ناقش أمس مجلس الأمن الدولي ، طلب العراق إنهاء مهمة بعثة الامم المتحدة السياسية في العراق،نهاية العام المقبل،والمعروف عن مهمتها في العراق، هو تقديم الدعم السياسي الشامل للمصالحة الوطنية، وإجراء إنتخابات، ومتابعة الإصلاح الأمني ،وقد لعبت جينين بلاسخارت ممثلة الامم المتحدة في العراق، دوراً سياسياً لافتاً ومثيراً للجدل في العراق، حينما حاولت (تروّيض) الفصائل الولائية المسلحة، ودمجها في العملية السياسية،بعد لقاءات وحوارات صعبة جداً ،مع زعماء هذه الفصائل ، وفي مقدمتهم أبو فدك رئيس أركان الحشد الشعبي،وقيس الخزعلي زعيم عصائب اهل الحق، وهادي العامري زعيم منظمة بدر،وبقية الفصائل، وإندمج قسم منها في الحكومة ،وبقي الآخريقصف السفارة الامريكية وقواعدها العسكرية في العراق وسوريا ،بمعنى أن بلاسخارت نجحت في مهمتها ،في زج بعض الفصائل في العمل السياسي، ولكنها فشلت في نزع أسلحة الفصائل الولائية الاخرى ، ومنها النجباء وكتائب حزب الله وكتائب سيد الشهداء وغيرها، الذين رفضوا دعوات بلاسخارت ولقاءاتها بزعمائها، حتى رحيل آخر جندي أجنبي (محتل) في العراق،وقد أوضحت وإعترفت بلاسخارت في هذا في إحاطتها يوم أمس في مجلس الامن الدولي، وقالت (إن السلاح المنفلت لبعض الفصائل الخارجة غن القانون ،مازال يهدد العملية السياسية في العراق)،وقالت أيضا أن الفساد والإنقسامات والإفلات من العقاب(تقصد الفصائل الخارجة عن القانون)،والتدخل بمهام الدولة ،والسيطرة على القرار السياسي والتحكم به، وإقصاء وتهميش المكونات الأخرى،يمثّل عقبات كبرى أمام الحكومة ،وأضافت بلاسخارت(أن الوضع لايزال قابلا للإشتعال بسوء التقدير) بسبب هذه التدخلات،وهذا أخطر مافي إحاطتها ،من تحذير مباشر لحكومة السوداني والإطار التنسيقي، الذي يطالب زعماؤه بإنهاء دور الأمم المتحدة في العراق،الى هنا وإحاطة بلاسخارت واقعية وصريحة وجريئة، وقد وضعت النقاط على الحروف، إلاّ أنها لم تتطرق الى خطر عودة تنظيم داعش،الى المدن وإقلاق المواطنين والحكومة معاً، فداعش وحالما سمع بطلب إنهاء مهمة بلاسخارت، قام بعمليات عسكرية (نوعية)، إستهدف خلالها نقاط للجيش العراقي، وراح ضحية هذا الإستهداف، آمر فوج برتبة عقيد ركن ،وعدد من الجنود في قاطعي صلاح الدين – ديالى،وتكرّر الحال في قاطع بكركوك،وهجوم إنتحاري لشخصين، على الحشد الشعبي في صلاح الدين منطقة مطيبيجة،ويثير هذا التصعيد الإرهابي لداعش ،الكثير من المخاوف لدى الأوساط الحكومية والشعبية ،من عودة العمليات العسكرية بشكل أوسع وأخطر وربما يصل الى المدن ،نعم داعش يطلُّ برأسه بقوة ،مستغلاً الأوضاع السياسية المرتبكة في العراق، وتصاعد حدة الخلافات بين الكتل السياسية، وتفرد الإطار التنسيقي في السلطة ،وإقصاء المكونات الأخرى،والإستحواذ على جميع المناصب الحساسة في الدولة ،ومنها رئاسة مجلس النواب،ليجيء في هذا الوضع المتفجر في المنطقة طلب العراق، رحيل وأنهاء مهمة الامم المتحدة من العراق، وسط فساد حكومي عامودي منقطع النظير، ووجود سلاح منفلت يرفض نزع سلاحه، الخارج عن القانون، وفشل حكومي في حصر هذا السلاح بيد الدولة،وفشل إداري حكومي،في القضاء على البطالة وفرض التوازن الحكومي، وسط خلافات عاصفة بين إقليم كردستان العراق، والإطارالتنسيقي وحكومة السوداني ،حول توطين رواتب موظفي الاقليم، وإنتخابات برلمان كردستان، وخلافات أخرى بين (الكتل السنية)، وبين الإطار الذي يريد فرض رئيس برلمان موالٍ له، ويخضع لقراراته ،إن خطر عودة داعش حقيقية وليست كلام عابر، وتخويف جهات من عودته، فعملياته العسكرية تؤكد أنه يخطط لعمليات، وقيام خلية الإعلام الأمني والإستخباري ،بإلقاء القبض على عناصر قيادية لداعش في نينوى، كشفت عن مخططات إجرامية ينوي القيام بها ،والعثور على أنفاق لداعش في صحراء تلعفر، بطول مائة متر، والعثور بداخله على أسلحة متنوعة وطعام وأوراق وأجهزة وأدوات عسكرية، كأجهزة كشف لفترات سابقة ، لهو دليل قاطع على أن داعش يعمل ويؤسس لمرحلة جديدة ،لهذا نعتقد ان التخلي عن بعثة الامم المتحدة ، والقواعد الامريكية والتواجد الامريكي الجوي والبري،في ظل صراعات سياسية وتهديدات إرهابية وسلاح منفلت ،امر بالغ الخطورة في الوقت الراهن، لاسيما والمنطقة كلها على كف عفريت ،لحرب طويلة الامد ،بين اسرائيل وأمركيا وحلفائها من جهة ،وايران وفصائلها من جهة أخرى ،وان مايجري في غزة ومدنها ومشاركة الحوثي وحزب الله والفصائل العراقية الولائية في هذه الحرب، يمكن أن تتوسع بأية لحظة وهي مرشحة للتوسع ،نعم أيدت روسيا والصين ، وباركت بريطانيا وفرنسا، إنهاء مهمة بلاسخارت في العراق، وسكوت ادارة بايدن وتجاهلها التصريح عن طلب العراق،هو رفض هذا الطلب ، فبلاسخارت حذرت من إنهاء مهمتها، وحددّت أسباب ذلك، رغم إشادتها( بتطور عمل حكومة السوداني)، ولكنها في المقابل، حذرّت من السلاح الخارج عن القانون، وغياب مبدأ التوازن وتهميش وإقصاء الآخرين،وهذا بمثابة دق جرس إنذارمبكر لحكومة السوداني، أن الوضع الحالي المرتبك ،لايخدم العراق في إنهاء عمل البعثة وغلق أبوابها ،وهي من قدّمت ممثلها ضحية للعراقيين ،في عملية إرهابية راح ضحيتها ،ممثل الامم المتحدة سيرجيو دي ميلو بإنفجار مقر البعثة ببغداد،إذن نرى ليس من المناسب ،أن تغلق الامم المتحدة أبوابها في العراق ،والعراق يواجه تحديات أمنية وعسكرية كبرى، وتحديات سياسية كبرى، وسلاح منفلّت يصعب حصره بيد الدولة، وخطر عودة تنظيم داعش الإجرامي،وفساد غير مسبوق وتاريخي، فشلت الحكومات في القضاء عليه،عليه نعتقد اذ ما نفذت حكومة السوداني قرارها ،في غلق أبواب البعثة في بغداد، فأن العراق مرشح لمزيد من الفوضى الخلاقة، على مرمى ومسمع ادارة بايدن،لسببين هما الإنتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة، والإنتخابات البرلمانية العراقية القادمة، وهذان الحدثان المصيريان، لكل أمريكا والعراق، هما سيقرران مستقبل العراق كله ،بل المنطقة برمتها ، وهذا مايؤكده جميع المحللين والمراقبين السياسيين الإستراتيجيين في العالم ،نعم داعش تودع بلاسخارت في العراق، بإبتسامة بلهاء ، وتعدها بمزيد من العمليات ،لإثبات وجودها وعودتها الى المدن ، فهل يدرك سياسيو العراق، ويفقهون ماذا بعد رحيل بعثة بلاسخارت من العراق، أجزم أنهم في عالم أخر،غيرعالم بلاسخارت وبعثتها الأممية وانهم منغمسون في الفساد والتفرّد في السلطة، بديكتاتورية طائفية ،سلبتْ دور وحق المكونات الأخرى في الإقصاء والتهميش،وداعاً بلاسخارت بلا تحية ….!!!!