفتن الطائفية والمذهبية والقومية وغيرها الكثير والتي يعرفها كل العراقيين فأمريكا نكثت بكل الوعود والعهود التي قطعتها ووعدت بها العراقيين قبل أسقاط النظام السابق!. حيث تبين وتأكد يقينا لدى العراقيين جميعا بأن أمريكا لا يهمها من العراق غير نفطه وليذهب العراق وشعبه الى التقسيم والجحيم والموت والتهجير و و و و!. وللعودة الى الوراء قليلا وعلى الرغم من ذاكرة العراقيين المتعبة والتي أثقلتها كثرة المصائب والنوائب حتى أحدثت بها أكثر من ثقب!،فلم تعد تتذكر ماجرى لها خلال كل تلك السنوات التي مرت عليها، ألا انه ومع كل هذا التعب الفكري والهم والقلق لازال الكثير من العراقيين يتذكرون، كيف أن أمريكا عندما أحتلت العراق أطلقت العنان وفسحت المجال لكل العصابات الدولية المنظمة ومافيات الحروب والسراق واللصوص وكل الغوغاء من الخارج ومن الداخل أن يستبيحوا كل وزارات ومؤوسسات ودوائر الدولة العراقية أن كانت عسكرية أم مدنية في واقعة (الفرهود) المخزية!، والتي تعتبر نقطة سوداء في التاريخ السياسي للعراق ووصمة عار في جبين من قام بها والتي شوهت سمعة الشعب العراقي عموما أمام العالم ومع الأسف!!. فأمريكا أطلقت يد كل هؤلاء الأشرار وغضت النظر عن كل ما قاموا به من حرق ونهب وسرقة كل شيء بالعراق، حتى لم يبق شيء لم تطاله أياديهم القذرة، ألا وزارة النفط العراقية التي تم أحاطتها وحمايتها من العبث والنهب والسرقة!!، وتلك كانت رسالة واضحة جدا من أمريكا أثناء غزوها للعراق وأحتلالها له، ألا أن فوضى الحدث وسقوط النظام السابق بهذه السرعة وخلال عشرة أيام!، لم ينتبه الكثير من العراقيين لهذه اللقطة الأمريكية الخبيثة وما كانت تحمل من فحوى ومن مضامين!؟. ولكن ومع مرور الوقت أكتشف العراقيين خدعة الأمريكان وزيف كل وعودهم التي وعدوا العراقيين بها وتيقنوا أن أمريكا أسقطت النظام السابق وأحتلت العراق لا كرها بصدام ولا حبا بالعراق بل من أجل الأستيلاء على ثاني اكبر أحتياطي نفطي وغازي بالعالم وما يبطنه من ثروات معدنية كثيرة غيرها!.نأتي الى صلب الموضوع، فأمريكا تريد النفط العراقي وما تنتجه حقوله النفطية(لم تتوقف الصادرات النفطية العراقية لحظة واحدة منذ عام 2003 ولحد الآن!، على الرغم من كل ما مر بالعراق من أهوال وحوادث، والعراق اليوم يصدر أكثر من (5/4 أربعة ونصف مليون برميل يوميا). فالمهم هو النفط ولا غير ذلك، حيث لازال النفط يمثل المصدر الرئيسي لأدامة الصناعة العالمية ، ولا بديل عنه بالوقت الحاضر. فالحقيقة المؤلمة أن العراق بالنسبة لأمريكا هو الدجاجة التي تبيض ذهبا، والمهم هو البيض(النفط)، لاسيما وأن الدجاجة العراقية تبيضه أن كانت تعيش بين الخرائب والأوساخ والأزبال ووسط الفوضى، أو أن كانت تعيش في مفقس عصري تتوفر فيه كل مستلزمات العناية والراحة والعلف الممتاز!!. وهنا لا بد من الأشارة بأن أمريكا ماضية في مؤامرتها الخبيثة وبمساندة بريطانيا وفرنسا وباقي دول الغرب لتدمير العراق وتخريبه وصولا الى صفحة تقسيمه الى دويلات وطوائف قومية ومذهبية وطائفية متناحرة!. لا سيما وأنها وجدت في أقليم كردستان لربما بديلا عن العراق!،ويتضح ذلك من خلال الدعم السياسي والدبلوماسي للاقليم، هذا أذا علمنا بأن موضوع أستقلال وأقامة دولة الأكراد لازال مشروعا قائما بل أصبح قريب المنال! على ضوء المستجدات على الساحة الأقليمية والعربية والدولية في كل من سوريا وتركيا وأيران،ولربما ستكون السنوات القليلة القادمة حبلى بالأحداث الكبيرة وما تحمله من مفاجأءات!. أخيرا نقول: أن العراق وشعبه هو الخاسر الوحيد من هذه اللعبة السياسية القذرة التي قادتها أمريكا منذ عام 2003 ودعمتها بريطانيا وفرنسا وباقي الدول الأقليمية والعربية المجاورة للعراق. السؤال المهم هو: هل يمتلك الشعب العراقي الأرادة الصلبة والقوية، لأيقاف مخطط المؤامرة لأكمال تدميره وتمزيقه، كما فعل الشعب المصري!؟، هذا ما ستجيب عنه المظاهرات والأعتصامات التي دخلت شهرها الثاني بلا توقف وخاصة في محافظات جنوب العراق ووسطه. لننتظر ونرى!.