تساءل صحفي أوربي مستقل،عند بحثهِ في حيثيات تنظيم داعش ، مستغرباً من تلك القوة التي ظهرت في العراق و الشام ، والتي تحالفَ لقتالها دولٌ تزيدُ عن التي تحالفت في الحرب العالمية الثانية ، ضد المانيا النازية في القرن العشرين ، ولم يتمكنوا من ردعها الى الآن ؟ ، علماً أنهم مجموعة من العصابات الهمجية ، لا تُقارن بما كان يمتلكهُ هتلر من تحالفات و جيوش وغواصات و طائرات وآلة حربية عملاقة !! .
و أستغرب أيضاً ، أن حرب إحتلال العراق عام 2003م ، التي قادتها الولايات المتحدة الاميركية ، رُغم ما كان يمتلكهُ العراق من جيشٍ مُنظم و دبابات و أسلحة ثقيلة و صواريخ ، لم تأخذ من الوقت سوى عشرون يوماً أو أكثر بقليل ، حتى بلغت غايتها ، وهذا ما زاد من دهشته و إستغرابه !!
تعمق في البحث عن أسباب قوة ذلك التنظيم أكثر ، علهُ يجدُ سبباً وجيهاً يستطيع أن يُقنعه ، فقرر البحث في قُدرات جنود ذلك التنظيم ، ظناً منهُ أنهُم يَمتلكون قدرات خارقة ، تميزهم عن جنود الجيوش المتحالفة لقتاله ، فوجد بعد مشاهدتهِ للفيديوات و الصور الخاصة بهم ، أنهُم عبارة عن جنود حثالة ، لا يفقهون من العلم شيئاً ، يرتدون ملابس رثة ، و يحملون من القذارة ما لا يحملهُ الحيوان الذي يعيش داخل المجارير الصحية ، فكيف لهم ذلك ، تساءل مندهشاً !!
و بعد أن أرهقهُ البحث و التمحيص في أسباب ذلك الشيئ ، الذي لم يجد له أجابة مُقنعة لدى ساسة العالم ، التي تشارك جيوشهم في التحالف ضد داعش ، قرر أن يسأل شابٌ من أهل العراق ، كان قد وصل تواً الى بلدهِ الأوربي ، بعد أن هاجر إليها هرباً من حروب داعش ، فوجد أنهُ يحمل الكثير من المعلومات الحقيقية عن تساؤلاته ، والتي تخفيها حكوماتهم ، خوفاً من أن تُصبح دليلاً على خُبثهم أمام شعوبهم ، فكان هذا الحوار بينهما :
-الصحفي مخاطباً الشاب : هل لك أن تخبرني عن أسباب قوة داعش ؟
-الشاب : نعم و بكل بساطة ، سبب قوتهم ، هي الدول التي تَدعي محاربتهم .
-الصحفي :وكيف ذلك !!
-الشاب : لأنهم هُم من أنشأهم و سلحهم وأتوا بهم .
-الصحفي : ولما يفعلون ذلك !!
-الشاب : لأن مصالحهم في منطقتنا العربية أقتضت هذا الأمر .
-الصحفي :وهل جميعكم تعرفون هذا ؟
-الشاب : نعم جميعنا يعلم .
-الصحفي : وما هي ردود فعلكم كشعب ، إن كنتم تعلمون ؟
-الشاب : إنقسمنا الى فريقين،أحدنا يأيد التحالف الروسي و الآخر يأيد الاميركي.
-الصحفي : ولماذا تنساقون وراءهم،أن كنتم تعلمون أنهم أساس قوة داعش؟
-الشاب : لأننا بالأساس مختلفون على قضية أكبر من داعش .
-الصحفي مستغرباً : و هل توجد قضيةٌ أكبر من قضية وطن باتَ على المحك !!
-الشاب وهو مُتبسماً بشيءٍ من الخَجل : نعم أظنُ ذلك .
-الصحفي مُتلهفاً لِمعرفة المزيد : وماهي تلك القضية ؟؟
-الشاب : على من كان يستحقُ الخلافة من بعد نبينا عليهِ الصلاة والسلام.
-الصحفي : وهل هناك أمل في الوصول الى الحقيقة ، إن كانت ستوحدكم ؟؟
-الشاب : من المستحيل ذلك ، فعلمُها عند الله وحده ، العاقلُ منا ترك الجدال فيها ، أما الحمقى فمازالوا يتجادلون الى الآن .
-الصحفي متساءلاً ومُسحةٌ من الحُزنِ تُراود عينيه : وهل ستُضيعون وطنكم بسبب هذا الأمر !!
-الشاب يردُ الجواب مصحوباً بعبرةٍ خانقة : وهل ستجدني في بلدك اليوم لو لم أُضع وطني !!
طوى الصحفي وهو يطأطأ رأسه آخر صفحةٍ في دفتر ملاحظاتهِ التي جمعَها عن ذلك الموضوع ، و أختتمها بعبارة ((داعش و العالم .. مهزلة القرن الواحد و العشرين)) .