6 أبريل، 2024 10:59 م
Search
Close this search box.

داعش وفدائيو صدام .. عملة واحدة

Facebook
Twitter
LinkedIn

سأتحدث اليوم عن تفاصيل شخصية لم اتحدث بها من قبل تخص حادثة اختطافي مع خالتي في العراق عام 2006. فمنذ يومين وبشاعة ما ينشر من صور و اخبار وتصريحات وفديوات يثير خبايا ذاكرة اغلقتها منذ سنوات بالرغم من ان تفاصيلها رسخت عندي مفاهيم واراء  لم يتم تداولها بشكل واسع في الاحاديث السياسية العراقية.
خرجت من العراق في شهر ايلوم عام 2006 بعد ان تعرضت مع خالتي التي تعيش معي لعملية اختطاف مدبرة من قبل جاري الذي كان يعمل في السابق في فدائيي صدام.
لم تكن جارتي شيماء المتزوجة من علي صاحب احد المحال التجارية في سوق (الكم) من سكان شارعنا القدامى في منطقة راغبة خاتون بالرغم من ان اهلها من سكان منطقة حي القاهرة القريبة ويعيشون منذ سنوات بعيدة في دار تقع خلف جامع النداء. سكنت شيماء وزوجها في شارعنا (زقاق 5- محلة 316) اواخر عام 2005 وكان ابن اختها (علي منيب) دائم الزيارة لهم في بيتهم بالاضافة الى انه حاول ان يخلق علاقات صداقة واخوة مع الجيران. كان علي الذي لم يكمل دراسته الابتدائية شابا خجولا يبلغ من العمر وقتها اربعة وعشرين عاما عاطلا عن العمل, ودوداً, هادئاً, متعاوناً مع الجميع.
وبعد ان تدهورت الاوضاع الامنية في بغداد وخاصة في منطقة راغبة خاتون والاعظمية بعد احداث سامراء الدامية في شهر شباط كان علي يبيت كثيرا في بيت خالته شيماء- الزوجة الثانية التي يزورها زوجها بين حين واخر. في تلك الفترة كنت قررت ترك العراق وبدأت انا وخالتي بالاستعدادات للسفر وبيع الاثاث والبيت وكانت عائلة شيماء في صدارة من قدموا المساعدة كوننا سيدتان وحيدتان وباسم النخوة والشهامة قدموا لنا الكثير من الخدمات بضمنها مثلا ان علي كان يساعدنا بالتسوق اذا ما اضطربت الاوضاع في منطقتنا وداهمها المسحلون, ايضا يشتري لنا البانزين لتشغيل المولدة, يساعدني في اصلاح سيارتي اذا ما تعطلت. كان هادئا خجولا يستحي من ان يرفع عينيه ليتطلع بوجوهنا.
لا يوجد متسع هنا لسرد باقي الاحداث وكيف خطط علي لاختطافنا, ولكن عندما تم اختطافنا انا وخالتي اخذنا الى بيت جدته (بيت العائلة الكبير الكائن خلف جامع النداء في حي القاهرة) وهناك بقينا محتجزتين ليومين. هناك في بيتهم عرفت بأن علي كان عضوا فعالا في فدائيي صدام وروى لنا (وكان هذا من باب الترهيب) كيف كانت تتم تدريباتهم وكيف دربوا على تقطيع الحيوانات بأسنانهم وأكلها نيئة وكيف قطعوا رقاب القوادات في بيوت الدعارة (تلك الحادثة الشهيرة قبل عام 2003) . روى لنا عن معركة المطار وكيف قطعوا رقاب الجنود الامريكان بالحراب وكيف كانوا يرفعونها علامة للنصر. روى لنا ايضا كيف التقى للمرة الاخيرة بعدي صدام حسين وكيف جاءتهم الاوامر بخلع لباس الفدائيين والاختفاء بعيدا عن الانظار بعد أن جائتهم اخبار بأن القوات الامريكية تبحث عنهم. اتلفوا كل ملفاتهم واوراقهم ووثائقهمواختفوا , غيروا اماكن سكنهم, اتلفوا هوياتهم الشخصية, ساعدهم في ذلك احتراق الدوائر الحكومية التي اخفت اي دليل عن اسمائهم وعناوينهم.
كان (علي منيب) يعشق صدام حسين ونجله عدي ويتكلم عن تلك الذكريات بحرقة, في ذات الوقت وبعد ان غير اوراقه الثبوتية وعنوانه كان قد قدم أوراقه للتعين في حرس وزير الدفاع في عام 2006. كان علي من عائلة معروفة في راغبة خاتون, خالته طبيبة اسنان مشهورة في حينا اسمها سفانة الطائي وخالته الاخرى (خالدة الطائي) مديرة متنفذة في مصرف الرشيد. فدائيو صدام كانوا افرادا يعيشون بيننا باسماء وهمية ويدعون الأخلاق وينتمون لأسر اعتيادية.
بعد ان انقذني القدر من الموت في هذا الاختطاف وخرجت عرفت بأن علي منيب كان واحدا من القتلة المأجورين في منطقة راغبة خاتون وكان قد كون مع اصدقائه عصابة يخطفون السني بأسم جهة شيعية ويختطفون الشيعي بأسم جهة سنية من اجل المال.
غادرت العراق ولم اعرف عنهم شيئا بعدها.. لكن الافكار كانت تتبادر الى ذهني دائما ولطالما تشاركتها كلما سنحت الفرصة ان التقي بمسؤول عراقي او شخص متنفذ في الاعلام. لكن الصمت كان رداً وسيداً لكل حوار تم.
منذ عام 2006 وجرائم قطع الاعناق والتمثيل بالجثث تتسيد المشهد الدامي في العراق. لم يلتفت احد الى مصير هؤلاء الفدائيين, اين ذهبت الميليشيا المتكونة من الاف العناصر المدربة بشكل متقن على الذبح والتمثيل بالبشر؟ من هي القاعدة ؟ من اين جاءت؟ لماذا نشطت في العراق؟ اين ميليشيا الفدائيين التي كانت تكن كل الوفاء والعشق لصدام حسين وحزبه؟هل يقدر قاتل اعتيادي على قطع عنق انسان؟ فكيف بعشرات جرائم قطع الاعناق التي كانت تتم في مناطق مختلفة وتحت مسميات مختلفة؟ الخطابة التي كان يمارسها قادة الارهاب أليست تربية خطب صدام حسين وابنه عدي؟ هل قارنا بين علم داعش وعلم فدائيي صدام؟؟ الزي الاسود؟ الوقفة؟ طريقة القتل؟ التفنن في التمثيل بالاجساد؟ لماذا في هذه الاحداث بالذات ظهر عزت الدوري ليعلن عن دورهم في هذه العمليات بشكل صريح بالصوت والصورة وهو المتواري منذ اكثر من عشرة سنوات؟ لماذا الان رغد صدام حسين تظهر بقوة؟
حزب البعث العراقي كان يعمل بشكل صريح في سوريا بعد سقوط دولة صدام حسين, هذا ما رأيته حينما زرت سوريا عام 2009. القيادات الكبيرة تعيش هناك وتؤدي مهامها في اجتماعات ومؤتمرات يدعمها النظام السوري.
منذ يومين وانا احاول ربط الاحداث ببعضها, مقالات قليلة تنتشر هنا وهناك تتحدث عن فدائيي صدام, صفحاتهم على الفيسبوك تواكب الاحداث اولا بأول وتتبنى مواقف داعش, قناة كاملة على موقع اليوتيوب بأسم فدائيي صدام. اخبار كثيرة عن عودتهم كفصيل فعال في العمليات الاجرامية التي تطال ابناء العراق اليوم.
ألا تتفقون معي ان سلوك داعش هو نفسه سلوك فدائيي صدام؟ وغايتهم واحدة مثلما سيفهم واحد؟ .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب