واهم من يظن إن داـ عش بندقية نسقطها ونرتاح من كوارثها، فالفكر جاءسابقا للبندقية، وهو منتج متواصل لها ومتحايث معها.. والأخطر قدرة هذاالفكر على أن يغذي أفكاراً أخرى مختلفة معه في الشكل ومتطابقة فيالمضمون ومتخادمة في تفصيلات الحياة اليومية
تحريم الموسيقى والرقص والفنون الأخرى والنتاج الثقافي الحر من مخرجاتالفكر الداـ عشي المتساوق مع افكار دينية أخرى تتعارض معه حد القتلالمستباح، لكنها في سلّة واحدة ومخرجاتها الى حد كبير مع اختلافات فيالسياق الزمني والتطبيقي للفكرة نفسها والاستحكام من ظرفها..!
في تجربتنا السياسية يظهر الفكر الداـ عشي متخفيا بواجهات ومبرراتوتخريجات تلتقي كلّها في الزاوية نفسها، ففرض نمط محدد من الحياةوالسلوك والأفكار على جماعة من الناس تحت خيمة الدين ليس إلا شكلا منأشكال الإرـ هاب الداـ عشي، وعلينا أن نتصور مثل هذا الوجود الذي يمارسإلغاء الآخر وهو مسلح بالفكر والبندقية معا تحت نوع من انواع ” الشرعية ” الرسمية !
منع وتحريم الموسيقى والرقص، سلوك داـ عشي بامتياز، لكنها ممارسة فيأغلب المحافظات العراقية، وتتعرض حفلات موسيقية ينظمها ناشطون ومثقفونإلى الإلغاء والمنع وملاحقة المنظمين وتهديدهم بالقتل !
إزالة النصب والتماثيل، سلوك داـعشي لإلغاء الهوية العراقية، ذلك ان هذهالمنحوتات هي تعبير عن ثقافة وفكر وحضارة وتأريخ.
فرض نمط من الحياة، سلوك داعشي معروف، وتقوم ميليشيات مسلحة خارجةعن القانون ومنفلتة في مدن ومحافظات عديدة بفرض نوع من الحياةوالممارسات والسلوكيات لا تتناسب مع أفكارهم، والفرق أن هذا السلوك الداـ عشي لا يتم بنفس طريقة داـ عش وإنما من خلال الإيحاء والتهديداتوالتحريمات مرّة بغطاء ديني كاذب واخرى تحت الرداء الرسمي !
اغتيالات الجمال والحياة لفتيات بغداد الرائعات، تلك الاغتيالات التي مرّت منأمام الكاميرات بسلاسة ثم قيّدت ضد مجهول..أليس حضورا داـ عشيا في قلبالعاصمة بفكر وسلاح “خارج التوصيف الداـ عشي وداخل الممارسات التفصيلية للحياة !
في تفاصيل حياتنا اليومية نتلمس مجموعة الممنوعات الرسمية منها أو التيتفرضها قوى مسلّحة قادرة على إنفاذ قانونها الخاص في حياتنا و التي تسوّقنفسها من مبدأ الإيمان والحفاظ على آداب المجتمع.. ألم يتولى بعض حرسالجامعات مهام “التأديب ” لطالبات يرتدين سراويل الجنس، بأوامر غيررسمية..
ماذا نسمي اعلان ارتداء ’’البرمودا’’ سلوكاً مخالفاً لقانون الآداب والاعرافالعشائرية في محافظة خرجت للتو من الكابوس الارـ هابي الداـ عشي بحجة تطبيق القانون حرفياً ضد ظاهرة شاذة تخدش الحياء !
هل سمعتم بعرف عشائري يمنع ارتداء البرمودا؟!
هكذا بعبقرية فكرية نكتشف ان المشكلة في البرمودا وليس في الرأس والثقافةالتي انتجت مثل هذه الظواهر التي اشك بحصولها في مجتمع كالمجتمعالانباري.
آخر التقليعات ماصدر عن مسسؤولين في شرطة بابل بمنع المحلات من بيعلحوم سمك الجري والقواقع البحرية والأخطبوط ولم يقتصر القرار على حظربيع هذه الأسماك بل منع تناولها ..
هكذا تجاوزنا “محرمات” البيع الى محرمات التناول ولاندري الى أي حدود ستفرض على الناس ماياكلون ومايلبسون ومايستمعون ومتى عليهم ان يضحكوا أو يحزنوا !
بررت شرطة في محافظة النجف القرار بأنه “يأتي انسجاما مع حرمة أكل تلكاللحوم“، موضحة أن “مراجع دين أفتوا بحرمتها وكراهتها” !!
فما علاقة الشرطة بما هو حلال او حرام انطلاقا من رؤية دينية محدودة في الوقت الذي حدد القانون مهامها بفرض القوانين وتنظم حياة الأفراد دونالنظر للعرق أو الدين؟
العراق ليس دولة دينية يخضع فيها الجهاز الحكومي لسلطة الفقيه ومدونتهويحاول فرضها بالقوة، فتضارب المهام الذي يحدث سيتجه بالبلد للفوضى..
ألم نقل داعش ليس بندقية فقط نسقطها من على أكتافهم.. فالكثير من الأكتافبيننا تحمل ماهو أسوأ من داعش وإن لم يصدق أحد!!!